الرئيسية / صوت الثقافة / المهرجان الوطني لمسرح الهواة بقربة // مهرجان يثق في المستقبل ويدفع بعجلة الحضارة إلى أفقها الإبداعي..
المهرجان الوطني لمسرح الهواة بقربة // مهرجان يثق في المستقبل ويدفع بعجلة الحضارة إلى أفقها الإبداعي..

المهرجان الوطني لمسرح الهواة بقربة // مهرجان يثق في المستقبل ويدفع بعجلة الحضارة إلى أفقها الإبداعي..

IMAG0690.JPGالطفل هو النواة والبذرة التي تحمل في مسار نموّها رحيق بيئتها، وهي روائح مفتوحة على التعدد الموغل في الخصوصية من رائحة الفنان الذي يجترح خيط الضوء من رحم العتمة إلى الـداعشي الذّي يستل نبض الحياة من القلوب النابضة. وهو يعيش لعبته الأولى ويتحسس من حوله الموجودات، رائحة الأم، ولذّة الثمار المبثوثة في لبنها، وعطر الطبيعة وغبارها، الأصوات والإيقاعات والحركة والأوان والأضواء، يتنفّس الطفل العالم المحيط بالذهن، هذا الذهن الذي مازال مضغة، حينما تشكّل أبدع العالم في أجمل صوره كما دمّر العالم أيما تدمير.. هذا العقل البشري الذّي أبدع موسيقى بتهوفن وموزار والأخوة الرحباني، هو نفس المضغة ونفس اللبنة التي أفرزت الفاشية مع هتلر وقبله نيرون في روما القديمة وصولا إلى الدواعش اللذين تهندسوا في محيط البشرية وهي غافلة أحيانا وعالمة كاتمة لعلمها أحيان أخرى.. هذا الطّفل يتعامل مع مسرح الحياة ليتعلّم ويقتفي الأثر في محاولة منه لتلوين ذاته وعوالمه الخاصة.. يقول المعجم الديني أن الطفل يولد على فطرته، أبواه ينصّرانه أو يهوّدانه أو يأسلمانه..
بكل هذه الخطورة نعيش مع الأطفال، لكننا نتجاهلهم، ونهمّشهم في فعلنا الثقافي، ففي وعي أغلب المشتغلين بالفن خلل ما، وفقدان للتوازن الفكري والعاطفي في أفق تطور الثقافات والحضارة الإنسانية حين يغيّبون الطفل.. هذا الطفل المتابع للمسرح – بالضرورة مع العائلة- بشكل قصدي أو عن طريق الخطأ بحكم التواجد القصري في الشارع علينا أن نضعه في خارطة الاهتمام.
فمهرجان قربة الوطني لمسرح الهواة فتح أبوابه للأطفال الشبّان، واحتضن تجاربهم ووجّههم وسلّحهم بآليات للنقد والتفاعل مع ما يلاقونه من أعمال مسرحية في طريقهم الطويل، وذلك عبر الندوات الفكرية والتربصات والعروض وخاصّة من خلال النقاشات التي تلي كل عرض، أو هي على هامش لقاءات التعارف بين المشاركين. وهذا يحسب له لأنه مهرجان يثق في المستقبل ويدفع بعجلة الحضارة إلى أفقها الإبداعي. فقط غياب أعمال مسرحية موجّهة للأطفال وغياب بعض الورشات أو التربصات التي تعنى بمسرح الطّفل ومختصين في هذا المنحى يعد نقيصة على المهرجان أن يتلافاها في الدورات القادمة.. فلا مستقبل للكبار إذا لم تتخمّر بذرة الحياة في صغارهم…
وهيبة العيدي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×