الرئيسية / صوت الوطن / شخصيّات وطنيّة تساند راضية النّصرواي وتدعو السّلطة إلى تحمّل مسؤليّتها
شخصيّات وطنيّة تساند راضية النّصرواي وتدعو السّلطة إلى تحمّل مسؤليّتها

شخصيّات وطنيّة تساند راضية النّصرواي وتدعو السّلطة إلى تحمّل مسؤليّتها

تُواصل الحقوقية راضية النصراوي إضرابها المفتوح عن الطعام لليوم العاشر على التوالي، في ظلّ صمت مطبق من قبل رئاستي الجمهوريّة والحكومة فيما يتعلق بمطالبتها الإفصاح عن الدوافع الكامنة وراء قرار رفع الحماية الكاملة والشاملة عن زوجها الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمّة الهمامي.

وقد لاقى الإضراب حملة مساندة واسعة من قبل عدد كبير من الشخصيات الوطنية والسياسيين والحقوقيين والأحزاب التي دعت إلى ضرورة التراجع عن هذا القرار وشدّدت على حقّ الهمامي في حماية أمنية جدية وشاملة باعتباره من الشخصيات الوطنية المستهدفة.

مساندة مكثّفة

وإن تتالت زيارات وبيانات المساندة لهذا التحرك من قبل القوى الديمقراطية والأحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية والحقوقيّة التي شدّدت على ضرورة التراجع عن هذا القرار الخطير فإنّ الصمت الرسمي تسانده أبواق دعاية مأجورة وصفحات افتراضية لا تمتّ بصلة للقيم الإنسانيّة وتغذّيها الأحقاد، غرضها الوحيد تصفية الحسابات السياسيّة.

وهو ما استنكره مؤسّس حزب التيّار الديمقراطي الأستاذ محمّد عبّو الذي دعا، خلال زيارة المساندة إلى راضية النصراوي، رئيس الدولة إلى التراجع عن قرار رفع الحماية الذي وصفه بـ”غير المعقول”.

وقال عبّو، في ذات السياق “هناك تلاعب بالدولة في حدّ ذاتها”، منبّها إلى “خطورة التّبعات التي قد تنجرّ عن رفع الحماية خصوصا وأنّ حمّة الهمامي مستهدف من قبل الإرهابيّين منذ سنوات، وقد ورد اسمه في أكثر من مناسبة والداخلية على علم بذلك”.

كما دعا بعض رواد الشبكات الاجتماعية إلى التّرفّع عن تعبيرات الحقد والكراهية التي رافقت هذا الملف، مذكّرا أنّ حمة الهمامي من بين كبار رموز النضال قبل 14 جانفي2011 الذين قاوموا الظلم وناضلوا من أجل الشعب التونسي.

وانتقد عبّو ردّات الفعل الحاقدة و”منطق العنف الذي يمسّ من الذات البشرية”، مشيرا إلى أنّ “الاختلاف السياسي لا يبرّر العنف والوحشيّة” الذي يظهر على بعض الصفحات، داعيا أصحاب هذا المنطق وخصوصا الشباب منهم إلى النّأي بأنفسهم عن التقييمات الحزبيّة والحسابات السياسيّة من قبيل “هذا يستحقّ حماية وهذا لا يستحقّها”.

البعد السّياسي للمسألة

وأكّد في تدوينة على صفحته الخاصة على الفايس بوك أنّ ما يعنيه حاليّا، بغضّ النظر عن اختلافه سياسيا مع حمّة الهمامي وعن كمّ الحقد المنتشر وتصفية الحسابات السياسية البعيدة كلّ البعد عن الأخلاق لدى جزء من الطبقة السياسية وجزء من أبناء وطننا عامة، هو “البعد السياسي والأمني للمسألة”.

وتساءل عبّو:”نعرف أنّ رئيسنا لا شأن له في حكمه بالقيم الإنسانية ولا إدراك له لمعنى الدولة واستقلالها عن مصالح من يتولّون حكمها، ولا قدرة له على مواكبة تونس الجديدة، ومتطلّبات حكمها، ولكن هل له القدرة على تحليل التّبعات السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة لموقفه لو حصل لحمّة مكروه مهما كانت ملابساته؟ “.

وأضاف:”هل نسي السيد السبسي أنّ سلفه قد وفّر له هو حماية في أعلى مستوى رغم أنه كان يطالب بإخراجه من القصر ساعتها؟”

“هل رئيسنا صاحب سياسة خلق الفتن في البلاد كإنجاز وحيد له إلى حد الآن قادر على تحليل المخاطر للقرارات التي تصدر عنه؟ هل له من ينصحه أو يقدر على نصحه؟”

واستبعد أن يكون هناك عاقل يمكننه أن يتصوّر أنّ قرارا كهذا اتُّخذ من باب التقشّف، مشيرا إلى أنّه لا يمكن الحديث عن التقشّف و”الفساد يهدر مقدّرات البلاد بلا حسيب ولا رقيب، وحملة مكافحة الفساد اقتصرت على مجرّد إجراءات بسيطة واختيارات عشوائيّة”.

ضرورة التّراجع عن القرار

من جانبها عبّرت نائبة مجلس نواب الشعب عن التيار الديمقراطي الأستاذة سامية عبّو عن مساندتها لراضية النصراوي في مطلبها، مبرزة أنّ تغيير الحماية الأمنيّة غير منطقي في ظلّ تواصل التّهديدات ودرجة الخطر.

ودعت عبّو السّلط المعنيّة إلى ضرورة الفصل بين الحسابات والصّراعات السياسيّة وبين مسألة توفير الحماية الأمنية باعتبارها تتعلّق بحياة إنسان وإلى ضرورة تفادي أيّ مكروه قد يحدث جرّاء تغيير الحماية.

 وقالت في ذات السياق:”أن يكون شخص معك أو ضدّك لا يعطيك الحقّ باتّخاذ قرار بتقليص الحماية أو تغييرها”، مشدّدة على وجوب عودة منظومة الحماية كما كانت من قبل، على يد “مختصّين في حماية الشخصيات المهمّة، تتوفّر لديهم الإمكانيات والتجهيزات الكاملة”، في إشارة منها إلى الأمن الرئاسي، باعتبار أنّ “أعوان الداخليّة غير مؤهّلين لذلك”.

وحمّلت نائبة الشّعب السّلط التونسيّة “المسؤوليّة المطلقة” فيما يمكن أن يحدث إذا ظلّ الأمر كما هو عليه خصوصا في ظلّ هشاشة الوضع الأمني، منبّهة إلى تواصل التّهديدات الإرهابيّة.

القضيّة سياسيّة

القيادي السابق بنداء تونس الأزهر العكرمي، عبّر بدوره عن تضامنه مع الأستاذة النصرواي التي وصفها بأنها “علامة فارقة في تاريخ تونس وتاريخ النضال والحريات” مضيفا أنه ليس بإمكان أيّ شخص أن يقول عكس ذلك وأنّ القضيّة سياسيّة، مبرزا أنّ راضية النصرواي تعتبر “بوصلة حقيقيّة في النضال خلال السنوات العجاف والسنوات المرّة على غرار أحداث الحوض المنجمي. وهي أيضا بوصلة في قطاع المحاماة”.

 كما عبّر العكرمي عن أسفه ممّا حصل بقوله إنّ “دار لقمان مازالت على حالها لكنّ الحريّة وإن غابت فإنها حتما ستتحقّق”. وختم تصريحه متوجّها إلى النصراوي بعبارة “يا جبل ما يهزّك ريح”.

ضرورة تصحيح الوضع

رضا بالحاج عبّر عن تضامنه مع راضية النصراوي وحمّة الهمامي الذي وصفه بـ”الشخصيّة التي تستحقّ كلّ الاحترام والتقدير”، داعيا الأحزاب الديمقراطيّة والمجتمع المدني إلى الوقوف من أجل تصحيح الوضع وإرجاع الأمور إلى نصابها وتمكينه من حماية من شأنها أن تكون في مستوى التهديدات خصوصا وأنّ شخصيّات أخرى تتمتع بحماية جديّة ومكثّفة رغم أنّ حجم التّهديدات التي تستهدفها أقلّ من تلك التي يتعرّض إليها حمة الهمامي.

“أنا في الواقع مصدوم لأنني لم أتصوّر، بعد الثورة، أن أجد الأستاذة راضية النصرواي في إضراب عن الطعام، وهي التي كانت في نضال مستمر وأعطت من حياتها ومن شبابها ومن صحّتها ومن وقتها الكثير… جوّعوها سابقا ولم أكن أتصوّر أن أجدها في نفس الحالة”، بهذه الكلمات عبّر الأستاذ عبد الستار المسعودي عن تضامنه مع الأستاذة النصرواي وعن استيائه من تعامل السلطة الذي لا يرتقي إلى رمزيّة الإضراب عن الطعام باعتباره أرقى أشكال النّضال.

حمّة الهمامي يظلّ أيقونة

وأشار المسعودي إلى أنّ “حمة الهمامي يظلّ أيقونة، مهما كان الاختلاف معه سياسيّا. وأضاف أنه لا يُعقل أن يتمّ رفع الحماية بهذه الطريقة وتعريض حياته، التي سخّر جزء كبيرا منها من أجل الدفاع عن الحريات، إلى الخطر. وأبرز أنّ الهمامي “كان ومازال شعلة ومواقفه لا يستطيع أيّ كان مصادرتها بأيّ طريقة كانت”.

وخلال زيارة المساندة التي أدّاها وفد عن منظمة “مساواة” لراضية النصرواوي، قالت راضية العمدوني عضو المكتب الوطني لمساواة إنّ حمة الهمامي لم يطلب الحماية وإنّ لا أحد يريد أن تقيّد حريّته وحياته وحياة عائلته الخاصة، مشيرة إلى أنّ قرار وضع حماية أمنيّة شاملة وكاملة على حمّة الهمامي فرضته التهديدات الإرهابيّة ولم يكن اعتباطيّا، بل استند إلى تقارير ومعطيات أمنيّة تفيد بأنه مستهدف وأنّه إذا كان رفعها يعني انتفاء الخطر، فما على السلط الرسميّة سوى توضيح المسألة، وذلك على حدّ تعبيرها.

جريمة دولة

 إنّ رفع الحماية الأمنية عن حمة الهمامي “بداية العودة إلى الوراء واعتبرت تعريض حياة حمّة الهمامي لخطر الإرهاب “جريمة دولة بأتم معنى الكلمة خاصة وأنّ القاصي والداني يعلم أنّه مستهدف”.

وطالبت العمدوني، في هذا الصدد، السلط التونسية بتحملّ مسؤوليتها كاملة واتّخاذ التدابير اللاّزمة في كلتا الحالتين وذلك إمّا بالتراجع عن قرارها وإمّا بالإفصاح عن دوافعه الحقيقيّة.

ودعت القوى الديمقراطية والتقدميّة إلى الوعي بدقة الوضع وطالبت الدولة بالتراجع الفوري عن هذا القرار.

 واعتبرت الجبهة الشعبيّة، في بيان أصدره المجلس المركزي للجبهة يوم السبت 15 جويلية 2017، أنّ تغيير الحماية الشخصية لناطقها الرسمي جاء في ظل ظرف أمني وسياسي هش، مؤكدة أنّ دوافع هذا القرار سياسيّة وانتقائيّة وأنّ الغاية منه “التضييق على الجبهة واستهدافها في شخص ناطقها الرسمي” بسبب “مواقفها المبدئية من مجمل القضايا الوطنية على غرار ملف الفساد، ورفض قانون المصالحة والمطالبة بانتخابات رئاسية وتشريعية مبكّرة”.

وحمّلت الجبهة الشعبيّة السلطات التونسية مسؤوليتها فيما قد ينجرّ عن هذا الإجراء من مخاطر على سلامة ناطقها الرسمي، داعية إياها إلى “الاتّعاظ من التهاون الذي بلغ حدّ التّواطؤ في حماية الشهيدين الحاج محمد البراهمي وشكري بلعيد.”

كما نبّهت إلى مخاطر هذا القرار على الاستقرار الاجتماعي والأمني لتونس باعتباره يشجّع الجماعات الإرهابية المهزومة واليائسة على ارتكاب جريمة أخرى في حقّ الجبهة وحقّ الشعب، مشدّدة على عزمها المضيّ قدما في النّضال دفاعا عن الشعب وقضاياه الوطنية مهما كان حجم المخاطر.

  وأكّد أحمد الصديق رئيس كتلة الجبهة الشعبية بالبرلمان التونسي، في تصريح لـ”العرب”، أنّ رئاسة الجمهورية أعلمت حمة الهمامي أنّ حمايته الشخصية ستؤول إلى أعوان من وزارة الداخلية مع التشديد على أنّ هذا الإجراء لن يغيّر من الأمر شيئا، قبل أن يتبيّن أنّ منظومة الرقابة الجديدة مختلفة ولا توفّر التأمين الضروري.

وللتذكير فإنّ الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبيّة حمّة الهمامي كان يتمتّع إلى حدود شهر ماي الماضي بحماية أمنيّة كاملة وشاملة على مدار 24 ساعة من قبل الأمن الرئاسي، لكن تمّ استبدالها بحماية يؤمّنها أعوان الداخليّة وتقتصر على المناسبات الرسمية والنشاط الرسمي فحسب. وهو ما دفع الهمامي إلى عدم التقيّد بها.

  وللاستفسار عن أسباب تغيير الحماية الشخصية التي لازمت الهمامي حوالي 4 سنوات قامت الأستاذة راضية النصراوي بمراسلة كلّ من رئاسة الجمهوريّة ورئاسة الحكومة ووزارة الداخلية في المرة الأولى. لكن هذه الجهات لزمت الصمت وتجاهلت طلب الإيضاحات حول استبدال الحماية وحول حجم التهديدات التي تستهدف زوجها وطبيعتها. وهو ما دفعها إلى خوض إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم الثلاثاء 11 جويلية الجاري. ورغم ذلك فإنّ السلط الرسميّة مازالت تلزم الصمت.

وتجدر الإشارة إلى أنّ قرار تغيير الحماية الأمنيّة لم يشمل سوى الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبيّة، حيث تمّ الإبقاء على نفس منظومة الحماية الخاصة لكلّ من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي ورئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي. وهو ما يرجّح أنّ الدوافع الحقيقيّة الكامنة وراء هذا القرار ليست سوى تصفية حسابات سياسيّة.

  • لطفي الوافي 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×