الرئيسية / الورقية / افتتاحيّة “صوت الشّعب”: حذار من مزيد التّورّط في المستنقع اللّيبي
افتتاحيّة “صوت الشّعب”: حذار من مزيد التّورّط في المستنقع اللّيبي

افتتاحيّة “صوت الشّعب”: حذار من مزيد التّورّط في المستنقع اللّيبي

téléchargement (4)موعد آخر ضربته حكومة الصيد مع التخبّط والارتباك والفشل. ويهمّ الأمر هذه المرّة  صفقة التبادل التي عقدتها مع حكومة المليشيات في طرابلس التي قام أنصارها في واضحة النهار وأمام أعين الجميع باختطاف موظفي القنصلية التونسية بطرابلس بمن فيهم نائب القنصل العام ذاته، من أجل مقايضتهم بوليد القليّب أحد قادة الإرهاب، وهو ما تمّ تحقيقه في غضون أيام معدودة.

إنّ أداء الحكومة لا يشمل فقط كيفية إدارة التفاوض بشأن اختطاف موظفيها. بل الأمر يهم مجمل تعاطيها مع الشأن الليبي الذي لا نبالغ في شيء إن اعتبرناه جزءً من إدارة الشأن المحلي والوطني. ففضلا عن علاقات الدم والعرق والتاريخ التي تؤكد كوننا لسنا أكثر من شعب واحد، فالعلاقة مع الشقيقة ليبيا هي علاقة مركبة اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا. والوضع في هذا القطر أو ذاك ينعكس مباشرة بالإيجاب أو بالسلب على القطر المقابل. وهو ما ثبت في السنوات الماضية. فثورة تونس وجدت صداها في قلب الشعب الليبي الذي انتفض ضد الطغيان. لكن التدخل الاقليمي والخارجي حرمه ومازال من رسم مستقبله بيده.

وقد ساهمت السلطة التونسية في هذا التدخل زمن حكومة الباجي، وزمن حكم الترويكا واليوم. لكنه تدخل منقاد بالمصالح الخارجية المعادية لليبيا شعبا ووطنا. ومصالح الأعداء اليوم هي في تقسيم ليبيا وتفتيتها لمزيد وضع اليد على مقدّراتها وعلى أرضها التي تشكّل مدخلا للقارة الافريقية ولشمالها وللمنطقة العربية شرقها وغربها، وعوض أن تكون سياسة الحكومة التونسية منحازة إلى وحدة ليبيا واستقلال قرارها وسيادتها على ثرواتها، هاهي حكومة الائتلاف الرجعي تواصل سياسة الترويكا التي طالما نقدتها (الأحزاب الثلاثة عدا حركة النهضة) ونقدها الرئيس الحالي الذي بنى مجمل دعايته الانتخابية للوصول إلى قصر قرطاج على نقد أداء فريق الحكم السابق وخاصة سياسته الخارجية بما فيها في ليبيا وسوريا.

لكنّ الأمر تواصل وبشكل أسوأ. فحكومة الصيد/الباجي تعترف بحكومتين بما فيهما حكومة طرابلس الإرهابية التي تفردها بتعامل دبلوماسي وأمني واقتصادي أرفع، وهي تواصل الانخراط في المحاور الرجعية المعادية لشعوبنا. وهي تعقد اتفاقا علنيّا/سريا مع الولايات المتحدة. وحلف الناتو يعطي لتونس مكانة “الحليف الاستراتيجي” في وقت يزداد التحرش بالشقيقة الجزائر من قبل المحور القطري التركي الإخواني الأمريكي الصهيوني، وفي وقت تتضاعف التسريبات حول قرب تنظيم تدخل عسكري  ضد عصابات فجر ليبيا انطلاقا من الجنوب التونسي، لكنّ عاقلا لن يصدّق أنّ هدف ذلك سيكون القضاء على الإرهاب المستشري. فتدخل كهذا ستدفع ضريبته كامل المنطقة وخاصة شعوبها وجماهيرها المفقّرة، وهو جزء من السياسة الامبريالية في المنطقة، سياسة الفوضى الخلاّقة، وخلق بؤر التوتر في كلّ مكان وإشاعة فوضى السّلاح والتوترات العرقية والطائفية كما يجري في بلاد الرافدين وبلاد الشام واليمن وليبيا ذاتها. ويبدو أنّ القرار متّجه إلى إشعال البؤر الاحتياطية في شمال إفريقيا.

إنّ حزب العمال، والجبهة الشعبية، إذ يدين أداء الحكومة ووزارة الخارجية والرئاسة التي لم تتوان عن الكذب عن الشعب بإيهامه أنها لم تقبل بالابتزاز وأنها لم تتدخل في القرار القضائي، فإنه يدعو الحكومة إلى مصارحة الشعب التونسي بحقيقة مواقفها إزاء الملف الليبي بما في ذلك إمكانية تنظيم تدخّل عسكري من قبل حلف الناتو مدعوما بالحلف السعودي المصري الإماراتي ضدّ عصابات فجر ليبيا المدعومة من المحور القطري التركي الإخواني.

إنّ مصلحة تونس وليبيا ليست مع هذه الأحلاف. بل على النقيض منها وبعيدا عنها، حفاظا على وحدة الشعوب والتراب والقرار والسيادة على الثروات لصالح النمو والتقدم، لا لصالح الإرهاب والأهداف الامبريالية والصهيونية.

(“صوت الشّعب”: العدد 182)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×