الرئيسية / الافتتاحية / افتتاحية “صوت الشعب //التّحرّكات الاجتماعيّة لن تتوقّف…
افتتاحية “صوت الشعب //التّحرّكات الاجتماعيّة لن تتوقّف…

افتتاحية “صوت الشعب //التّحرّكات الاجتماعيّة لن تتوقّف…

إنّ التحركات الاجتماعية، على عكس ما يظنّه أو يروّجه البعض، لم تتوقّف. صحيح أنّ الاحتجاجات والمظاهرات والمواجهات مع قوات الأمن في الشارع تراجعت حدّتها، ولكن الاعتصامات والإضرابات، بما في ذلك الإضرابات العامة، على غرار ما حصل في مدينة النفيضة أخيرا، ما تزال متواصلة، بعضها في الشارع، وبعضها الآخر أمام مؤسّسات أو في داخلها، والمطالب هي تقريبا الشّغل والتّرسيم الخ…. وإذا كان لتواصل هذه التّحرّكات من مغزى فهو فشل الحلول – المسكّنات التي قدّمتها الحكومة في إقناع المحتجّين، وهو أمر عادي باعتبار أنّ هذه “الحلول” التي كنّا تحدّثنا عنها في مرّات سابقة لا تفتح آفاقا جدّيّة أمام مئات الآلاف من الشّبّان والشّابّات الذين ملّوا حياة البطالة والفقر والتّهميش وهو ما بيّنه حزب العمّال والجبهة الشّعبيّة.

لقد مثّلت المسألة الاجتماعيّة محورا أساسيّا في الثورة التونسية. فقد كان الفقر والبطالة والتّهميش  والاستغلال الفاحش وتردّي ظروف العيش العامّة لغالبية الطبقات والفئات الشعبية قادحا رئيسيّا لثورة 17 ديسمبر 2010 ـ 14 جانفي 2011. وما حصل هو أن لا شيء من مطالب الشعب الاجتماعية قد تحقّق. فالحكومات المتعاقبة، وهي حكومات يمينية، رجعيّة، أدارت ظهرها لهذه المطالب وظلّت تكرّس نفس الاختيارات الرأسمالية النيوليبرالية المتوحّشة التي دفعت بالشّعب إلى الثّورة. وبهذه الصورة فقد ظلّت المسألة الاجتماعية قائمة بذاتها. وقد كانت ردّة فعل الشّعب واضحة وصارمة إذ لم تتوقّف الاحتجاجات على اختيارات تلك الحكومات وإجراءاتها وقراراتها التي عمّقت البطالة والفقر والتّهميش.

ومن هذا المنطلق فإنّ التّحرّكات الاجتماعية الحالية وكذلك التحرّكات التي سبقتها في شهر جانفي تندرج في نفس ذلك السياق النضالي الذي خطّته الجماهير الشعبية منذ الثورة. ومن المؤكّد أنّ هذه التّحرّكات لن تكون الأخيرة، فتفاقم المشاكل الاجتماعية جرّاء سياسات الائتلاف الحالي الاقتصادية الفاشلة، سيغذّي باستمرار الاحتجاجات والنضالات الاجتماعية والشعبية. وإذا كان من واجب حزبنا، حزب العمّال، بل من واجب الجبهة الشعبية، أن تنخرط في هذه النضالات والاحتجاجات وتسندها وتدافع عنها وتؤطّرها، فإنّ واجبها الأوكد والأهم هو أن تقدّم البدائل الملموسة والواضحة التي ترسم أفقا لهذه النضالات والاحتجاجات.

لقد تقدّمت الجبهة الشعبية في أكثر من مناسبة بمقترحات لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. كان ذلك بمناسبة مناقشة الميزانية التكميلية في عهد حكومة مهدي جمعة (منتصف 2014)، ثم بمناسبة الانتخابات التشريعية والرئاسية (أكتوبر ـ نوفمبر 2014). وأخيرا بمناسبة التحركات الشبابية والشعبية في شهر جانفي الماضي (الإجراءات الاستعجالية لإيجاد موارد للدولة لتمويل مشاريع تشغيلية).

وقد عجزت الائتلافات الحاكمة المتعاقبة عن الردّ عن هذه المقترحات والتشكيك علميّا وعمليّا في نجاعتها. لكن رغم هذه الإيجابيات فإنّ الجبهة الشعبية ما تزال مطالبة ببذل مجهود أكبر لتقديم برنامج متكامل ومقنع لمعالجة القضايا الكبرى التي تعيشها البلاد. ويكون هذا البرنامج محورا للدّعاية والتّعبئة.

وما من شكّ في أنّ بلورة مثل هذا البرنامج الشّامل ستتطلّب بعض الوقت، ولكنّ المطلوب هو البدء في إنجاز هذه المهمّة في أقرب وقت.           

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×