الرئيسية / صوت الثقافة / رسالة الجنديّ إلى أمّه
رسالة الجنديّ إلى أمّه

رسالة الجنديّ إلى أمّه

اضحكي لي يا أمّي كلّما عدت إليكِ، كي أتأكّد أنّ العالم مازال بخير

تعرفين أنّني بسيط، وسأصدّق ذلك.Untitled-4

قولي لي مثلا حين أسألك عن أشجار اللّوز اليابسة: إنّها نائمة وستستيقظ في الرّبيع كي تملأ سماءنا بالطّفولة. وأنّ حقل الزّيتون الذي زرعه جدّي وظلّ أخضر إلى الآن، سيُثمر في الشّتاء المقبل وسنأكل الخبز بالزّيت كما في السّابق والباقي سنخزّنه في براميل كبيرة من أجل الأيّام القادمة ومن أجل الجيران أيضا. وإن انتبهتُ إلى غياب دجاجاتك: لا تخبريني أنّكِ بعتها كي تسدّدي فاتورة الكهرباء، قولي إنّها تطارد دودةً في الأرض المجاورة وستعود.
المهمّ أن تضحكي، وأنت تخبرينني بهذه الأشياء
تعرفين أنّني بسيط، وسأصدّق كلّ ذلك حتما.

أنا مُتعب يا أمّي: حقيبتي ثقيلة وطريقي محروسة بالأشرار.
لن أحتمل حتما أيّ خبر سيّء، فاضحكي لي أرجوك كي أصدّق أنّ الشّيْب الذي في شعري سيختفي بعد أن تحمّمينني في قصعة الصّابون كما في أيّام الآحاد عندما كنت في المدرسة، وأنّ أسناني التي يأكلها البرد والسّوس ستنمو مكانها أسنان أخرى بيضاء ولامعة، وأنّ الألغام المزروعة هنا وهناك ستنبت مكانها أقحوانات وشقائق نعمان…
وإن تأخّرتُ في العودة إليك بسبب زحمة الشّهداء على الطّريق، وغلبك النّوم مثل شجيرات اللّوز البريئة، اتركي لي ضحكاتك مستيقظة كي أهتدي إلى البيت.

علّقيها على أشجار الزّيتون إن أردت، هي الوحيدة التي لن تموت

أنا بسيط جدّا كما تعرفين يا أمّي

وسأصدّق حتما أنّ كلّ زيتونة هي أنتِ
مثلما صدّقتُ: أنّ هذا العالم مازال بخير!

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×