الرئيسية / صوت الوطن / عندما تناور بعض الشركات الأجنبية وتغادر البلاد دون أدنى آهتمام بمصير أبنائها
عندما تناور بعض الشركات الأجنبية وتغادر البلاد دون أدنى آهتمام بمصير أبنائها

عندما تناور بعض الشركات الأجنبية وتغادر البلاد دون أدنى آهتمام بمصير أبنائها

biz            هم أحد عشر فنيا ومهندسا، من خيرة الكفاءات التّونسيّة في مجال صنع معدّات نقل وتحويل المحروقات، مهددون بالطرد بفعل صمت السلطات المحلية والجهوية بولاية بنزرت وتواطئها مع المستثمر الأجنبي، صاحب شركة بوكار (boccard tunisie)الذي سبق له أن تخلص بطرق ملتوية من 30 عامل مقابل منحة طرد تساوي راتب 9 أشهر، رغم أقدميتهم بالمؤسسة التي تتراوح ما بين 8 و36 سنة عمل… يحدث هذا بشركة (boccard tunisie) المتفرعة عن شركة سابوران (sabourin) التي تم غلقها والتي (رغم أنها) تعد من أقدم شركات التصنيع في بلادنا (1940) أين قامت ببناء أكبر المصانع الوطنيّة، مثل مصنع الفولاذ بمدينة منزل بورقيبة ومصنع السكّر في باجة وبوسالم بولاية جندوبة، وبتصنيع المعدات اللازمة لتشغيل هذه المصانع وبإنجاز مركزية رادس للشركة التونسية للكهرباء والغاز وخط نقل البترول الرابط بين تونس وبنزرت وغيرها من المؤسسات التي ساهمت، لسنوات طويلة، في تكديس أرباحه.

            في الأثناء، تلاحقت المناورات وبرزت أولى بوادرها بصفة جلية سنة 1993، حين عمد صاحب شركة سابوران السيد دنيس (denis) إلى بيعها لمجموعة من المستثمرين، المحليين والأجانب، من أهمّهم رجل الأعمال التونسي فريد عبّاس والفرنسي برونو بوكار (bruno boccard)، الذين قاموا بحصر إختصاصها في مجال تصنيع الأنابيب النّاقلة للغاز والبترول ذات الجودة العالية، بشهادة المستثمرين والمختصين في مجال المحروقات، خصوصا بعدما نجحت الشركة في المحافظة على الإطار الفني المتمرس ( 11 فني ومهندس) والإستفادة من خبرة العمال القدامى الذين أعيد انتدابهم للعمل بالمقر الجديد للشركة الكائن بالمنطقة الصناعية بجهة ماطر، دون إعتبار الأقدمية التي يحوزونها، بعدما حسم الخلاف الذي نشأ بين عباس وبوكار حول توجهات الشركة لصالح هذا الأخير وتم إعلان إفلاس الشركة القديمة في جانفي 2007 وانطلاق الشركة الجديدة في العمل، بداية من مارس 2007، تحت إسم “boccard tunisie” وبطاقة انتاجية هامة إلى موفى ديسمبر2010، عندما لم تتوصل الشركة إلى إبرام عقود جديدة بتعلّة “أسباب أمنيّة غير مستقرّة” (الثورة).

            حينها إغتنمت شركة بوكار الفرصة، من جديد، لتسريح ما تبقى من العملة مع إعطائهم تعويضات على سنوات محدودة من الأقدميّة (5 سنوات فقط رغم أنّ أغلبهم يشتغلون معها منذ الثمانينات ولكن خسرو سنوات الأقدمية عند أمضاء العقود مع الشركة الجديدة) والتجأت إلى المناولة كلّما احتاجت الى اليد العاملة، فكان المناول يقوم بجلب العملة من بين هؤلاء الذين وقع تسريحهم. في 2014، قدّمت الشركة طلبا لتصنيع معدّات شركة غاز الجنوب في تونس لكن شركة OMV تحصّلت عليه بصفة مشبوهة جدّا ثمّ فرّطت فيه لفائدة شركة بوشمّاوي. عندها، اجتمع مدير المصنع بالاطارات واقترح عليهم تخفيض رواتبهم ب20% الى أن تتحصل الشركة على عقد عمل جديد، وذلك من غرة نوفمبر 2014 الى 30 أفريل 2015، يتم إثرها إرجاع النسبة المخصومة من الرواتب على دفعات وتسديد الأجور كاملة. وفي صورة عدم الحصول على عقد، يتم دفع تعويضات ماديّة (راتبين ونصف على كلّ سنة أقدميّة، مع إرجاع ال20 % المخصومة).

            لكن سرعان ما تم التراجع على تلك الاتفاقيّة في موفى شهر أفريل وشرع المستثمر، صاحب المصنع، في تنفيذ خطته وتوقف على تسديد معلوم كراء المصنع، الشيء الذي اضطرّ صاحب المحل، مجموعة الكرشاني، إلى الإلتجاء إلى القضاء. وتحسبا لأي طارئ، ولتجنّب خسائر فادحة في صورة أمرت المحكمة بعقلة على الأملاك، قام مدير المصنع بمحاولة تهريب المواد الأولية الموجودة في المصنع والتي تحدد قيمتها ب3 مليون دينار تقريبا، وقد قام بكراء محل قريب ليحتفض بالسلع هناك، كما جلب شاحنات ثقيلة لنقلها، وقد تفطّن المهندسون بذلك واتصلو بالسلطات المحليّة والجهويّة وبالإدارة العامة للديوانة التي أمرت بإرجاع المواد الأوليّة لمكانها الأصلي لأنّ نقلها يمثّل خرقا للقانون.

            وتبعا لذلك قامت الشركة التونسيّة للكهرباء والغاز بقطع الكهرباء على المصنع والشركة الوطنيّة لإستغلال وتوزيع المياه بقطع الماء. كما أوقف مزوّد الوقود قبول صكوك البنزين نظرا لعدم سداد فاتورة 8 آلاف دينار، وكلّ هذه المؤشرات تدل على نيّة المستثمر إغلاق المصنع والإستعداد لمغادرة البلاد، الشيء الذي دفع بموظفي الشركة إلى مراسلة السلط الجهوية من والي وتفقدية جهوية وديوانة ومطالبتها بمنع عملية تصدير المواد الأولية، خاصة وأن العرف لم يفي بالتزاماته اتجاه الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ومصالح الضرائب والعملة ومع ذلك فقد قام المستثمر بإخراج المواد الأوليّة من التراب التونسي تحت حماية سيّارات الشرطة والدّيوانة، الموجودة لتأمين عمليّة الإخلاء، وبمباركة الحكومة.

            بعد نجاح عملية التحيل هذه، ضد العمال وضد الدولة التونسية في نفس الوقت، وتمكن الشركة من “التهريب المقنن” للمواد الأوليّة، لم يبق أمامها إلا إعلان الإفلاس وتشريع تسريح الموظفين، رغم ما قامت به إطارات الشركة من أجل كشف حقيقة مخططات المستثمر الأجنبي ونيته التهرب من خلاص ديونه المتفاقمة لدى الشركات الوطنيّة والخاصة ولدى العمال واستعداده للهروب خارج البلاد والتخلي على ما يقارب الخمسين موطن شغل قار وال200 تحت المناولة، مواطن شغل ثمينة عجزت السلط الجهوية ومن ورائها الحكومات المتعاقبة على حمايتها من تلاعب المستثمرين، المحليين منهم والأجانب، في ظرف فاقت فيه نسبة البطالة ال15.3.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×