الرئيسية / صوت الحزب / بمناسة الذكرى 29 لاستشهاد نبيل البركاتي: آن أوان تثبيت ذكراه يوما وطنيّا لمناهضة التّعذيب
بمناسة الذكرى 29 لاستشهاد نبيل البركاتي:  آن أوان تثبيت ذكراه يوما وطنيّا لمناهضة التّعذيب

بمناسة الذكرى 29 لاستشهاد نبيل البركاتي: آن أوان تثبيت ذكراه يوما وطنيّا لمناهضة التّعذيب

يُحيي حزب العمّال والحركة الثورية والتقديمة في تونس الذكرى 29 لاغتيال الرفيق الشهيد نبيل البركاتي على يد أعوان الدكتاتورية الفاشية في مركز الشرطة في قعفور يوم 8 ماي 1987، إثر اعتقاله وعدد من رفاقه بعد توزيع الحزب لبيان في نهاية أفريل تحت عنوان “الصراع الدستوري الإخوانجي لا مصلحة للشعب فيه”، يوضح فيه الموقف من الصراع الدائرة رحاه أيامها بين قطبي الفاشية، والذي لم يكن صراعا من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة، وهي المطالب الأساسية لشعبنا، بل كان صراعا بين مشروعين رجعيين لا وطنيين ولا ديمقراطيين، مشروع يريد مواصلة اضطهاد الشعب، ومشروع يريد تعويضه بدعاوي ايديولوجية أثبتت الحياة والتجربة أنها ليست سوى أقنعة لمشروع ظلامي قروسطي ذي محتوى طبقي استغلالي لا يختلف في شيء عن جوهر خيارات حزب الدستور.

وقد أثبت تطوّر الأوضاع في بلادنا بعد الثورة أنّ هذين المشروعين يمثلان برنامجين لاستلاب الشعب وتكريس التبعية والاستبداد والفساد لا غير، وأنّ الأطروحات التي استشهد من أجلها نبيل البركاتي والتي يحملها حزبه وتعبّر عنها اليوم الجبهة الشعبية، إنما هي أطروحات التحرر والانعتاق، أطروحات العدالة والديمقراطية والتقدم.

11198485_352511778291331_1953981861_n-300x160

إنّ ذكرى نبيل تشكّل لدينا قيمة رمزية وسياسية عظمى، فهي إحالة على القناعة الثابتة والإيمان اللاّمحدود بالشعب وبحقوقه، وهي إحالة على التضحية التي بلغت ذروتها باختيار الموت واقفا على الإدلاء بإيفادات تضرّ الحزب والرفاق. لقد خيّر نبيل الموت بشرف وكبرياء على أن يشي بأسرار حزبه، فظلّ لعقود رمزا للتضحية والإيثار وعمق القناعة، ليس لدى مناضلات ومناضلي حزب العمال الذين لم تنهكهم الاعتقالات ولا التعذيب، وإنما أيضا لمجمل الحركة الثورية والتقدمية. فكان نبيل رمزا للجميع، واعتبرته المنظمات الحقوقية والديمقراطية رمزا للصمود وقررت منذ سنة 1998 تحويل ذكراه إلى يوم وطني لمناهضة التعذيب، هذه الآفة التي ارتبطت بنظام الحكم في تونس وطالت كلّ أصحاب الرأي وهم بالآلاف، وقضى منهم العديد تحت التعذيب، هذه الآفة التي تتواصل ممارستها في مخافر الشرطة والسجون حتى بعد خمس سنوات من الثورة.

وقد أكّدت تقارير متطابقة لعديد المنظمات الوطنية والدولية ذات المصداقية، مثل منظمة العفو الدولية، تواصل ممارسة التعذيب بشكل مكثّف، مما يعيد على جدول أعمال الحركة الحقوقية والديمقراطية عموما ضرورة تنظيم الصفوف لمكافحة هذه الآفة الخليقة بالأنظمة الاستبدادية التي لا تعير اهتماما لحقوق الإنسان. ولئن أقرّ البرلمان مؤخّرا تركيبة الهيئة الوطنية لمكافحة التعذيب، وعلى أهمية هذا المنجز الذي سيشكّل ضمانة مهمّة في التصدي للتعذيب، شريطة تمسّكه باستقلاليّته عن السلطة التنفيذية والكتل البرلمانية، على أهمية هذا الهيكل فإنّ تعاطي السلطة التنفيذية في كلّ المستويات مازال متعطّلا وغير جدي في التصدي للظاهرة التي تطال اليوم ليس فقط المتهمين في قضايا إرهابية، بل تطال -كما بالأمس- مناضلي الاحتجاجات الاجتماعية والمواطنين العاديين في المراكز والسجون والملاعب والشارع بمناسبة المظاهرات والاحتجاجات..

إنّ هذا الوضع يفرض تكريس تعهّد الدولة ممثلة في رئيس الدجمهورية بإصدار أمر لتثبيت يوم 8 ماي يوما وطنيا لمناهضة التعذيب، يكون تخليدا لذكرى من قضوا تحت عصا الجلاد أوّلا، وثانيا فرصة سنوية لعمل دؤوب ومتواصل حكومي ومدني وشعبي للتصدي لاستفحال هذه الظاهرة التي تجد اليوم من يدافع عنها حتى من المواطنين بدعاوي مختلفة، بما يشكّل أمارات سيّئة تشكّل حاضنات حاسمة في استفحال عقلية وثقافة قابلة بانتهاك الكرامة الإنسانية.

إنّ جهدا مهمّا ينتظر الحركة الديمقراطية بمختلف فصائلها الحزبية والمدنية والاجتماعية للتصدي لثقافة العنف الهمجي سواء لدى أعوان السلطة التنفيذية المحمولين على حماية الحرية والكرامة، أو لدى عموم الشعب الذي لابدّ من تنظيم فعاليات تشمل برامج التعليم والثقافة والإعلام…لغرس ثقافة جديدة لديه، ثقافة تُجرّم التعذيب مهما كان الضحية ومهما كان الظرف.

إنّ التعذيب في كلّ الحالات يبقى أمرا شائنا ومرفوضا، وهو جريمة دولة مورست ضد شعبنا طيلة عقود، وآن الأوان لاستئصاله من ترابنا، ولتكن ذكرى استشهاد نبيل، ذكرى اليوم الوطني لمناهضة التعذيب فرصة أخرى لرفع الصوت عاليا ضد هذه الممارسة الهمجية.

علي الجلولي

2323

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×