الرئيسية / الافتتاحية / في الذكرى الرابعة لإغتيال الشهيد شكري بالعيد ” بيننا و بين من يكحم تونس حقيقة الإغتيالات ”
في الذكرى الرابعة لإغتيال الشهيد شكري بالعيد ” بيننا و بين من يكحم تونس حقيقة الإغتيالات ”

في الذكرى الرابعة لإغتيال الشهيد شكري بالعيد ” بيننا و بين من يكحم تونس حقيقة الإغتيالات ”

   الاختبار بيننا وبين النهضة وبيننا وبين كل من يحكم تونس هو حقيقة اغتيال الزعيمين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي والمقصود ليس البتّة الأداة التي أطلقت الرصاص ولكن من قرّر وخطّط وموّل ودبّر

     وفق شكري بلعيد، التحالفات السياسية الجبهوية تبنى على البرامج السياسية الاجتماعية والاقتصادية والتقاطعات لا التحالفات ممكنة حول مهمّة محدّدة في وقت محدّد كالدفاع عن مجلة الأحوال الشخصية ومدنية التعليم أو النضال ضد العنف السياسي وضد المليشيات                         Untitled-1

أربع سنوات..دهر قاس وزمن مثقل بالجراح مرّ على البلاد والعباد باغتيال شهيد الوطن شكري بلعيد صبيحة يوم الأربعاء 6 فيفري 2013.. هيهات، لن يهنأ القتلة، شكري حيّ بيننا وها هو يهزأ منهم “إذا قتلوني راهم باش يعانيو منّي وأنا ميّت أكثر من وأنا حيّ”، هكذا أسرّ لرفاقه عندما شاع خبر تهديده بالاغتيال.. شكري حي، يرفعها “التوانسة” كل أربعاء في شارع الثورة أمام وزارة الداخلية.. شكري حي، يستحضرها الآباء والأمهات والأطفال كل صباح أمام المؤسسات التربوية في ربوع الوطن عندما لا تجد نيروز وندى الأب الذي يرافقهما.. شكري حي، يناديه شعبنا في كل لحظة يكابد فيها عمق الأزمة الاقتصادية وفشل حكامنا الجدد.. شكري حي،أكسير حياة، زعيم فذّ، رمز نضال وأمل أجيال وهو رفيق درب فيتأسيس الحزب والجبهة وتونس الجديدة.

 لقد اختار الرفاق إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد تحت شعار “لن ننسى.. نواصل النضال من أجل كشف الحقيقة ومقاومة الإرهاب” وسّطروا كما السنوات الأربع الماضية برنامجا يتضمّن جملة من الفعاليات النخبوية والجماهيرية التي ستبرزز بطبيعة الحال عمق الوفاء لشكري وكذلك عمق المشروع الذي اغتِيل من أجله هو والحاج محمد البراهميأيضا، دون أن ننسى المواطنينن والعسكريّين والأمنيين الذين طالهم غدر الإخوان الإرهابي أيضا.

في هذا الإطار تحرِّكنا الذكرى التي لم تغب عنّا يوما ونجد من الوجاهة التوقّف مجدّدا عند دلالاتها وعند الدروس الواجب استخلاصها من  مسيرة شكري بلعيد أربع سنوات بعد اغتياله، لم يشأ فيها حكّام تونس الجدد فعل ما يلزم لكشف الحقيقة.

وما أشبه اليوم بالبارحة، “ما نراه اليوم يجعلنا قلقين كثيرا” هذا ما قاله شكري في أحد حواراته الصحفية الأخيرة عندما سُئِل عن المجموعات التخريبية التي وجدت الغطاء السياسي من حركة النهضة وكانت النتيجة مقتل الناشط في حركة نداء تونس لطفي نقضض وبعدها واقعة الاعتداء على بطحاء محمد علي والمقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل والتي قبِرت نتائج التحقيق فيها وهو أمر ما كان شكري ليقبله لو ظلّ على قيد الحياة، فهو من أشرس من دافع عن استقلالية المنظّمة الشغيلة وخطّها النضالي.

وقد نبّه الشهيد آنذاك إلى ضرورة التصدي لشيوخ الفتنة والقتل الذين احتفت بهم الترويكا وصدح بالقول بان السلفيين جاؤوا من خارج البلاد ومن خارج التاريخ ويجب مواجهتهم لأنهم يهدّدون بوضوح وجود الدولة، وها نحن نقف على هذه الحقيقة والأخطر من ذلك عودةة الحديث بقوة هذه الأيام من رموز الإسلام السياسي في تونس عن ضرورة استقبال الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر!

هي اليقظة التي تميّز بها شكري الذي لم يتردّد يوما في فضح تقلبّات جماعات الإسلام السياسي وذكّرهم قبل اغتياله أيضا بأن بن علي كان مرشّح النهضة في انتخابات 1989 وأن راشد الغنوشي قال أن ثقته في الله أوّلا وبن علي ثانيا، وبالتالي فـ “إن النهضة شريك أساسيي في التأسيس للدكتاتورية النوفمبرية وهي عنصر أساسي في المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة”.

هي الجرأة أيضا، جعلت شكري بلعيد يحوّل اتهامات “شيوخ الكذب” ومسؤولي الدولة زمن الترويكا،على غرار وزير الداخلية على لعريض الذي حمّله مسؤولية احتجاجات أهلنا في سليانة وكذلك المواقف المتجذّرة لاتحاد الشغل، إلى وسام يوشّح صدره وصدور مناضليي جبهته..

هذا الدرس الأول، وهذا هو الاختبار بيننا وبين النهضة وبيننا وبين كل من يحكم تونس، حقيقة اغتيال الزعيم شكري بلعيد والزعيم الحاج محمد البراهمي والمقصود ليس البتّة الأداة المحسوبة على الآدميّين التي أطلقت الرصاص، ولكن من قرّر وخطّط وموّل ودبّر؟

أمّا الدرس الثاني في هذا الظرف الدقيق الذي تعيش فيه تونس على وقع احتجاجات كثيرة ومتفرّقة بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ومواصلة الحكومة لسياسة الهروب إلى الأمام والقبول أخيرا بإجراء الانتخابات البلدية واستباق ذلك بتعيينات مثيرة للجدل للمعتمدين، فهوو للرفاق في الجبهة الشعبية،التمسّك بالوحدة فـ”في البدء والمنتهى هي جبهة للنضال والتعبئة وللدفاع عن مطالب الشعب ولتقديم البدائل والمقترحات وأن دورها متواصل في كل السياقات دون استثناء”..

ولأن شكري حي، فثمّة درس ثالث مباشر في الجبهات والعمل الجبهوي حيث يقول بوضوح “يجب أن نفرّق بين مستويات عدة، فالتحالفات السياسية الجبهوية تُبنى على البرامج السياسية الاجتماعية والاقتصادية لذلك أسّسنا إطارا جبهويا نتقدم به للتونسيات والتونسيين.. ونعرض من خلاله برامجنا وتصوراتنا.. خيارنا ديمقراطي شعبي”.

هذا ولم يرفض الشهيد التقاطعات ولا التحالفات حيث يمكن التقاطع حول مهمّة محدّدة في وقت محدّد كالدفاع عن مجلة الأحوال  الشخصية أو الدفاع عن مدنية التعليم أو النضال ضد العنف السياسي وضدّ المليشيات.

وحول العلاقة مع الأحزاب والقوى السياسية يرى شكري بلعيد ضرورة قيامها على قاعدة مهام موضوعية وعلى قاعدة محاور نضال سياسي وعلى قاعدة قراءتنا للوضع ومتطلباته وليست مجرد أهواء أو مزحة على حدّ تعبيره. في كلمة “نعمل على دفع كل ما نرى أنه يخدم مسار ثورتنا ومصلحة شعبنا بكل طبقاته وفئاته صاحبة المصلحة في الحرية والتقدم والكرامة”.

هذا الحب وهذه الثقة التي يعطيها الشهيد لشعبه هي التي جعلت هذا الشعب يشيّعه في جنازة مهيبة، كيف لا وهو القائل فيه حين ظهر “الأزلام” أن الشعب التونسي لا يلدغ من الجحر مرّتين وقد أغلق هذا الملف إلى الأبد ولن يعود إلى سياسة الاستبداد والفساد من جديد وتحت أي عنوان.

وليس غريبا أن نتذكّر بدورنا شكري بلعيد اليوم وكلّ يوم ونستلهم من نضاله وإرثه وتضحياته ونجدّد له العهد “لن نكون أهلا لحليب أمهاتنا  إذا حدنا أو تراجعنا أو تخاذلنا أو تفرّقنا”.

 مراد علالة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×