الرئيسية / صوت الثقافة / هل نسيتم أمّ الشّهيد؟
هل نسيتم أمّ الشّهيد؟

هل نسيتم أمّ الشّهيد؟

%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%af-%d8%aa%d9%84%d9%8a%d9%84%d9%8aتلك التي رأيناها ذات مرّة على التلفزيون تشيّع جنازة ابنها بعينين متورّمتين من أثر البكاء وقلّة النّوم. تلك تعاطفنا معها، وربّما بكينا معها أيضا، ولكن بمجرّد أن غادرت الكاميرا منزلها، نسينا كلّ شيء، أو يبدو أنّنا كذلك…

هل عاد أحد إلى زيارتها؟

هل سأل أحد عن حالها؟

هل فكّر أحد في أمرها بعد أن غادر ابنها الذي كان يعول أسرة بحالها؟

على كلّ حال، هي مازالت هناك في ذلك البيت، تدور طوال اليوم وتبكي: تضمّ سرواله الذي غيّره على عجلٍ، وتركه مرميّا فوق كومة ملابسه، تنظر إلى وجهه الذي مازال يبتسم في مرآة دولاب الملابس المكسورة، أحيانا تجلس قرب الشّباك حيث كان يراقب الأفق كلّ مساء، تجمع جواربه وترتّب فراشه وتشمّ رائحته التي ظلّت نائمة على قميصه وعلى الكرسيّ وفي الزّوايا… تشمّها وتبكي.

هناك ما يُبكيها في البيت أينما ستلتفت، لذلك ستخرج إلى الشّارع الطّويل، وستمشي وحيدة وحزينة كمن يسوقونه إلى مشنقة

نحن النّاجين من الرّصاص سنبكي أيضا حين نراها

بائع الفول وطالبة الفلسفة وصاحب الموتور الحمراء الذي يلبس خوذته طوال الوقت ونادل المقهى وعامل النّظافة الهزيل ولصوص الهواتف الجوّالة والرّجل الذي خرج من السّجن بكفالة وحتّى اللّقالق النّائمة فوق مكتب البريد ستبكي معنا هي الأخرى…

هي حتما ستصل إلى طرف الشّارع، وسترى تلك اللاّفتة الصّغيرة المثبّتة حديثا

هي حتما ستقرؤها

وستعلم أنّ ذلك الشّارع الذي هربت إليه، صار يحمل اسم ابنها أيضا

وأنّ هذا كلّ ما ستحصل عليه!

(جريدة “صوت الشعب”: العدد 224 // الخميس 15 ديسمبر 2016)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×