الرئيسية / أقلام / الصّراع داخل النداء… من التلاسن إلى التلاطم إلى الانقسام
الصّراع داخل النداء… من التلاسن إلى التلاطم إلى الانقسام

الصّراع داخل النداء… من التلاسن إلى التلاطم إلى الانقسام

تحوّل صراع المواقع والنفوذ الذي يشهده حزب حركة نداء تونس منذ أشهر من تصريحات إعلامية وبيانات وتلميحات وتبادل للانتقادات و التّهم بين قياداته ومسؤوليه إلى شرخ و”حرب خلافة حقيقية”. ورغم محاولة مؤسس الحزب الباجي قائد السبسي التوصّل إلى حلّ يرضي الطرفين المتصارعين إلّا أنّ الفجوة بينهما تزداد حّدة واتساعا.

حالة من التوتر والفوضى

أدّت حالة التوتر والفوضى التي وصلت حدّ التشابك بالأيدي واستعمال العصي بين الموالين لشقّ الأمين العام لنداء تونس محسن مرزوق والموالين لشقّ نائب رئيس الحزب حافظ قائد السبسي إلى بعض الإصابات في صفوف المنتسبين للنداء وإلى تهشيم واجهة النزل الذي كان من المقرر أن يحتضن، يوم الأحد بالحمامات، اجتماعا طارئا كان قد دعا إليه المكتب التنفيذي للحزب ردّا على توجيه الشقّ الموالي للسبسي الإبن لاستدعاء عبرعدل منفذ إلى عدد من أعضاء المكتب السياسي وهم محسن مرزوق، محمد الناصر، الازهر العكرمي، الأزهر القروي الشابي وبوجمعة الرميلي.

ويذكر أنّ عددا من الأشخاص المسلحين بالهراوات قاموا بمهاجمة النزل وذلك إثر منع عدد من أعضاء التنسيقيات المحلية من الدخول. فتعالت الأصوات ورفع شعار “ارحل” في وجه عدد من الموالين لشقّ مرزوق ومنع الرميلي من دخول النزل، وعمّت المكان حالة من الفوضى والعنف المتبادل.
تراشق بالتّهم

اتهم المكتب التنفيذي والشقّ المناصر للأمين العام الحالي للحزب مرزوق نائب رئيس الحزب بالوقوف وراء تعطيل الإجتماع و إشاعة الفوضى بإرسال تلك العناصرالتي فضّت الإجتماع بالقوة، حتّى أنّ بعض الندائيين شبّهوا الحادثة بالممارسات التي عُرفت بها روابط حماية الثورة المنحلة.

وفي بيان له وصف المكتب التنفيذي للنداء الحادثة بـ” الهجوم والاعتداء الفاشي من طرف ميليشيات غريبة عن الحزب”، وأضاف أنّ الهدف الوحيد من ذلك “هو منع انعقاد هذا الاجتماع بإيعاز من بعض قياديي الحزب الذين قرروا السطو على هياكله والانقلاب عليه”.

وتواصل الصراع على مراكز القرار صلب هياكل الحزب وصلاحياتها وتركيبتها بين شقّ يمثّل الهياكل الحالية وشقّ مناوئ بقيادة نائب رئيس الحزب، السبسي الإبن.

ويعتبر هذا الأخير أنّ المكتب السياسي الحالي للحزب منحل قانونيا منذ يوم 15 جوان الماضي، نظرا إلى أنّ مهمته تنتهي بتنظيم المؤتمر في أجل لا يتجاوز التاريخ المذكور.

 واستند السبسي الابن، في ذلك، إلى البيان الصادر عن الهيئة التأسيسية في شهر مارس الماضي والذي يشير إلى أنّ المكتب السياسي الحالي اُنتخب لتسيير الحركة إلى أن يتم تنظيم المؤتمر الوطني للحزب في أجل أقصاه 15 جوان 2015.

وفي إطار تبادل التهم بين الجناحين المتصارعين، يرى الشقّ الموالي للأمين العام للحزب محسن مرزوق ورئيسه محمد الناصر أنّ حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس السابق للحزب الباجي قائد السبسي، يسعى الى تكريس توريث رئاسة الحزب.

ومن ناحيته، اتهم عضو الهيئة التأسيسية للحزب الأزهر العكرمي، بُعيد الانتخابات الرئاسية، حافظ قائد السبسي ومجموعة من الموالين له بـ”محاولة الهيمنة على نداء تونس”.

وفي المقابل، يتّهم السبسي الإبن، المسنود من التجمعيين، الهياكل المسيرة حاليا للحزب بالفشل في قيادته وبعدم التواصل مع تنسيقياته الجهوية.

ودعا، في تدوينة على صفحته على الفيس بوك، رئيس الحزب محمد الناصر إلى”تحمل كامل مسؤولياته بالكف عن الدعوة لإجتماعات بهيئات عجزت إلى حدّ اليوم في تجاوز أزمة الحركة”.

 وطالب بـ”التعجيل بإنعقاد الهيئة التأسيسية بإعتبارها الجهة القانونية الوحيدة المخولة اليوم لأخذ القرارات الحاسمة بعقد المؤتمر التأسيسي لحركة نداء تونس”، وذلك على حدّ تعبيره.

أزمة تنذر بتفكك النداء

وتعود الخلافات داخل النداء إلى مارس الماضي، وتطورت هذه الخلافات إلى صراع حقيقي على النفوذ والسلطة، خصوصا إثر الانتخابات الرئاسية التي أوصلت الباجي قائد السبسي إلى سدّة الحكم وبالتالي الإستقالة من الحزب.

ويرى محللون أنّ الأزمة الخانقة والمتواصلة التي يعيشها نداء تونس باتت تهدّد وجوده كحزب وأنّ تأثيراتها ستنعكس سلبا على سير عمل الحكومة الحالية باعتباره الحزب الحاكم.

وفي إطار محاولتهم لايجاد حلّ، طلب بعض النواب عن الكتلة البرلمانية للحزب من رئيس الدولة الباجي قايد السبسي التدخل من جديد لاحتواء الأزمة التي تنذر بانقسام الحركة.

وقد قام قائد السبسي، يوم الاثنين 2 نوفمبر 2015، بتوجيه دعوة إلى جميع نواب كتلة النداء للاجتماع بهم في قصر قرطاج، في محاولة أخيرة منه لإيجاد مخرج الممكنة للصراع الدائر الذي أصبح يتسم بالحدّة والعنف في الآونة الأخيرة وينذر بتفكك الحزب وانقسامه.

وتشير المعطيات الأولية أنّ جناح حافظ قائد السبسي قد أبدى موافقة مبدئية على حضور اجتماع قرطاج، عشية اليوم. في حين لم يبت شقّ محسن مرزوق، الرافض لفكرة الجلوس إلى طاولة الحوار مع السبسي الإبن والموالين له، في مسألة الحضور من عدمه.

محاولة يائسة لتطويق الصراع

يجمع مراقبون للشأن السياسي أنّ مسألة تطويق الأزمة داخل النداء باتت شبه مستحيلة خصوصا وأنّ مجموعة من النواب الغاضبين لم يلبوا نداء قائد السبسي واعتبروا أنه لا جدوى من هذا الاجتماع طالما لم يوضح هذا الأخير موقفه مما حصل، مشيرين إلى أنه يقف إلى جانب شق دون الآخر.
ولعلّ التصريحات الأخيرة لقياديين في النداء تؤكّد أنّ الخلافات صلب النداء وصلت إلى حدّ لا يمكن في ظله الحفاظ على وحدة الحزب. وهو ماذهب إليه لزهر العكرمي الذي لم يستبعد وقوع انقسام ليس في الحزب فقط وإنما في كتلته البرلمانية، بقوله: “على الأرجح سيفرز الصّراع كتلة تغادر الحزب لبناء حزب جديد ويترك الاسم القديم للتوريث والمصالح”.

من جهته قام الأمين العام لنداء تونس محسن مرزوق،مؤخراً، بإجراء اتصالات مع منسقين جهويين للحزب، عارضاً عليهم الانضمام إلى حزب جديد سيتم تشكيله في الأيام القليلة القادمة، وهو ما ألمح إليه عضو المكتب التنفيذي للحزب مهدي بن عبد الجواد، الذي قال ” هناك إرادة ممنهجة لشلّ عمل الحزب والسطو عليه أو على الأقل تدميره”،وذلك في إشارة منه إلى أنّ فرضية انقسام الحزب هي الأقرب إلى الواقع.

ويجمع أغلب المتابعين للحياة السياسية في تونس على أنّ حركة النهضة الإسلامية هي أكبر مستفيد من تفكك نداء تونس. كما يجمع أغلب التونسيين- خصوصا الذين خيّروا “التصويت المجدي”- أنّ صراع المصالح والنفوذ صلب الحزب الحاكم الحالي، الذي أثبت فشله وفشل شركائه في تسيير البلاد، جعلهم يعيدون حساباتهم اذا ما تمّت الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

                                                                                                                                                                                                                                                     لطفي الوافي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×