الرئيسية / الافتتاحية / في الحلول الوهميّة للحكومة: “عقد الكرامة” لا يصون الكرامة
في الحلول الوهميّة للحكومة: “عقد الكرامة” لا يصون الكرامة

في الحلول الوهميّة للحكومة: “عقد الكرامة” لا يصون الكرامة

لطفي الوافي:

عقدأعلنت الوكالة الوطنيّة للتشغيل والعمل المستقل، مؤخّرا، عن فتح باب التّرشح للانتفاع ببرنامج “عقد الكرامة” الذي يمتدّ إلى غاية يوم 25 مارس 2017. وهو ما أثار حفيظة عدد كبير من المعطّلين ومن منظّمات المجتمع المدني التي انتقدت بشدّة هذا القرار منذ الإعلان عنه من قبل رئيس الحكومة في شهر أكتوبر من السّنة الماضية. واعتبره البعض تقنينا للعمل الهشّ وتنصّلا من المسؤولية تجاه حوالي 700 ألف عاطل عن العمل وخدمة لرأس المال.

 عقد الكرامة وهمٌ آخر لتضليل المعطّلين

 في تصريح لـ”صوت الشعب”، انتقد الأمين العام لاتّحاد أصحاب الشهادات المعطّلين سالم العياري ما أسماه “حلولا ترقيعيّة وأوهاما تحاول الحكومة تصديرها لتضليل المعطّلين”، وقال إنّ اتحاد المعطّلين يرفض كلّ أشكال التّشغيل الهش، ومنها “عقد الكرامة” الذي لا يختلف عن الآليات الوهميّة التي اعتمدها نظام بن علي.

وأضاف العياري أنّ آلية “عقد الكرامة” لا تشمل حوالي 420 ألف عاطل عن العمل من غير الحاصلين على شهائد جامعية أو مهنيّة، مشيرا إلى أنّ الحلول الترقيعيّة التي تنتهجها الحكومة ستفاقم أزمة البطالة نظرا إلى ارتفاع نسب العاطلين من خرّيجي الجامعات ومؤسّسات التكوين المهني كلّ سنة. وأبرز، في ذات السّياق، أنّ غياب استراتيجية واضحة فيما يتعلّق بملف التشغيل يعكس السياسة الاقتصاديّة للدولة التي تعيد إنتاج نفس المنوال الاقتصادي الفاشل الذي ثار عليه الشعب التونسي وفي مقدّمته الشباب المعطّل والمفقّر.  

تأبيد البطالة

واعتبر العياري أنّ اللجوء إلى “عقد الكرامة، ليس إلاّ مزيدا من تأبيد بطالة خرّيجي الجامعات، خصوصا وأنّ هذه العقود التي ستشمل حوالي 7 بالمائة فقط من العاطلين بشروط مجحفة وغير منصفة خاصة للذين طالت مدة بطالتهم، لا يمكنها بأيّ شكل من الأشكال أن تضمن حقوق من اشتغل ولو بشكل ظرفي. مبرزا أنّ أصحاب المؤسّسات ورجال الأعمال هم وحدهم المستفيدين من آليّة التّشغيل المذكورة، نظرا إلى حجم الامتيازات التي سيحصلون عليها من ناحية، ونظرا إلى عدم إلزامهم بانتداب المنتفعين بتلك العقود إثر مضيّ سنتين. وأكّد أنّ هذا التّمشّي سيكرّس الاستغلال باعتبار أنّ جلّ رجال الأعمال يسعون إلى الربح المادي واستغلال اليد العاملة بأزهد الأجور وأبخسها.

وألمح إلى أنّ المعطّلين من أبناء المناطق الدّاخليّة المفقّرة والمناطق الحدوديّة المهمّشة، على غرار القصرين وجندوبة وسليانة وقبلي وتطاوين وغيرهم من الولايات التي ظلّت محرومة من التنمية والتي تفتقر إلى أبسط مقوّمات العيش الكريم، لن يتمكّنوا من إيجاد مؤسّسات لتشغيلهم، وهو ما قد يضطرّهم، حسب قوله، إلى البحث عن المناطق الصناعية في المدن الكبرى أو المدن السّاحلية وهو ما قد يكلّفهم الأجر الذي سيتقاضونه، والذي لا يتجاوز 600 دينار، باعتبارهم سيضطرّون إلى دفع معلوم الكراء وإلى تكبّد مصاريف النقل والأكل ومصاريف إضافية أخرى خاصة في ظلّ ارتفاع الأسعار مقارنة بالمدن الداخلية.

 تصريحات غير مسؤولة لوزير التّشغيل

وحول التصريحات الأخيرة لوزير التشغيل عماد الحمامي على إحدى القنوات التلفزية الخاصة، والتي اعتبر فيها الأخير “المعطّلين عبء على الدولة وعلى المجموعة الوطنية.” اعتبر العياري هذا “التصريح غير واقعيّ وغير مسؤول”.

كما ندّد بتنصّل الدولة من مسؤوليّتها تجاه مواطنيها، وخصوصا الشّباب منهم، وتهرّبها من واجبها في توفير العمل اللاّئق والمحترم الذي يحفظ كرامتهم بالفعل. ووصف اعتماد هذه الآليّات بسياسة الهروب إلى الأمام واعتبرها إهدارا للمال العام دون نتيجة تذكر وبيعا للوهم، باعتبار أنّ حوالي 90 بالمائة من المعطّلين سيظلّون في حالة بطالة وحرمان. خصوصا وأنّ 95 ألف معطّل عن العمل من أصحاب الشهائد، الذي بلغ عملهم الجملي 350 ألفا، تتراوح أعمارهم بين 35 و47 سنة وتتراوح مدّة بطالتهم بين 5 سنوات و17 سنة.

وتساءل العيّاري عن المنوال التنموي الذي يجب إرساؤه على أنقاض المنوال السابق، يكون قادرا على توفير مواطن الشغل.

 إصلاحات جوهريّة ضروريّة

 ودعا، في هذا الإطار، إلى التعجيل بإصلاح المنظومة التربوية والتعليميّة والاستثمار في القطاعات المنتجة وذات التشغيليّة العالية. كما شدّد على ضرورة تشريك مكونات المجتمع المدني والأحزاب السّياسية والمنظمات الوطنيّة، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد أصحاب الشهادات المعطّلين عن العمل والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة وكلّ الأطراف بملفّ التشغيل، من أجل وضع استراتيجية من شأنها أن تحدّ من أزمة البطالة والقضاء عليها.

كرامةوأكّد الأمين العام لاتّحاد المعطّلين على وجوب تغيير المنظومة القانونيّة بهدف إضفاء الشّفافيّة اللاّزمة على آليات الانتداب والرّقابة على المناظرات لضمان حقّ الجميع دون استثناء ولغلق الطريق أمام المحسوبيّة والرّشوة. واستنكر ما وصفه بـ”تخلّي الدولة عن دورها الاقتصادي والاجتماعي خاصّة فيما يتعلّق بالتنمية وبالتّشغيل وارتباطها بالدوائر المالية العالمية، على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، التي تفرض التّفويت في المؤسّسات العموميّ والتخلّي عن الوظائف العمومية وعن دور الدولة الاقتصادي باعتبارها قاطرة للاستثمار والتنمية.

وفي ذات السياق، اعتبر العياري أنّ تراجع تدخّل الدولة انعكس على الدّور الذي كان من المفروض أن يقوم به رجال الأعمال الذين انكمش نشاطهم واستثماراتهم جرّاء انعدام البنية التحتيّة. وحتى ما تمّ الترويج له حول بعث المشاريع الصغرى لفائدة الشباب ظلّ مجرّد وعود انتخابية وشعارات فضفاضة بسبب التّعطيلات والبيروقراطية إضافة إلى غياب المرافقة والمتابعة وضعف التمويل.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×