الرئيسية / صوت الوطن / تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية.. جريمة دولة.
تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية.. جريمة دولة.

تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية.. جريمة دولة.

 لم تتجرأ إحدى دول العالم على القطع مع الانتدابات صلب الوظيفة العمومية  رغم ارتفاع عدد العاملين بالمؤسسات العمومية  و رغم وضعها المالي الصعب أحيانا و تراجع مداخليها و تبقى المنشآت العمومية و الوظيفة خطا أحمرا دائما  لا يمكن المساس بها أو التراجع في نسب الانتدابات داخلها و ما من دولة تجرأت على ذلك إلا و كان مآلها الخراب و الإفلاس .

 أ ـسباب تفاقم انهيار المؤسسات العمومية :

من أهم المشاكل التي  تعرضت لها المؤسسات العمومية بعد ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي هي التعيينات الحزبية  و التي أضرت بمستوى الخدمات و كرست تدني الإنتاجية  و التسيير البيروقراطي فكلما إرتفع عدد الأعوان  الذين تم انتدابهم حسب و لائهم للأحزاب الحاكمة كلما ضعفت إنتاجيتهم و غابت المردودية  و ارتفعت تكاليف الأجور مما يساهم في تراجع مدا خيل الدولة  ناهيك عن ضعف التأطير و الرقابة و الهيئات الرقابية  و الدور القذر أللذي لعبته بعض هياكل الإتحاد العام التونسي لشغل .

  • القطع مع الانتدابات و تـأبيد  البطالة جريمة دولة بامتياز:

 عندما تتراجع الدولة عن دورها في تشغيل خريجي الجامعات  المعطلين عن العمل و الذين دامت بطالتهم أكثر من عشر سنوات و يتم إيهام أبناء الشعب أن بطالتهم قضاء و قدرا و تتنصل الحكومات عن مسؤوليتها في تفاقم الفقر و البطالة من خلال خيارات اقتصادية و سياسية  لا علاقة لها بطموحات و مشاغل المعطلين عن العمل و التي هي بعيدة كل البعد عن استحقاقات الثورة من شغل و كرامة وطنية تصبح البطالة التي تعيشها نسبة هامة من أبناء الشعب المهمش جريمة دولة  بامتياز مثلها مثل الإبادات الجماعية و المجاعات .

هذه البطالة المؤبدة ستسوق شبابنا نحو الجريمة المنظمة أو اللجوء لقوارب الموت و الأمراض الاجتماعية  التي ستسحق  بمستقبل أجيال.

  • الحل ليس في غلق باب الإنتدابات :

 ر غم تطور عجز بعض بلدان العالم و ارتفاع ديونها فإنها لم تقطع مع الإنتدابات  صلب الوظيفة العمومية   و إنما سعت لتغيير توجهاتها السياسية و الاقتصادية لتجاوز أزماتها  فالمشكل هيكلي أساسا و متعدد الأبعاد و ليس اقتصاديا فحسب و لم تفكر هذه الدول مطلقا  في تجميد الانتدابات أو ضرب حق شعوبها في التشغيل و الذي هو حق دستوري  بالأساس  ، كان على الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة إدخال نمط إنتاجي جديد مشفوع بإصلاحات  كبرى عن طريق مقاومة الفساد و التخلي عن التسيير البيروقراطي للمؤسسة العمومية و التعامل معها على أساس كونها وحدة إنتاج و ليس (رزق الياي ليك).

إن الصراع القائم بين مافيا و لوبيات العائلة الحاكمة من أجل المواقع  و المناصب و الكراسي سيعمق أكثر فـكثر البطالة  و هذه الهوة السحيقة بين من تقلدوا الحكم ومختلف فئات الشعب سيجر  البلاد نحو الخراب و الهاوية  في ظل ضعف قيادات إتحاد الشغل و اصطفافهم حول احد الإطراف الحاكمة في خضم صراعها ،لتبقى الشوارع و الميادين  ملاذ مئات الآلاف من المجوعين و المعطلين عن العمل في هذا الوطن المنكوب  و هي الخيار الوحيد و الفيصل لأنصاف المسحوقين من أبناء هذا الشعب الذي طعن في ثورته .

محمد الحربي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×