الرئيسية / أقلام / ثلاث رسائل إلى المجلس المركزي للجبهة الشعبية
ثلاث رسائل إلى  المجلس المركزي للجبهة الشعبية

ثلاث رسائل إلى المجلس المركزي للجبهة الشعبية

 تقديم :

نشر حزب العمال في الأيام الأخيرة وثيقتين هامتين، الأولى بعنوان: “حول تكتيك الجبهة الشعبية ومسألة “الدخول في الحكومة” والثانية بعنوان: “كيف نتقدم بالجبهة الشعبية؟” وكان الهدف من نشر هاتين الوثيقتين الرد على سلسلة الادعاءات التي أطلقها بعض قادة حزب الوطد الموحد بهدف طمس طبيعة الخلاف السياسي الذي يشق الجبهة الشعبية من جهة والإساءة إلى الناطق الرسمي للجبهة والأمين العام لحزبنا الرفيق حمه الهمامي من جهة ثانية. لقد تنصل قادة حزب الوطد الموحد من أية مسؤولية عن الأزمة التي وضعوا فيها الجبهة الشعبية وراحوا يلقون المسؤولية على غيرهم بتزوير الحقائق واختلاق الأعذار لسلوكهم الخاطئ.

إن الوثيقتين الصادرتين تعلقت أولاهما بالخلاف حول مسألة الدخول إلى حكومة الشاهد المكونة من “حركة النهضة” الإخوانية ومن بقايا النظام القديم وبعض مجموعات اليمين الليبرالي الأخرى. أما الوثيقة الثانية فهي تتعلق بتقييم أوضاع الجبهة الشعبية وفيها وقوف عند أخطاء الجبهة ونقائصها السياسية والتنظيمية والعملية واقتراح للحلول الكفيلة بالنهوض بأوضاعها وتعميق مكتسباتها وتوسيع إشعاعها وهو ما يفنّد ادعاءات بعض قادة الوطد الموحد الذين لا يقدمون شيئا داخل الجبهة لتصحيح أوضاعها ولكنهم يتباكون عليها في وسائل الإعلام أو في اتصالاتهم الجانبية ببعض مناضلات الجبهة ومناضليها مدّعين أنهم “الأحرص” على تطوير الجبهة الشعبية ولكنهم “لا يجدون من يتفاعل معهم”، بغاية تشويه الناطق الرسمي وبقية قيادات الجبهة الشعبية وتحميلهم مسؤولية التعطل داخل الجبهة.

وننشر اليوم ثلاث رسائل موجهة إلى المجلس المركزي. الأولى بتاريخ 28 سبتمبر 2018. وهي صادرة عن حمه الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية وفيها يردّ على ادعاءات بعض قيادات حزب الوطد الموحد التي تُروّج في وسائل الإعلام ما مفاده ضمنيا أن حمه الهمامي يحتكر خطة الناطق الرسمي ويرفض التداول عليها. أما الرسالة الثانية بتاريخ 21 نوفمبر 2018 فهي موجهة من الناطق الرسمي أيضا إلى المجلس المركزي وفيها إلحاح على التسريع بإتمام الاستعدادات لعقد الندوة الرابعة وفي ذلك تفنيد لما جاء في بعض تصريحات قيادات الوطد الموحد من أن حمه الهمامي وحزب العمال يماطلان في عقد هذه الندوة. وأخيرا فإن الرسالة الثالثة، وهي موجهة من اللجنة المركزية لحزب العمال إلى أعضاء المجلس المركزي، أتت على مختلف مظاهر التعطل داخل الجبهة ودعت الجميع إلى تحمل مسؤوليته قصد تجاوز هذا التعطل.

إن أهمية هذه الرسائل، وهي موجودة عند كافة أعضاء المجلس المركزي، تكمن في كونها تُفنّد كما قلنا العديد من الاتهامات الباطلة التي روجت على حساب الناطق الرسمي. وما يمكن ملاحظته في هذا السياق هو أنه رغم التعاطي السلبي مع هذه الرسائل من طرف بعض مكونات الجبهة الشعبية، فإن الناطق الرسمي واصل مهامه، كما فعل في السابق حين تعرض أكثر من مرة إلى التشهير والتشويه من بعض قيادات حزب الوطد الموحد سواء في الإعلام أو في شبكات التواصل الاجتماعي، بكل روح رفاقية والتزم بالمشترك الجبهوي وكان حضوره الإعلامي والميداني بالخصوص بنفس التواتر وبنفس القوة ولم يعمد إلى التهريج في وسائل الإعلام والقدح في رفيقاته ورفاقه والتشهير بهم وادعاء البطولات الفارغة، بل حافظ على الأمر داخل أطر الجبهة واجتنب إرباكها وحين سئل عديد المرات عما يوجه إليه من انتقادات واتهامات فقد كان يجيب بأنها صادرة عن رفاق له وأنه يحقّ لهم التكلّم فيه بكل حرية.

 إن بعض قيادات الوطد الموحد تتبع تكتيكا أصبح الجميع في الجبهة الشعبية يعرفه عن ظهر قلب وهو يتمثل في تعطيل العمل داخل أطر الجبهةْ مركزيا وجهويا ومحليا وقطاعيا والتصريح بعكس ذلك خارج هذه الأطر للضغط على مكونات الجبهة وفرض أجندات شخصية أو حزبية ضيقة عليها. وهو ما لم يقبله لا حزب العمال ولا بقية المكونات. إن محاضر جلسات المجلس المركزي موجودة وهي الشاهد على سلوك كل طرف. إن الحيلة في ترك الحيل كما يقال، فما دام الخلاف سياسيا فلتقع مواجهته بوضوح وبعيدا عن الخزعبلات التي لا يهابها أحد.

إن جوهر الخلاف، كما أوضحنا ذلك في مناسبات أخرى، سياسي وهو يتعلق بالتكتيك وتحديدا بالموقف من اليمين الليبرالي أي من الباجي قايد السبسي وجماعته، فتحت غطاء مقاومة حركة النهضة الإخوانية تتم الدعوة إلى مهادنة “نداء تونس” بتفرعاته والحال أنه هو الذي تحالف مع حركة النهضة وأوصل البلاد بمعيتها إلى ما هي عليه من أزمة شاملة. وقد انعكس هذا الخلاف على حياة الجبهة الشعبية وأصابها أحيانا بالتعطل لأن حزب الوطد الموحد خاصة يرفض حلّ الخلافات بالطرق الديمقراطية وهو ما جر المجلس المركزي لمدة سنوات إلى البحث عن حلول توفيقية تؤبد الخلافات وتعمق الأزمة داخل الجبهة.

إن حزب الوطد الموحد يحاول طمس هذا الخلاف السياسي واختزال المشكل في أنه ثمة من يريد مقرطة الحياة داخل الجبهة وطرف “بيروقراطي” يعترض على ذلك ويعطّل تطور الجبهة. ولو أننا رجعنا إلى محاضر الجلسات فإننا سنلاحظ العكس تماما أي أننا سنلاحظ أن مواقف ممثلي الوطد الموحد في المجلس المركزي لا علاقة لها بخطابهم “الديمقراطي” في وسائل الإعلام وأنهم يتهمون غيرهم بما يمارسونه هم على وجه التحديد.

فعلى سبيل المثال عندما أنجز النقاش الخاص بالندوة الوطنية الرابعة للجبهة كان موقف ممثلي حزب الوطد مبنيا على الازدواجية فقد قدموا في ورقتهم الخاصة بالهيكلة والتنظيم مقترحا مفاده دمقرطة الحياة الداخلية للجبهة “بشكل متدرج” ولكنهم أثناء النقاش في اجتماعات المجلس المركزي دافعوا عن المحاصصة وعن “تمثيلية متكافئة وعادلة” لكل الأطراف تستوي فيها كل الأحزاب وهو ما يعني نسف مبدأ الديمقراطية والتمثيل النسبي والكفاءة والنجاعة.

وإلى ذلك فقد رفض ممثلو نفس الحزب أن تكون الندوة الوطنية الرابعة انتخابية فقد دافعوا عن تزكية القيادة حسب ما تطرحه الاحزاب من أسماء مرشحة للهيئة السياسية الجديدة والمكتب التنفيذي. أما بخصوص الناطق الرسمي فقد دافعوا عن تعيينه “بالتوافق” دون الالتجاء إلى الانتخاب، مع التلميح إلى أنه يجب أن يكون من حزب الوطد الموحد، وهو ما يعني شطب شرط الديمقراطية. كما أنهم رفضوا رفضا مطلقا العودة الى قواعد الجبهة ومجالسها الجهوية في تحديد المرشحين لرئاسة قائمات الانتخابات التشريعية تمسكا بمبدأ المحاصصة. وهو ما يتناقض مثلا مع مطالبتهم “بتوسيع التشاور” لاختيار مرشح الجبهة للرئاسية بعد أن لاحظوا أن الأغلبية الساحقة من المكونات تعترض على ترشيح مرشحهم.

ومن جهة أخرى فقد دافعوا عن إعادة ترشيح كافة عناصر كتلة الجبهة بالبرلمان دون تقييم لأدائهم وبعيدا عن استشارة القواعد، ولم يخف على بقية أعضاء المجلس المركزي أن هدف حزب الوطد الموحد من هذه العملية هو أولا استعمال المنسحبين من حزب العمال ضد حزب العمال بقطع النظر عن أدائهم وثانيا فرض بعض النواب الذين فقدوا ثقة رفيقاتهم ورفاقهم في الدورة النيابية الحالية ولم يعد مرغوبا في إعادة ترشّحهم بسبب تقصيرهم، والهدف من كل ذلك هو كسب هؤلاء وأولئك إلى جانبهم في مواجهة أغلبية المجلس المركزي.

وإلى ذلك كله وخلافا لما تروجه بعض قيادات الوطد الموحد من أن بقية المكونات وخاصة حزب العمال تعرقل تقييم مسار الجبهة  فإن ممثلي “الموحد” في المجلس المركزي هم الذين عطلوا الجلسات الخاصة بتقييم أداء هياكل الجبهة ومجلسها المركزي وأعضاء كتلتها النيابية مكتفين في كل مرة بتحميل الناطق الرسمي كل مظاهر الفشل والتقصير في اداء الجبهة بهدف ضربه من منطلقات انعزالية مقيتة تحضيرا لترشيح المنجي الرحوي للرئاسية من جهة وترشيح أحد قياديهم لخطة الناطق الرسمي من جهة ثانية وهو أمر كان بإمكان الوطد الموحد القيام به دون هذه الأساليب غير النضالية وغير الرفاقية إذ لا أحد يعترض على حقهم في الترشح لأي خطة أو انتخابات…

وقد استمر هذا السلوك لما يقارب العام مع التعلل أحيانا بالعودة الى اللجنة المركزية للحزب أو افتعال مشاكل جانبية للنقاش او الغياب المتعمد عن اجتماعات المجلس المركزي. إن حزب الوطد الموحد يدرك جيدا أن الدخول في تقييم مفصل وجدي سيضعه في مأزق لأن غالبية هياكل الجبهة الشعبية في الجهات وفي مختلف القطاعات تُحمّل دائما مناضلي حزب الوطد الموحد مسؤولية عرقلة النشاط والتنظيم: “لا يخدموا لا يخلوا اشكون يخدم”، هذه هي العبارة التي تتردد في معظم الجهات. أما في خصوص تقييم أداء الناطق الرسمي فهم يجتنبونه لأنهم يعرفون أنهم سيصطدمون بموقف غالبية مكونات الجبهة.

ومن جهة أخرى فإن كثرة الحديث عن هيكلة الجبهة الشعبية وتنظيمها تقابلها في الواقع حقيقة يعرفها كافة أعضاء المجلس المركزي وهي أن المسؤول عن دائرة التنظيم والهيكلة هو أحد ممثلي الوطد الموحد في المجلس المركزي ولسائل أن يسأل من الذي منعه من توزيع الانخراطات لأكثر من ثلاث سنوات متتالية بأعذار مضحكة في أغلب الاحيان ولكن بخلفية سياسية مبيته، فالوطد الموحد تعاطى مع المسألة لا من زاوية مصلحة الجبهة في الانتشار والهيكلة بل من زاوية منْ سيكون المستفيد من هذه العملية؟ وبعد ذلك نسمع الوطد الموحد يتحدث عن استفتاء قاعدي للجبهة حول مرشح الرئاسة والحال ان الجسم الجبهوي جسم هلامي في غياب شرط الانخراطات والهيكلة الواضحة.

وأخيرا وليس آخرا فإن بعض قادة الوطد الذين يتحدثون عن وحدة الجبهة الشعبية وخاصة عن التمسك بها هم أنفسهم الذين نسمعهم في وسائل الإعلام يرددون منذ 2017 أن الجبهة “انتهت” وأن المشروع الوطني الديمقراطي لن يحققه إلا “الوطنيون الديمقراطيون المنتشرون في مواقع عدة” (ما هي هذه المواقع وهل تندرج فيها قرطاج والقصبة وبعض أجهزة الحكم؟). وقد أكد بعض النواب الذين حضروا جلسة الكتلة التي قرر فيها التسعة فجأة الاستقالة من الكتلة وحلّها، أن الجملة الأكثر ترديدا على لسان بعض المستقيلين هي التالية: “الجبهة انتهت ونحن على أبواب مرحلة جديدة محورها الصراع على الشقف”.

إن كل هذه المعطيات نسوقها حتى يفهم الجبهويون والجبهويات طبيعة الخلاف داخل الجبهة ويميزوا بين الواقع وما يقال في وسائل الإعلام. ومن هذا المنطلق فإن الحفاظ على الجبهة الشعبية إطارا للنضال يقتضي محاسبة من أراد سياسيا الانحراف بالجبهة نحو اليمين الليبرالي ومن داس أسس العمل الجماعي وفرض أجندته الخاصة. أما محاولة إعادة لم الشمل بشكل عاطفي فهي لا تساعد بالمرة لا على الحفاظ على الجبهة الشعبية ولا على تطويرها، فالجبهة كائن حي تشقه الصراعات والخلافات وتتجدد فيه “الخلايا” في كل مرحلة من مراحل تطوره. إن حزب الوطد الموحد هو الذي وضع نفسه في مواجهة أغلبية مكونات الجبهة وهو الذي سعى إلى فرض أجندته عليه إذ يعرف الجميع أنه لا أحد في الجبهة له رغبة في إقصاء لا الوطد الموحد ولا أي مكون آخر.

حزب العمال

 

الرسالة الأولى

تونس في 28 سبتمبر 2018

رسالة من الناطق الرسمي

إلى المجلس المركزي للجبهة الشعبية

الرفيقات والرفاق الأعزاء

أعضاء المجلس المركزي

تحية نضالية وبعد،

فإنّني أتوجه إليكم بهذه الرسالة لأطرح عليكم موضوع خطّة الناطق الرسمي للجبهة الشعبية. فقد أثارها مرة أخرى، عبر وسائل الإعلام، قياديون من حزب الوطنيّين الديمقراطيين الموحّد وهم الرفاق منجي الرحوي ومحمد جمور وزياد الأخضر، طالبين التّداول على هذه الخطة بل إن الرفيق منجي الرحوي طالب، في تصريح لجريدة المغرب، بأن يتخلّى حمه الهمامي مباشرة عن خطة الناطق الرسمي ويعوّضه إمّا رئيس الكتلة البرلمانية الرفيق أحمد الصدّيق أو الأمين العام لحزب الوطد الموحّد الرفيق زياد الأخضر.

إن هذه المسألة لا تهمّ لا حزبا ولا شخصا بعينه يحتكر فيها سلطة القرار، بل تهمّ كافة مكونات الجبهة الشعبية أحزابا ومستقلّين. كما أنّ إثارتها بهذا الشكل، عبر وسائل الإعلام، أي خارج أطر الجبهة، ينطوي، بقطع النظر عن النوايا، على إيحاءات سيئة وهي أن حمه الهمامي “متشبّث” بخطة الناطق الرسمي، و”رافض” التّداول، بل إنّ ما قيل في بعض وسائل الإعلام يوحي بأكثر من ذلك وهو أن الناطق الرّسمي “متشبّث” بالخطّة المذكورة رغم “فشله” و”فشل المجلس المركزي” في إدارة الشأن الجبهوي، وهو بالتالي “يعرقل” إصلاح وضع الجبهة وتقدّمها مما يجعل من تعويضه “شرطا” لتصحيح أوضاع الجبهة.

إنكم تعلمون أيها الرفيقات والرفاق أنكم أنتم، أعضاء المجلس المركزي، من كلفني بالإجماع بهذه المهمة، وأنني لم أفرض نفسي على أحد. وقد كان بإمكان من يريد تغيير الناطق الرسمي أن يطرح ذلك متى شاء وكيفما شاء في أطر الجبهة لتبتّ في الأمر، مع العلم أنّني كنت طلبت شخصيا عند مناقشة خطة الناطق الرسمي، ألّا ُينتخب من الندوة الوطنية حتى لا يتحوّل إلى مؤسسة مستقلّة بذاتها وفوق المجلس المركزي، ودافعت عن انتخاب الناطق الرسمي من هذا المجلس باعتبار ذلك أكثر ديمقراطية. وإلى ذلك فلست أنا المسؤول لا وحدي ولا بصورة أساسية عن تأخّر انعقاد الندوة الرابعة التي كانت ستنظر في هيكلة الجبهة بل إن المسؤولية تتحملها كل المكونات التي لم تتوفق إلى توفير شروط انعقاد هذه الندوة.

وإذا كنت أقبل النقد من أيّ مناضل أو مناضلة من الجبهة، لأنّني لا أعتبر نفسي مطلقا فوق النقد، وإذا كنت أعتبر أن من حق أي مكون من مكونات الجبهة أن يطرح مسألة التداول على خطة الناطق الرسمي أو حتى إقالته، فإنني لا أقبل بأيّ صورة من الصّور، لا كشخص، ولا كأمين عام لمكوّن من مكونات الجبهة، أساليب التّشهير أو التشويه المباشر أو المبطّن خاصّة عبر وسائل الإعلام التي تحفّظت إلى حد الآن عن الرد على ما جاء فيها اجتنابا لمزيد الإضرار بالجبهة وبصورتها في هذا الوقت الذي يتكالب فيه عليها أعداؤها وخصومها بهدف تهميشها وتفكيكها في إطار خطة رجعية واضحة لإعادة تركيب المشهد السياسي خدمة لمصالح هذا الشق أو ذاك من شقوق الرجعية.

لذلك فإنّني أطلب من المجلس المركزي أن يضع في أول اجتماع له موضوع إعادة انتخاب الناطق الرسمي للجبهة الشعبية ضمن جدول أعماله، مع احترام حقّ كافة أعضاء المجلس في الترشّح. إن هذا التمشّي سيعفي الجبهة من هنا إلى الندوة الوطنية الرابعة، التي ينبغي أن تلتئم في أسرع وقت، من إشكال إضافي ويسمح لها بالتركيز على المسائل الجوهرية التي تعيق حقا تطورها والتي ينبغي أن تكون في مقدمة اهتماماتها وأعني خاصة المسألة السياسية: خط الجبهة السياسي وبرنامجها واستراتيجيتها وتكتيكها بالإضافة طبعا إلى هيكلتها وأساليب عملها الخ…

مع الشكر وأشد على أياديكم

رفيقكم حمه الهمامي

الرسالة الثانية

رسالة من الناطق الرسمي

إلى المجلس المركزي للجبهة الشعبية

تونس في 19 نوفمبر 2018

الرفيقات والرفاق أعضاء المجلس المركزي

تحية نضالية وبعد،

فإن شهر نوفمبر يشارف على النهاية ومع ذلك فإننا لم نتقدم ولو خطوة واحدة في الإعداد للندوة الوطنية الرابعة للجبهة الشعبية التي قررناها لنهاية هذا العام وفي أقصى الحالات لبداية العام الجديد على ألا يتجاوز تاريخ انعقادها منتصف شهر جانفي القادم.

لقد قررنا البدء في مناقشة المادة التي من المفروض أن تقدمها أحزاب الجبهة والمستقلون، يوم 22 سبتمبر الماضي على أن ينتهي النقاش ويحوصل في وثيقة في نهاية نفس الشهر ثم تعمّم الحوصلة على مناضلات الجبهة ومناضليها لمناقشتها.

ولكن التأخير في تقديم المساهمات والالتزامات الحزبية حالت دون التقيد بتلك المواعيد. وحتى بعد أن تقدمت غالبية الأحزاب والرفيقان المستقلان (منيرة وفرج) بمساهماتهم وتم الاتفاق على البدء في النقاش فقد سقطنا من جديد في التأجيل لهذا السبب أو ذاك.

وبالنظر إلى أنه لا يمكننا الاستمرار في هذا الحال كما أنه لا يمكننا بأي وجه من الوجوه نقض ما اتفقنا عليه بخصوص موعد عقد الندوة الوطنية، فإنني أدعو كافة الرفيقات والرفاق إلى تدارك ما فات من وقت وإلى تخصيص الطاقات والوقت اللازمين للإيفاء بالتزاماتنا فلا الوضع بالبلاد ولا الحالة داخل الجبهة يسمحان بمواصلة نفس السلوك.

وفي هذا السياق فإنني أقترح العودة إلى مقترح كان طرحه بعض الرفاق في البداية وهو تكوين لجنة تتولى حوصلة الوثائق لإبراز نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف التي تكون موضوع نقاش نمزج فيه بين الشفوي المباشر وبين الكتابي على ألا يتجاوز ذلك نهاية شهر نوفمبر الجاري.

كما أنني أذكر بأننا اتفقنا على أن يشمل النقاش السياسي، موضوع الانتخابات التشريعية والرئاسية حتى لا نسقط في الأخطاء التي وقعنا فيها في المحطات الانتخابية السابقة وآخرها الانتخابية البلدية. وفي هذا السياق فإنني أقترح أن يقدّم كل مكون من مكونات الجبهة الشعبية وثيقة تحوصل رؤيته ومقترحاته بالنسبة إلى هذه المسألة كي تناقش وتحسم في الندوة الوطنية.

مع التحية

حمه الهمامي

الناطق الرسمي للجبهة الشعبية 

 

 

الرسالة الثالثة

تونس في 29 ديسمبر 2018

رسالة من اللجنة المركزية لحزب العمال

الرفاق الأمناء العامين

الرفاق أعضاء المجلس المركزي

تحية نضالية وبعد،

فيسعدنا أن نتوجه إليكم بالشكر على حضوركم افتتاح مؤتمرنا الوطني الخامس. كما أنه يسعدنا أن نعلمكم بأن مؤتمرنا خصص جانبا من نقاشاته لأوضاع جبهتنا وكيفية النهوض بها.

لقد أكد مؤتمرنا التمسك بالجبهة الشعبية إطارا للنضال المشترك تفرضه مهام المرحلة التي تعيشها بلادنا منذ سقوط الدكتاتورية، معتبرا الجبهة الشعبية مكسبا في غاية الأهمية لا بد من الحفاظ عليه وهو ما لا يمكن أن يتحقق دون تصحيح وتطوير.

إن الجبهة الشعبية وصلت اليوم إلى مرحلة أصبح فيها التصحيح أمرا ضروريا ومستعجلا لضمان استمرارية التجربة وتوفير عوامل النجاح لها. إن الجبهة الشعبية تشهد تعطلا في كافة المستويات السياسية والتنظيمية والعملية. وهي لا تكاد تعبر عن نفسها إلا بشكل جزئي ومتقطّع من خلال بعض البيانات أونشاط الكتلة البرلمانية وبعض التنسيقيات الجهوية والمحلية أو الحضور الإعلامي لبعض قياداتها. وهو وضع لا يستجيب بالمرة لمتطلبات الواقع السياسي العام المتطور والمتقلب باستمرار ولانتظارات مناضلاتها ومناضليها الذين يراهنون على أن تكون جبهتهم بديلا حقيقيا لمنظومة الحكم الرجعية الحالية التي أغرقت البلاد في أزمة حادة، عامة وشاملة، تهدد مكتسبات المسار الثوري وتؤشر لعودة الاستبداد بأغلفة قديمة جديدة.

لقد بدأ المجلس المركزي تقييما بعد الانتخابات البلدية أريد به أن يكون مدخلا لتقييم أعم وأشمل. وكان من المفروض أن لا يتوقف هذا التقييم عند بعض السمات العامة وأن يتواصل ويتعمق ويأخذ بعدا ملموسا لينتهي إلى استنتاجات واضحة وعملية تهم الخط السياسي للجبهة وبرنامجها وتنظيمها ونشاطها وطرق عملها، وتكون مادة للندوة الوطنية الرابعة للجبهة التي تم الاتفاق على تنظيمها في نهاية العام وفي أقصى الحالات في النصف الأول من شهر جانفي 2019 أخذا بعين الاعتبار التزامات بعض المكونات (عقد مؤتمرات الخ…). وقد قدمت غالبية مكونات الجبهة، بمن فيها حزبنا، ورقات سياسية تقييمية وضبطت رزنامة لمناقشتها ولكن مع الأسف ظلت هذه المناقشة، التي كان من المفروض أن تنتهي في موفى سبتمبر الماضي، تتأجل لهذا السبب أو ذاك ولم تتم إلى حد الآن، وهو ما كان له انعكاسات سلبية على حياة الجبهة ومناضلاتها ومناضليها.

إن حزبنا يرى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر الوضع على ما هو عليه دون تعريض الجبهة الشعبية إلى مزيد الانحلال. إن الوضع العام بالبلاد يشهد توترا وتعقيدا كبيرين: من جهة قوى الثورة المضادة تغرق البلاد في النفق وتتصارع وتحيك المؤامرات وعينها على انتخابات 2019 لفرض نيرها على الشعب بالاستناد إلى القوى الاستعمارية، ومن جهة أخرى غليان شعبي يتترجم في العديد من التحركات المؤطرة نقابيا أو غير المؤطرة. وبالمقابل فإن الجبهة الشعبية تكاد تكون غائبة فلا هي تواكب التحركات وتسهم فيها وتقدم لها تصورا سياسيا لتطويرها وربطها بهدف محدد حتى لا تكون ضحية لعفويتها ولتلاعبات (manipulations) بعض الأطراف الرجعية والانتهازية، ولا هي تستعد لانتخابات 2019، وتكاد تكون هي الوحيدة (التيار الديمقراطي وجماعة مهدي جمعة والمستقلون وغيرهم يشتغلون منذ مدة على انتخابات 2019: دفع المواطنين إلى التسجيل في القائمات الانتخابية، العمل على تشكيل تحالفات الخ…) التي لم تفكر إلى الآن بجدية في هذه الانتخابات وكأنها لم تستوعب درس الانتخابات البلدية الأخيرة.

إن حزبنا يرى أن لا فائدة اليوم في مزيد إضاعة الوقت وعلينا تدارك ما فات وهو ما يتطلب من كافة مكونات الجبهة الشعبية تحمل مسؤولياتها وتخصيص الوقت والجهد الضروريين لإنجاز ما ينبغي إنجازه من مهمات. إن الجبهة مطالبة بالاشتغال مباشرة على ثلاثة مستويات: أولا: الانخراط المباشر في النضالات الشعبية وفق تصور سياسي تكتيكي واضح يحدد للحركة هدفا ملموسا في اللحظة الراهنة وهو أمر مباشر لا يتحمل أي تأخير. ثانيا: مواصلة التقييم والإعداد للندوة الوطنية الرابعة وهو ما لا يمكن أن يبقى مفتوحا إلى ما لانهاية بل لا بد من تسقيفه مثله مثل ضبط تصور ملموس للانتخابات الرئاسية والتشريعية. إن حزبنا متمسك بآخر شهر جانفي الحالي موعدا لحسم هذه المسألة أو على الأقل حسم مسألة الانتخابات في هذا الموعد مع شيء من المرونة من حيث الوقت في خصوص نقاش بقية مواضيع الندوة السياسية والتنظيمية. إن حزبنا يعتبر أن إعادة تجربة انتخابات 2014 و2018 ستكون نتائجها كارثية هذه المرة على الجبهة بحكم الظروف السياسية السائدة، ولا نعتقد أنه يوجد من بين مكونات الجبهة من هو مستعد لتحمل مسؤولية مثل هذه النتائج.

إن إيجاد الصيغ التنظيمية والعملية لتنظيم هذه النقاشات أمر يسير في رأينا. ونحن نعتقد أن للأمناء العامين لأحزاب الجبهة، إضافة إلى باقي أعضاء المجلس المركزي مسؤولية كبيرة في إنجاح هذا التمشي.

عن اللجنة المركزية لحزب العمال

الأمين العام

حمه الهمامي

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×