الرئيسية / صوت الوطن / الحلّ في تغيير المنظومة برمّتها لا تغيير الحكومة فقط
الحلّ في تغيير المنظومة برمّتها لا تغيير الحكومة فقط

الحلّ في تغيير المنظومة برمّتها لا تغيير الحكومة فقط

تتأجّج في المدّة الأخيرة كلّ مظاهر وعناصر الأزمة العامة التي تشمل كلّ مستويات ومناحي الحياة في بلادنا، وتتعزّز Sans titre-2القناعة لدى قطاعات واسعة من جماهير شعبنا أنّ هذا الوضع ما هو إلاّ نتيجة حتمية للخيارات المتّبعة من قبل الائتلاف الطبقي والسياسي السائد. تتأجّج الأزمة اقتصاديا واجتماعيا وهو ما تعبّر عنه الجماهير المنتفضة في الكاف وتطاوين والقيروان وجبنيانة وقفصة والقصرين ومؤخرا في قابس وقبلي، كما تشمل عمال الحضائر والمفروزين أمنيّا وطلبة الحقوق، فضلا عن إضرابات نقابية في قطاعات المالية والصحة والتعليم العالي… بما يؤشر على عمق الأزمة وتعفّن الأوضاع التي يدفع فاتورتها فقراء هذه البلاد وكادحيها.

تتدهور أوضاع الفقراء بعد ستة سنوات من الثورة ضحّى فيها شعبنا بالنّفس والنّفيس، لكنّ الحصيلة لم تكن لصالح إلاّ الأثرياء والمافيات والمتهرّبين والمهرّبين الذين تتكرّس علويّتهم على القانون، في المقابل تتراكم مظاهر البؤس والفقر والاحتياج ممّا دفع بالآلاف من المعطّلين والمهمّشين إلى الخروج للاحتجاج. والأزمة ليست فقط اقتصادية واجتماعية، بل أيضا وأساسا سياسية. فالفريق الحاكم هو نموذجي في الفشل، ولا أدلّ على فشله هو الازدواجية التي تسم سلوك مكوّناته والتي لم تعد حكرا على حركة “النهضة” التي تُعتبر صاحبة مدرسة مميّزة في الغرض، فالنداء أيضا يصدر البيانات لـ”مساندة المطالب المشروعة”. أمّا “النهضة” فقادتها يخطبون ويشاركون في التحركات ويصدرون بيانات وتصريحات “التعاطف والمساندة”، وهو ذات الأمر لأحزاب الجمهوري والمسار والمبادرة. أمّا اتحاد الشغل الموقّع على وثيقة قرطاج فما فتئ ينبّه لانحدار الأوضاع، واتّحاد الأعراف دعا إلى تنظيم اجتماعات لتدارس الأوضاع الصعبة. أمّا الأغلبيّة البرلمانيّة فلئن كانت منضبطة في التصويت لكلّ القوانين التي تعتدي على الشعب، فإنّ خطابها أحيانا يزايد على مكوّنات المعارضة.

إنّ هذه المؤشرات ينضاف إليها نوازع قصر قرطاج للتّحكّم في مفاصل القرار الحكومي والتّدخّل لتكميم الإعلام وتكريس حكم العائلة وتسلّط الفرد. يتزامن كلّ هذا مع تعطّل استكمال الهيئات الدّستوريّة مثل المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستوريّة، وتحديد موعد الانتخابات البلديّة على القياس ممّا يؤكّد مخاوف العديد من الأحزاب ومنظّمات المجتمع المدني من التّزوير والتّلاعب.

إنّ مجمل هذه المؤشرات تؤكّد سلامة تشخيصنا حزبا وجبهة للحكومة ولمجمل المنظومة الحاكمة التي لا تحوز اليوم إلاّ شروط العجز والفشل بمقتضى تركيبتها الطبقية وارتباطاتها الخارجية القائمة على التّبعيّة والخضوع، ورؤيتها للحكم الذي ليس سوى خدمة لأهداف أنانيّة ضيّقة ورضوخا لأوامر المموّلين من رموز الفساد والإفساد.

إنّ الفشل مرتبط بهذه المنظومة برمّتها والحلّ اليوم ليس في تغيير حكومة بحكومة من نفس الأغلبية البرلمانية كما تُعدّ لذلك بعض دوائر القرار في قرطاج وفي حزبي الحكم. إنّ الحلّ هو في تغيير المنظومة ذاتها تغييرا جذريّا، منظومة الحكم في مختلف مستوياتها حكومة ورئاسة وأغلبيّة برلمانيّة، وأيضا وأساسا الخيارات الاقتصاديّة والاجتماعيّة المتّبعة في أفق تحويلها لخدمة الشعب والبلاد لا خدمة الأقلّيّة الطفيليّة المافيوزية، دونا عن ذلك ستبقى الأوضاع تراوح مكانها وسيبقى شعبنا يئنّ ويعاني.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×