الرئيسية / صوت الحزب / إضراب الأستاذة راضية النّصراوي: الإضراب المنعرج
إضراب الأستاذة راضية النّصراوي: الإضراب المنعرج

إضراب الأستاذة راضية النّصراوي: الإضراب المنعرج

بقلم: علي البعزاوي

يخطئ من يظنّ أنّ إضراب الجوع الذي تخوضه الأستاذة النصراوي هو للدفاع عن العائلة أو حزب العمال أو الجبهة الشعبية. المسالة أكبر وأعمق من أن نختزلها في هذه الأهداف المباشرة على وجاهتها وصحتها.

أزمة السلطة التنفيذية

القصر يعيش حالة من الارتباك والتّخبّط بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية وانعكاساتها السلبية على استقرار الائتلاف الحاكم وبسبب أزمة نداء تونس وصراع الخلافة، إضافة إلى عدم القدرة على تمرير قانون المصالحة مع الفساد للمرة الثالثة على التوالي وهو أحد رهانات الرئاسة منذ انتخابات 2014. الحكومة تعمل دون مساندة جدية من أحزاب الائتلاف التي تتصارع وتتآكل في انتظار التحوير الوزاري القادم للفوز بأكثر ما يمكن من الحقائب. وبعض المعارضين انخرطوا في التّهليل لحرب الشاهد المزعومة على الفساد بحثا عن مواقع في أروقة الحكم. شعارهم الأساسي المساندة النقدية بما تحمله من حسابات وأطماع.

أمّا رئيس الحكومة فأصبح خطرا على مصالح العائلة وحسابات الابن القائد. النهضة والنداء يلتقيان حول ضرورة تقزيم الشاهد وضرب طموحاته السياسية/الانتخابية. وهو ما عبّر عنه الشيخ المتجلبب بجلباب الحداثة في حوار له على قناة نسمة. وهما يدعوان إلى مؤتمر وطني اقتصادي واجتماعي يكون ملزما للحكومة بهدف الخروج بالبلاد من أزمتها الطاحنة التي هي في الحقيقة أزمة خيارات وبرامج.

المؤتمر المزعوم سيكون على شاكلة مؤتمر رئيس الحكومة السابق المهدي جمعة الذي أراد توريط الطيف السياسي في خياراته الليبرالية التّابعة المملاة من قبل صندوق النقد الدولي. لكن الجبهة الشعبية والاتحاد العام التونسي للشغل أفشلا المخطط. الوضع العام بالبلاد يتّجه نحو الأسوأ والحكم الجديد عاجز عن إيجاد الحلول لأنه مرتهن لإملاءات المؤسسات المالية العالمية النهّابة التي عمّقت الأزمة وألحقت كبير الضّرر بالاقتصاد المحلّي جرّاء التّفويت وتحرير الأسعار وتسريح العمّال وغلق الباب أمام الانتدابات… في هذا السّياق صرّح أكثر من وزير في حكومة ما يسمّى بحكومة “الوحدة الوطنية” بأنّ البلاد على حافّة الإفلاس وأنّ الحكومة مضطرّة إلى مزيد الاقتراض والتّداين لخلاص المرتّبات. وهي “صراحة” بل “جرأة” الهدف منها الإعداد لإجراءات وقرارات جديدة مؤلمة.

في هذا المناخ المتّسم باستفحال الأزمة والعجز وانعدام الحلول بالنسبة إلى الائتلاف الحاكم جاء إضراب الجوع للأستاذة راضية النصراوي وهو بمثابة الصرخة وإطلاق ناقوس الخطر إزاء ما يتهدّد تونس الثورة من مخاطر عودة الاستبداد وتفشّي الفقر وعودة الإرهاب والفوضى واستتباب النظام القديم مع ما يحمله ذلك من مخاطر التّشفّي والانتقام من النّخب الثّوريّة والتقدمية والشعبية التي ساهمت وتساهم في صنع ربيع تونس الجديدة.

إضراب الأستاذة النصراوي هو أحد أشكال مواجهة محاولات العودة إلى الوراء، عودة النظام القديم بكلّ ما في الكلمة من معنى ليس بإعادة الدكتاتور المخلوع طبعا ولكن بتثبيت الدكتاتورية من جديد وتكميم الأفواه وإخضاع الكل إعلاما وأحزابا ومنظّمات وأشخاصا وتكريس العمالة والتمهيد للتطبيع مع الكيان الصهيوني بهدف “إنعاش” الاقتصاد عبر جلب الاستثمارات وإطلاق المساعدات وتدفّق السياح. كلّ هذه المحاولات جارية وجدّيّة لكنها ترتطم بإرادة فولاذية عبّر عنها الشعب التونسي بمختلف قطاعاته ونخبه الثورية والتقدمية وفي مقدّمتها الجبهة الشعبية التي تصرّ على استكمال أهداف ثورة الحرية والكرامة.

رحى الصراع تدور إذا بين معسكري الثورة والثورة المضادة. المعسكران واضحان ومتناقضان تماما ولا يلتقيان ولن يلتقيا طبعا مهما اجتهد السماسرة والراكبون على ثورة الحرية والكرامة.  المرأة الحديدية ستنتصر حتما لأنّ التاريخ لا يعود إلى الوراء. وسيخسأ العملاء مهما تجلببوا بالواقعية وبحبّ تونس وبالانتصار لأهداف الثورة. والثورة التونسية ستنتصر وستحقّق أهدافها بقطع النظر عن الصعوبات والتضحيات التي قد تكون باهظة الثمن.

عاشت الثورة التونسية، تسقط الدكتاتورية العائدة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×