الرئيسية / أقلام / محسن النّابتي: “ساعات حاسمة في لعبة الأمم”
محسن النّابتي: “ساعات حاسمة في لعبة الأمم”

محسن النّابتي: “ساعات حاسمة في لعبة الأمم”

mohمنذ خمسة أيام استعرت المعارك بشكل جنوني على جميع الجبهات حيث سيطرت جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا و العراق على مدينة إدلب وهي من كبريات المدن السورية شمالا، ودخلت داعش إلى مخيم اليرموك، والجيش السوري يواصل عملياته على أكثر من جبهة. وليلة البارحة سيطرت القاعدة على آخر المعابر بين الأردن وسوريا. وفي المقابل نجد تقدما كبير للجيش العراقي على حساب داعش، ويمكن اعتبار دخول تكريت عنوان كبير لهذا التقدم ومؤشر على اقتراب معركة الموصل الحاسمة.

وفي اليمن هناك سباق ضد الساعة ذكرني بالسباق الذي جد قبل ساعات من انعقاد القمّة العربية حيث سيطر الحوثيين والجيش على عدن، وساعات بعد ذلك بدأت السعودية بالقصف. واليوم الجيش السعودي يبدأ بتفكيك السياج الحديدي على حدود اليمن، وهذا إجراء يسبق العمليات البّرية، ولو بشكل محدود. في المقابل نقلت بعض شبكات التواصل الاجتماعي تحركات لجماعات مسلحة عراقية على الحدود السعودية استعدادا لعمل ما …

بالمجمل، تقدّم للقاعدة و المجموعات المسلحة في سوريا، وتراجع كبير لها في العراق. حالة إنتظار في اليمن رغم المؤشرات العسكرية بعد اتمام السيطرة على عدن من قبل الحوثيين و الجيش اليمني و خاصة التقدم على السواحل المطلة على باب المندب، الهدف الأبرز للمعركة، تقول أنّ الضربات الجوية تبدوا معدومة الفائدة استراتيجيا في ظل مساحة كبيرة جدا و تضاريس صعبة و عدد صغير من الطائرات مقابل ما كانت تستعمله أمريكا و حلفائها في العراق مثلا أو أفغنستان أو يوغسلافيا، فهل تتقدم السعودية باتجاه البرّ لمزيد الضّغط و تشتيت الجهد العسكري لليمنيين الذي قد يكون في شكل مواجهة في الشمال ؟ وربما بعض الانزلات ولو بشكل محدود على السواحل؟ وكيف سيجابه هذا من الحوثيين وأيضا من اصدقائهم في العراق و غيرها ؟  في المقابل لماذا كل هذا الضغط في سوريا و التي تبدوا و كأنها ساحة المواجهة الابرز و التي يتوقف عليها اعلان النصر لكلا الطرفين وهو أمر منطقي ؟
ففي سوريا يقاتل الكل ضد الكل، وفي سوريا تقاتل روسيا وإيران و حزب الله وكل الداعمين لهم سياسيا و إقتصاديا و عسكريا ضد أمريكا و إسرائيل و تركيا و السعودية والمواجهة تتم بشكل مباشر و فعلي، لكن في اليمن و العراق الاشتباك لا يتم بشكل مباشر بين القوى المتصارعة …هناك كثير من المؤشرات التي تقول ان هذه الهستيريا تعكس ضراوة المفاوضات حول الملف النووي الايراني وأنا أعتقد أنّ المفاوضات التي تجري بين أمريكا و أوروبا و إيران و روسيا ليست حول الملف النووي، فالملف هو العنوان و إنما تجري هذه المفاوضات حول قضايا متعددة بعنوان الملف النووي كملفّات أكرانيا وسوريا واليمن والعراق وأعتقد أنّ حتّى ملفّ فنزويلا حاضر بشكل ما …وكل المؤشرات تقول بقرب التوصل لإتّفاق ولو بشكل محدود لأنّ أوباما لن يقبل بغير إتفاق مهما كان و هو يرفض الذهاب لحرب شاملة. وبقرب حصول الإتّفاق ستبلغ الامور عسكريا على الارض حد كبير من الضراوة لا يتصورها لمسك أكثر ما يمكن من الأرض فتوقيع الاتفاق ليس نهاية المطاف، وأعتقد أن الأهداف أصبحت واضحة، العراق خارج اللعبة لأن تركيا و إيران و أمريكا و روسيا متّفقين حول إنهاء داعش و من معها .

في اليمن تابعت تقريبا مجمل تصريحات الخليجيين خاصة في الساعات الاخيرة فلاحظت نزول سقف المطالب من عودة الشرعية و تسليم الأسلحة و دخول قوات عربية لصنعاء إلى الخروج من عدن ” باب المندب الهدف ” و إقتسام اليمن بين المحورين، لكن العقدة الكبرى هي سوريا لأنّ الأمور تبدوا فيها غير قابلة للقسمة أو  للنصر هنا أو هناك، والتشابك فيها كبير و مباشر، وحتى الأهداف مختلفة فيها حتى بين الحلفاء أنفسهم ففي الوقت الذّي تريد فيه السعودية إسقاط النظام و تدمير الجيش ترفض مصر الأمر بشكل نهائي و تعتبر وحدة الدولة و الجيش العربي السوري خط احمر …

الساعات القادمة سيتوضح فيها مصير الصراع، إما مواجهة شاملة ستأتي على الاخضر و اليابس و إما إتفاقا ولو هشّا ومرحليا حتى جولة أخرى، قد تكون بعد رحيل أوباما من البيت الأبيض وإكتمال الاستعدادات الروسية التي تتصاعد بشكل جنوني كإحتفالات عيد النصر التي يتم الإعداد لها هذه السنة بشكل غير مسبوق و بحضور صيني كبير جدا، التي ليست إلا جزءا من التعبأة العامة التي تشهدها روسيا و من معها …

 الوطن العربي مرة اخرى مجالا للعبة الأمم، وعلى أرضه، ومرة أخرى سيتحدد مصير العالم لعقود، فهل ننجح هذه المرة في أن نتحول لأمة تلعب مع الأمم في العقود القادمة أم سنكون مجالا للعب و اللعب الماسط كما يقول التونسيون …

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×