الرئيسية / أقلام / اختتام “مبدعون من أجل الحياة” ببن عروس: “مُبدعون لأننا نعشق وطنا وسنـُـبدع من أجله”
اختتام “مبدعون من أجل الحياة” ببن عروس:  “مُبدعون لأننا نعشق وطنا وسنـُـبدع من أجله”

اختتام “مبدعون من أجل الحياة” ببن عروس: “مُبدعون لأننا نعشق وطنا وسنـُـبدع من أجله”

hatem boukesraشهدت دار الثقافة ببن عروس مساء يوم الأحد 6 ديسمبر اختتام تظاهرة مبدعون من أجل الحياة في هذه الجهة التي عاشت على امتداد 24 يوما برمجة فنية وثقافية شملت كل معتمدياتها وفضاءاتها الحضرية والفلاحية والصناعية، حيث قدّم الفنانون عروضهم وورشاتهم لكل الفئات العمرية والاجتماعية دون استثناء من منطلق أنّ الثقافة والفن طقس يومي ونمط حياة حاجتنا إليهما لا تقلّ عن حاجاتنا الأساسية الأخرى.

غنّت لبنى نعمان رفقة مهدي شقرون في الاختتام وغنّت رانيا الجديدي وأيمن مقني وروى الفنان كمال العلاوي “خرافة” عن ظلم الحاكم كما رسمت مجموعة زواولة غرافيتي على حيطان دار الثقافة ببن عروس كي تكون الحياة إبداعا متواصلا، وعن الإبداع  قال الفنان نبراس شمام: “مبدعون من أجل الحياة، مبدعون من أجل تونس، مبدعون بالأمس واليوم والغد، مبدعون لأننا نعشق وطنا وسنبدع من أجله” لتغني فرقة البحث الموسيقي لقاعة امتلأت بحاضرين أتوا من أجل الإبداع وحده.

 هذه التظاهرة التي كانت عكس نظيرتها في ولاية تونس لم تتوقف بعد العملية الإرهابية الشنيعة التي طالت شهداءنا من أعوان الأمن الرئاسي لتعطي رسالة واضحة على استمرار المقاومة وتلازمها باستمرارية الحياة. كما  تميّزت “مبدعون في بن عروس” عن مثيلاتها بوجود لجنة تنظيم مستقلة أشرفت على التظاهرة معيّة المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث ببن عروس حيث تكوّنت هذه اللجنة من فنّانين وأساتذة من مختلف الاختصاصات أشرفوا على وضع برنامج سعى إلى جمع كلّ الفنون من فوتوغرافيا وأدب وشعر ورقص وموسيقى وسينما ومسرح وفنون الشارع وفنون جميلة وراب وفسيفساء وغيرها، ممّا جعل من برمجة الدورة استثنائية بامتياز حيث قاربت الأنشطة المقامة الـ200 نشاط امتدّت على ما يناهز 100 فضاء بمختلف أنواعها.

يقول الفنان حاتم دربال مدير التظاهرة في تقييمه لما تمّ بأنّ التظاهرة قد حقّقت جلّ أهدافها المرسومة لها، حيث حرّكت سواكن الفئات المستهدفة خاصة في الإصلاحيات والسجون ومراكز التكوين والمراكز المندمجة وجمعيات ذوي الاحتياجات الخصوصية وكذلك الفضاءات العامّة كالمقاهي والأسواق.

كما أكّد أنّ البعد التنشيطي للتظاهرة لم يطغ على أبعاد أخرى، حيث مثّل الفن الملتزم بالقضايا الراهنة  “الآن وهنا…” العصب الرئيس في كلّ الفعاليات المقامة ليعكس شواغل وهموم متساكني جهة بن عروس.

وأضاف حاتم دربال أنّ الهدف الرئيسي يتمثل في توحيد الطاقات بالجهة في علاقة بمفهوم الفعل الثقافي وإرساء علاقة تشاركية بين الفاعلين الثقافيين، معتبرا أنّ اللقاء بين المادة الثقافية والفنية وتطلّعات ومشاغل متساكني الجهة قد مكّن المشرفين على التظاهرة من سبر احتياجات الجهة فنيا وثقافيا.

المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث السيد ذاكر العكرمي أكّد على حاجة الجهة إلى مثل هذه التظاهرات، الأمر الذي بدا واضحا في الإقبال الكبير من مختلف الفئات على الأنشطة المقامة مثمّنا تجنّد كلّ المشاركين من ولاية وبلديات وإدارات جهوية ودور ثقافة وشباب ومراكز تنشيط ومؤسسات تربوية ومجتمع مدني من أجل إنجاح التظاهرة التي لم تكن ملءً لفراغ حاصل إذ لم تسقط في الاستسهال وفي الشعبوية على حدّ تعبيره.

ويبقى التحدي المطروح أمام الفعل الثقافي متمثلا في كيفية استدامته، فكيف يمكن لهذا العمل الظرفي أن يتواصل؟ هذا التساؤل الذي طرحه حاتم دربال قد حاولت لجنة التنظيم الإجابة عنه عبر إشراك مختلف مكونات المجتمع المدني في تحديد البرمجة تصوّرا وإنجازا وتجميعها على أرضية موحّدة من أجل تطوير وسائل العمل وفتح الأبواب أمامها لخلق آفاق التعاون والعمل المشترك على مدى طويل.

إنّ الفعاليات الفنية الظرفية ميزة السّواد الأعظم من العمل الثقافي في بلادنا في وقت نحتاج فيه إلى ثقافة تحتلّ مكانة تضاهي مكانة الخبز. إلاّ أنّ وزارة الثقافة سقطت كالعادة في عدة أخطاء ميزت مبادرة مبدعون من أجل الحياة بشكل عام وذلك من خلال العشوائية والتّسرّع وهيمنة الإدارة على التخطيط والتنفيذ. إذ لم توفّق الوزارة في اختيار تاريخ مناسب للتظاهرة حيث قطعت عليها أيام قرطاج السينمائية طريق التغطية الإعلامية في بلد تهيمن المركزية بمختلف أبعادها عليه. كما لم تأت عديد البرامج بجديد لتقتصر مبدعون عند بعض الجهات بأنشطة فلكلورية امتزجت بالشعبوية زادت في تسطيح الفعل الثقافي وفي نفور المواطن عنه، إضافة إلى أنّ وجود الإدارة كمبرمج رئيس في أغلب التظاهرات وعدم منح الفرصة لفنانين ومبدعين للإشراف على التّصوّر والإنجاز جعل من “مبدعون” تظاهرة الوزارة وحدها في أغلب الحالات في حين مثّلت “مبدعون” في بن عروس استثناءً رغم الهنات الموجودة والتي تتطلب استمرارية العمل التشاركي وتفاعلا بين كلّ الأطراف المتداخلة في الحقل الثقافي كي لا يكون الفعل الثقافي “فعلا محكوما شكلا ومضمونا، عمقا وسطحا، بالعودة وبالرجوع إلى المكان ذاته، ليكرّر المماثل”.

 “صوت الشعب”: العدد 188

من إعداد: حاتم بوكسرة 

010203040506

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×