الرئيسية / الافتتاحية / ليبيا: هل تنجح حكومة السرّاج في تحقيق الانفراج؟

ليبيا: هل تنجح حكومة السرّاج في تحقيق الانفراج؟

بعد أن نجح أعضاء حكومة السراج في الوصول إلى العاصمة طرابلس والتمركز بها رغم المخاطر الأمنية التي تهدّد أفرادها يبقى السؤال مطروحا حول مدى نجاح هذه الحكومة في رفع التحديات وتجاوز العراقيل التي تواجهها.

الثّقة في أجواء انعدام الثّقة !

إنّ أبرز ما يعرقل حكومة السراج هو حصولها على الشرعية البرلمانية التي لم تتمكّن من الحصول عليها منذ تشكليها. ولا يتمثل الإشكال في إمكانية عدم حصول الحكومة على نسبة الأصوات المطلوبة وإنما أيضا في نجاح الكتل المتصارعة على ترتيب جدول أعمال البرلمان وتحديد النقاط المزمع نقاشها إلى جانب تأمين سلامة النوّاب المؤيّدين للحكومة.

هذا الوضع يعكس أجواء انعدام الثقة وتدهور الوضع الأمني بما يجعل التصويت على الحكومة خطوة بالغة الخطورة على حياة النواب، بما يفرض على هذه الحكومة توفير الحماية لهم وتأمين مقرات سكناهم وتنقلهم… وفي مثل هذه الأجواء فإنّ التصويت في حدّ ذاته لن يعكس رغبة حقيقية للخروج من الأزمة بقدر ما هو موقف للحفاظ على السلامة الجسدية للنواب الذين سيجدون أنفسهم يصوّتون تحت ضغط كبير.

وقد تعرّض مبعوث ليبيا الدائم لدى مجلس الأمن، السفير إبراهيم الدباشي، إلى هذه النقطة قائلا:” إنّ سلامة أعضاء البرلمان المؤيّدين للحكومة الوليدة تقع على عاتق رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح والمسؤولين في مدينة طبرق” ، مشيرا إلى “ضرورة ضمان هذه الجهات عدم تعرّض النواب إلى أيّ تهديد جسدي أو لفظي ومنع اقتراب أيّ مواطن من مقرّ المجلس أو إقامة النواب”، وذلك بسبب ما حدث في جلسة البرلمان السابقة، منوّها على احتمال أن تطال العقوبات الدولية أيّ أطراف أمرت أو شجّعت على ذلك، حسب وصفه.

محاربة داعش

من البديهي أنّ أوّل الملفّات المطروحة على طاولة حكومة السراج هي محاربة داعش، هذا التنظيم الإرهابي الذي مازال يسيطر على أجزاء واسعة من التراب الليبي والذي انطلقت “غزواته” بعد سيطرته على مدينة درنة التي تقع على الحدود مع مصر وتبعد 200 ميلا فقط عن أوروبا ويبلغ تعداد سكانها ما يقرب من 100 ألف نسمة وتحتضن معاقل تدريب الوافدين من شمال أفريقيا للانضمام إلى داعش .

بعد التمركز في درنة تحرّكت خلايا التنظيم في باقي مناطق ليبيا لبسط سيطرتها على مدن جديدة، مستفيدة من الصراع القائم بين الجيش الليبي وقوّات فجر ليبيا .

وفي العام الفارط سيطر تنظيم “داعش” الإرهابي على مقرات حكومية فى سرت مطالبة سكانها بمبايعة زعيمه البغدادي. ويمثّل الاستحواذ على منابع النفط في ليبيا أحد أهمّ مصادر تمويل داعش، ولهذا يسعى التنظيم إلى السيطرة على حقول النفط فى منطقة الهلال النفطي الواقعة فى شمال شرق ليبيا.

معالجة الوضع الأمني والاقتصادي

لا يمكن القضاء على الإرهاب في ليبيا والبلاد تعيش فراغا أمنيّا وتعرف تدهورا أمنيّا فظيعا واقتصادها كارثي بسبب عدم قدرتها على تأمين مداخيل الدولة المتأتّية أساسا من النفط. لذك فإنّ البداية تبدأ بمعالجة الوضع الأمني.

هذه النقطة كانت على رأس أولويّات سفراء دول الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا اجتماعا يوم الثلاثاء الماضي لمناقشة الوضع في ليبيا والتحديات التي تواجه حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.

ونقلت مصادر إعلامية عن دبلوماسي أوروبي أنّ هذا الاجتماع هو تمهيدي للقاء وزاري على مستوى الخارجية والدفاع، مشيرة إلى أنّ هذا اللقاء خُصّص لمناقشة الملفّ اللّيبي فقط.

ويهدف لقاء سفراء دول الاتحاد الأوروبي إلى الإعداد لتشكيل بعثة أمنية أوروبية إلى ليبيا، لمساعدة حكومة الوفاق على “إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية” والوقوف على الثغرات الأمنية الرئيسة والتي منها إشكالية ضبط الحدود الخارجية جنوبا وتكثيف المراقبة على السواحل الليبية في إطار إدارة أزمة الهجرة واللجوء.

ورغم هذه التحركات الداخلية والدولية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا إلاّ أنّ الأمل يبقى ضعيفا لتجاوز الأزمة بالنظر إلى الطريقة التي تعالج بها القوى العظمى الوضع في هذا البلد، هذه الطريقة التي تعطي الأولوية لمصالح هذه القوى على حساب مصالح ليبيا والدول المجاورة لها بالإضافة إلى تعنّت القوى المتصارعة في ليبيا التي تغلب عليها العقلية الحزبية الضيّقة وتنخرها القبليّة والعشائريّة دون أن ننسى ضعف مكوّنات المجتمع المدني القادرة على إدارة حوار ليبي حقيقي بين الفرقاء.

عبد الجبار المدوري

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×