الرئيسية / منظمات / أخبار / ولاية مدنين: بين التّراخي في تطبيق الحجر الصّحّي، والتخوّف من الإرهاب
ولاية مدنين: بين التّراخي في تطبيق الحجر الصّحّي، والتخوّف من الإرهاب

ولاية مدنين: بين التّراخي في تطبيق الحجر الصّحّي، والتخوّف من الإرهاب

تمّ تسجيل أوّل إصابة بفيروس كورونا بولاية مدنين يوم 19 مارس، وكانت عدوى وافدة من الخارج وفجأة تطوّر الوضع ليبلغ إجمالي عدد المصابين 62 شخصا بالفيروس يوم 05 أفريل باعتبار 11 مصابا غادروا الولاية إلى جهاتهم الأصلية. كما تمّ تسجيل حالتي وفاة وثلاث حالات شفاء. ويتوزّع المصابون في الولاية كالتالي: جربة 44 إصابة، جرجيس 05 إصابات، مدنين 1 إصابة. كما يخضع 97 شخصا للحجر الذاتي و153 شخصا من العائدين من ليبيا للحجر الإجباري.

إنّ الملاحظة الرئيسية التي تسترعي الانتباه هو التمركز الجغرافي الشديد للإصابات بالفيروس في جزيرة جربة التي تمّ اعتبارها منطقة للعدوى الأفقية. وتسير مصالح الصحة العمومية والسلط الجهوية نحو عزل أربع مناطق فيها باعتبارها مناطق موبوءة للتمكن من إجراء عمليات “التقصي النشيط”. ويمكن القول إنّ جزيرة جربة قد دفعت ثمنا باهظا ضريبة الاستهتار والارتباك الحكومي في مسألة غلق الحدود وتعليق الرحلات الجوية في بداية الأزمة ليشكّل مطار جربة جرجيس أحد أهمّ المنافذ التي تسرّب منها الفيروس للجزيرة. بالإضافة إلى الخروقات واسعة النطاق للحجر الصّحي وحظر التجوّل الذي شمل كافة معتمديات الولاية دون استثناء بسبب قصور الإجراءات التي انتهجتها الحكومة وإقرار الحجر الصحي وحظر التجول دون توفير الضمانات الاقتصادية والاجتماعية لكافة المواطنين دون استثناء. وهو ما جعل الشوارع مسرحا لرحلة البحث اليومي عن المواد الأساسية شبه المفقودة في السوق (السميد، الفارينة، السكر،…) بل إنّ عدة مناطق ريفية نائية في معتمديتي بني خداش وسيدي مخلوف بقيت لأكثر من أسبوع دون تموين ممّا اضطرّ السكان إلى التنقل إلى مركز المعتمديات أو حتى إلى مركز الولاية. وكانت الطريقة التي أعلنت بها الحكومة عن المنح والمساعدات الاجتماعية بمثابة الإعلان غير الرسمي عن نهاية الحجر الصحي.

وجدير بالذكر أنّ اللجنة الجهوية لحزب العمال بمدنين قد أصدرت بيانا بتاريخ 31 مارس 2020 طالبت فيه باتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة أهمها:

التحكم في مسالك توزيع المواد الصيدلية الخاصة بالوقاية من فيروس “الكورونا” والمواد الغذائية وتوفيرها لكافة متساكني الولاية في الريف والمدينة وضرب شبكات الاحتكار والسمسرة في قوت الشعب، وصحته، للحيلولة دون تحوّل الأزمة الوبائية إلى أزمة مضاعفة بنقص التموين.
تركيز مخبر تحاليل بالجهة بوصفها من أكثر الجهات تضرّرا من انتشار الفيروس ولو بتسخير القطاع الخاص لإجراء التحاليل الضرورية وتسخير عدد من النزل المغلقة لتخصيص قسم منها للحجر الصحي الإجباري وقسم آخر يوضع على ذمّة الإطار الطبي وشبه الطبي.
العزل الصحي الكلي للمناطق التي لم تسجل فيها إصابات بالفيروس إلى حد الآن (بن قردان، بني خداش، سيدي مخلوف) لتوجيه أكثر ما يمكن من التجهيزات والمجهودات الطبية للمناطق الأكثر تضررا وفي مقدمتها جزيرة جربة.

إيجاد آلية للحد من انعكاسات البطالة القسرية لآلاف من عاملات وعمال القطاع السياحي وغيرهم من عمال الأنشطة الهشّة بتمكينهم من نسبة من أجورهم تكفل لهم الحد الأدنى من العيش الكريم.

زيادة على هذه الضغوطات الصحية والاقتصادية والاجتماعية فإنّ ولاية مدنين بوصفها ولاية حدودية، تجد نفسها أمام تحديات أمنية لم تنقطع منذ 2011، تتعلق أساسا بمجريات الحرب الأهلية في ليبيا. حيث أدى اقتراب ساحة المعارك من المنطقة الحدودية إلى شلل شبه تام للحركة التجارية الرسمية منها والموازية والتي تعتبر مورد رزق للآلاف من مواطني الجهة. كما أدّت عمليات إجلاء المواطنين التونسيين العالقين بليبيا بعد غلق المعابر الحدودية إلى تنامي المخاوف من إمكانية تسرب عناصر إرهابية أو تسرّب حالات مصابة بفيروس “الكورونا” في ظلّ تواصل عمليات خرق الحجر الصحي الذاتي والإجباري. حيث أثار تسلّل عدة حالات مصابة بالفيروس من جزيرة جربة باتجاه القيروان وقفصة وتوزر.

عدة تساؤلات حول مدى جدية السلطات في فرض الحظر الصحي ومراقبة مدى الالتزام به خاصة خلال الأيام الماضية.

حبيب الزموري

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

17 + إحدى عشر =

إلى الأعلى
×