الرئيسية / صوت الوطن / راضية النصرواي وهيئة الوقاية من التعذيب :” لا كرامة لنبي في قومه” بقلم: مراد الحاجي
راضية النصرواي وهيئة الوقاية من التعذيب :” لا كرامة لنبي في قومه” بقلم: مراد الحاجي

راضية النصرواي وهيئة الوقاية من التعذيب :” لا كرامة لنبي في قومه” بقلم: مراد الحاجي

mourad-hajji-637x400

عندما كنا صغارا كنا مهووسين بكرة القدم ولأننا أبناء الشعب الكريم لم نكن نملك في الغالب كرة من النوع الرفيع ولذلك كنا مضطرين في الغالب إلى أن نضم إلى الفريق أحد الذين يملكون كرة حتى وإن كان لا يحسن اللعب بمستوى مقبول. هذا اللاعب كان في كثير من الأحيان يستغل حاجتنا له ومعرفته بأن الكرة كرته فيفرض نفسه لاعبا وربما طالب بأن لا يشارك في اللعب من يكن له عداوة لسبب ما حتى وإن كان من أمهر اللاعبين. أليس صاحب الفيتو في هذه الحالة وله أن يفرض ما يريد؟ تذكرت هذه الحادثة التي امتلأ بها صبانا وأنا أرى نتائج انتخابات الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب حيث صوت الجماعة بمنطق حزبي تعيس شبيه بمنطق أنا صاحب الكرة . وهكذا لم تكن الكفاءة ولا الجدارة ولا الاستحقاق هي مقاييس الانتخاب وإنما القرب من الأحزاب. هو ذات الحضور القطيعي الاتباعي. وإلا بأي منطق يفوز ابن الشيخ مورو وتقصى راضية النصراوي.

الفاضلة المفضولة .

هل من الأخلاق والقانون واحترام الدستور.. أن تجد في هيئة مقاومة التعذيب رئيس دائرة قضائية كان يحكم بالإدانة وبعقوبات جسيمة زمن بن علي …سكت عن التعذيب طيلة سنوات…ورفض عرض المعذبين على طبيب طبق ما يفرضه عليه الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات.. رغم تشكي المحامين والمتهمين المكتوين من التعذيب…عندما كان التعذيب منهجيا وسياسة دولة…بشهادة منظمات المجتمع المدني التونسية والعالمية؟ مع العلم انه يعد مقترفا لجريمة التعذيب من أمر به أو نفذه أو سكت عنه..طبق الاتفاقية حول التعذيب والفصل 101 مكرر جنائي…والجريمة لا تسقط بمرور الزمن.. وذلك بحسب ما ورد على صفحة المحامي أنور القوصري في تعليقة الفوري على التصويت ومهازله .
إن إقصاء امرأة – ناضلت طويلا في سنوات الجمر ضد التعذيب ودافعت عن الجميع ممن كانوا يتفقون معها فكريا وسياسيا أو يختلفون عنها – فيه جحود لا مزيد عليه. كان أحرى بالجميع أن يترفعوا عن المحاصصة اعترافا بما بذلت المحامية راضية النصراوي من جهد حين كان البعض لا ينبس ببنت شفة. لكن يبدو أن جماعتنا لو خيروا بين الأم تيريزا وأحد معارفهم لاختاروا من يعرفون. لقد تصرفوا بمنطق أنا صاحب الكرة. وأثبتوا أن منطقهم طفولي محض. عجيب أن ينسى نوابنا الأفاضل ان راضية النصراوي اختيرت ضمن اللائحة القصيرة للمرشحين لجائزة نوبل للسلام في 2011 . وتحصلت على جائزة أولوف بالم لحقوق الإنسان في 26/01/2013 و جائزة رولون برڨر وجائزة كمال جمبلاط و جائزة ڨزنبنينڨ الهولندية و حازت مرتين على دكتوراه فخرية. كما انتخبت في 23 أكتوبر 2014 عضوا خبيرا في لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وقد تمّ هذا الانتخاب بـ 62 صوتا من جملة 70. ولكن على قول السيد المسيح لا كرامة لنبي في قومه
في لعب الأطفال كان الأمر في الغالب ينتهي بطرد صاحب الكرة وإرغامه على ترك الكرة غصبا عنه خاصة إذا كان الفريق مهزوما. لكن في عالم السياسة ولعبة الصندوق يصبح لعب الأطفال مقننا وممأسسا وعلينا أن نقبل به ولكن ينبغي أن نقول أنه يفتقر حتى إلى عفوية لعب الأطفال.
حين يطرد مالك من المدينة.

….مغنية الحي ما تطرب

إن طفولية التصويت في هذه الانتخابات تذكرني بذلك السؤال الإنكاري الأثير على قلوب الإسلاميين وحليفهم الذي يكثر من الشواهد القرآنية: « أيفتى ومالك في المدينة « ؟ لقد كان التصويت موجها مسيسا قائما على المحاصصة لا على الكفاءة والخبرة في المجال والنضالية .وهو ما يعني أن المقياس في التصويت هو الولاء للحزب. وهنا يطرح السؤال: كيف ستكون الهيئة فعلا مستقلة وكل من فيها يدينون بوصولهم لأحزاب الأغلبية؟ هل ستدين هذه الهيئة في حالة ممارسة التعذيب أحزاب الأغلبية الحاكمة أم أنها ستنصاع لمصالح الحكام؟ إن هيئة مثل هيئة الوقاية من التعذيب تحتاج فعلا إلى استقلالية ونزاهة ومعرفة بمجال مقاومة التعذيب. لكن الجماعة آثروا أن ينتخبوا على قاعدة « الأقربون أولى بالمعروف  » وينتظر وقتها من الأقربين رد الجميل حين يحتاجهم الجماعة.
أخيرا ينبغي أن نقول أن ثقافة القطيع أدت قديما إلى تكذيب زرقاء اليمامة. تلك التي أنذرت قومها فما سمعوا لها لأنها رأت أدلة على زحف العدو فلم يصدقوها. ولذلك أرجو أن يكون الفيتو الذي مورس ضد المرأة المناضلة ليس فيتو ضد الصوت الذي قد يقول  » لا  » لينبه إلى الخطر القادم وأن لا تكون المحاصصة محاولة للسيطرة على الهيئة من اجل توظيفها. ووقتها تكذب زرقاء اليمامة وتقصى النصراوي ويطعن في نضاليتها كما زرقاء اليمامة لتحلو الأيام في حضن النخلة لزرقاء الحمامة.

ننهي ولسان حالنا يقول :
عذيري من فتية بالعراق … قلوبهم بالجفا قلب
يرون العجيب كلام الغريب … وقول القريب فلا يعجب
ميازيبهم إن تندت بخير … إلى غير جيرانهم تقلب
وعذرهم عند توبيخهم … مغنية الحي ما تطرب

“كتبه لموقع أسطرلاب”: مراد الحاجي
كاتب وباحث في الحضارة الحديثة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

اثنان × 5 =

إلى الأعلى
×