الرئيسية / أقلام / افتتاحية صوت الشعب: الحوار الوطني الاقتصادي “اللّعب بعشانا”
افتتاحية صوت الشعب: الحوار الوطني الاقتصادي “اللّعب بعشانا”

افتتاحية صوت الشعب: الحوار الوطني الاقتصادي “اللّعب بعشانا”

عندما طرحت فكرة الحوار الوطني الاقتصادي، اعتبرنا أنّ هذا الحوار بإمكانه أن يكون محطّة هامّة للمساهمة في إيقاف نزيف المقدرة الشرائية للمواطن والعمل على إيجاد حلول عاجلة وفورية لانعاش الاقتصاد عبر إجراءات جريئة وثورية سريعة التطبيق ومرتبطة بالقدرات الذاتية للبلاد.
ولكن ومنذ الجلسة التمهيدية للحوار الوطني الاقتصادي الذي التأم بتاريخ 22 أفريل 2014، تبيّن من خلال الوثيقة المقدّمة أنّ الحوار الاقتصادي خال من كلّ توجّه لتشخيص دقيق للأزمة الاقتصادية بالأرقام الصحيحة والشفّافة، وهو ما يعني عدم تحديد مكامن الخلل بالضّبط وعدم تحديد الأسباب الحقيقية لذلك وبالطبع عدم تحميل الأطراف المتسببة في هذا الوضع سواء كانت سياسات أو حكومات، لأنّ أيّ إصلاح حقيقي لن يكون مجديا دون مثل هذا التمشّي.

كما تبيّن أنّ اللجان التي تمّ تكوينها كانت في جانب منها مرتبطة بإملاءات خارجية وخاصة صندوق النقد الدولي كلجان الدعم والمقدرة الشرائية والمؤسسات العمومية والمالية العمومية، وفي جانب آخر مرتبطة بقضايا استراتيجية وهيكلية كمنوال التنمية والتنمية الجهوية والاستثمار والقدرة التنافسية، وهي مسائل ليست من مشمولات حكومة انتقالية عمرها لا يتجاوز 8 أشهر. إضافة إلى غياب قضايا هامّة مثل المديونية والجباية ودور الدّولة في التنمية والتشغيل.
ولقد تأكّدنا من هذا المنحى للحوار الاقتصادي بعد انطلاق أشغال اللّجان التي غلب عليها طابع التعميم والتعويم وغياب التّشخيص الدّقيق للقضايا المطروحة، إضافة إلى تضخّم حضور الإدارة التي من الواجب أن تكون محايدة في مثل هذه الحوارات الهامة، وهو ما يؤشّر على أنّ الحوارالاقتصادي إنما هو غطاء تحت شعار وهمي اسمه التّوافق، لتمرير إجراءات قاسية على أبناء الشّعب كرفع الدّعم على المواد الأساسيّة والمحروقات، وتعميق سياسات التقشّف من خلال التّقليص من الإنفاق العمومي في المجالات الحيويّة للخدمات العامّة، وما سينجم على ذلك من مزيد تدهور المقدرة الشرائيّة للمواطن وتحميله دوما فاتورة السياسات الخاطئة والفشل المتواصل للحكومات المتعاقبة. علما وأنّ هذه اللجان كانت طرحت أيضا إمكانيّات التّفويت في بعض المؤسّسات العمومية كشركات النقل الجهوية التي تمّ تقديمها على أنها مهدّدة بالإفلاس دون تحديد المسؤولية.

ولا نبالغ إذا قلنا أنّ كلّ الإجراءات التي تتعلّق بالزّيادة في المواد الأساسية، والزّيادة في المحروقات قد تمّ تحديدها، إضافة إلى أنّ الشّروع الفعلي لتطبيق الفوترة الجديدة للكهرباء ستكون خلال شهر جوان 2014 ، في اتّجاه الرّفع الكلّي للدّعم عن المواد النفطية أواخر هذه السنة، مما سيكون له انعكاسات كارثية على المقدرة الشرائية وعلى الأسعار بشكل عام نظرا لارتباط منظومة الإنتاج بالطّاقة.

ويتّضح بالتالي وبما لا يدع مجالا للشك، أنّ الحوار الوطني الاقتصادي لم يكن إلاّ مسرحية للتّطبيق الحرفي لشروط صندوق النّقد الدّولي بهدف الحصول على النّصف الثاني من القرض الائتماني. وإعلان حرب دون إعلام على الشعب، لأنّ كلّ الإجراءات هي «لعب بعشاء المواطن » وضرب لما بقي من قدرته على البقاء حيّا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×