الرئيسية / أقلام / النائب عبد المومن بالعانس: “قانون الماليّة لسنة 2016 ومغزى انسحاب المعارضة”
النائب عبد المومن بالعانس: “قانون الماليّة لسنة 2016 ومغزى انسحاب المعارضة”

النائب عبد المومن بالعانس: “قانون الماليّة لسنة 2016 ومغزى انسحاب المعارضة”

كما هو معلوم، صادق مجلس نواب الشعب على قانون المالية لسنة 2016 في غياب تام لنواب المعارضة. فقد انسحب نواب الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي عند المصادقة على الفصل 56 معتبرين إياه يشرّع للفساد ويفتح الباب على مصراعيه للتهرب الجبائي، وانسحب نواب حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة الشعب وحزب صوت الفلاحين عند المصادقة على الفصل 61 باعتباره استنساخلقانون المصالحة الاقتصادية والمالية الذي سبق للمعارضة أن رفضته وخاضت تحركات عديدة لسحبه.

مومنهذا كما انسحب نائبا تيار المحبة ولم يبق في القاعة عند المصادقة على القانون سوى نواب الائتلاف الرباعي الحاكم والبعض من نواب الكتلة الاجتماعية الديمقراطية.

وقد طرح ذلك عديد الإشكالات السياسية والقانونية. فعلى المستوى القانوني فتح الباب أمام إمكانية الطعن في دستورية القانون برمّته وإعادته إلى مجلس نواب الشعب. وعلى المستوى السياسي طرح مرة أخرى التشكيك في مدى قدرته على كسب الدعم الشعبي الضروري الذي يمكّن من وضعه حيّز التنفيذ بالنجاح المطلوب ودون إثارة تحركات احتجاجية واسعة ضد انعكاساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على حد السواء

 ميزان القوى داخل المجلس لا يعكس ميزان القوى خارجه

مرّ قانون المالية لسنة 2016 بـ142 صوتا من جملة 217 داخل مجلس نواب الشعب. ولكنّ هذه الأغلبية المريحة داخل المجلس لا تطمئن الائتلاف الحاكم الهش بطبيعته ولا تطمئن القوى الخارجية والمؤسسات المالية المانحة وخاصة إذا علمنا أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل ينحو منحى المعارضة ويدعم احترازاتها وتحفظاتها بل وحتى رفضها. والأيام القادمة ستبيّن بصفة عملية وملموسة كيف أنّ هذا القانون لا خير يرجى من ورائه لفائدة ضعاف الحال والأجراء بصفة عامة، وحتى ما يسمى بالطبقة المتوسطة التي ما انفكت أوضاعها المادية والاجتماعية تتدهور.

إنّ الأغلبية الساحقة للشعب لا مصلحة لها في القانون المذكور، ممّا ينذر بتواصل الاحتجاجات الشعبية وبانفجار الأوضاع الاجتماعية. وانسحاب المعارضة وعدم قبولها بالتصويت، إن كان ذلك بالتحفظ أو بالرفض، ينبئ أنّ هذه المعارضة ستكون إلى جانب هذه الاحتجاجات وستعمل على تأجيجها. إنّ الانسحاب من الجلسة ورفض التصويت والتلويح بأنّ المسائل المبدئية والدستورية لا تخضع للمساومة أو لمبدأ الأقلية والأغلبية داخل المجلس والانحياز التام لمصلحة الطبقات الشعبية والمفقّرة، يقلق الائتلاف الحاكم ويثير حفيظته وربما أثار حملة شعواء ضدّ المعارضة و”شعبويتها” وعدم “تحضّرها” وعدم قبولها بـ”نتائج الصندوق” و بـ”اختيارات الشعب التونسي في الانتخابات الفارطة “.

ولكن ومهما يكن من  أمر  فحساب الحقل ليس حساب البيدر والأغلبية داخل مجلس نواب الشعب شيء وكسب ثقة الشعب شيء آخر. والائتلاف الحاكم بتعنّته وباختياراته الاقتصادية والاجتماعية يضع نفسه في مواجهة الجماهير الشعبية وتحرّكاتها الاحتجاجية وبالتي يضع نفسه في الطريق الخطأ، طريق من سبقته من حكومات من فشل وعجز ومصير .

عبد المومن بالعانس: عضو مجلس النواب عن الجبهة الشعبيّة

“صوت الشّعب”: العدد 188

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×