الرئيسية / أقلام / لطفي بن عيسى: قانون الشّراكة بين القطاعين العام والخاص في خدمة المؤسّسات الأجنبية الكبرى
لطفي بن عيسى: قانون الشّراكة بين القطاعين العام والخاص في خدمة المؤسّسات الأجنبية الكبرى

لطفي بن عيسى: قانون الشّراكة بين القطاعين العام والخاص في خدمة المؤسّسات الأجنبية الكبرى

بن عيسىمجصادق مجلس نوّاب الشّعب مؤخّرا على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهي نسخة معدّلة للنص الذي كانت تقدّمت به حكومة الترويكا منذ 3 سنوات إلى المجلس التأسيسي، بعد أن أعدّه مكتب محاماة فرنسي بتمويل خارجي استنسخ فيه بنود الشراكة الفاشلة في أكثر من بلد متقدّم مثل بريطانيا وكندا.

خصخصة مقنّعة:

 لقد أثبتت الدّراسات، خصوصا في بريطانيا، أنّ هذا النّمط من الشراكة ليس سوى وجه جديد من أوجه الخصخصة المقنّعة وأنّ الغاية منها ليس توسيع مجال النّفقات العموميّة وتنويعها على غرار الصفقات العمومية واللزمات، بقدر ما تهدف إلى توفير فرص للاستيلاء على هذه النفقات من قبل المؤسّسات الأجنبية الكبرى على وجه الخصوص.

 وهو أحد الملفّات ذات الأولويّة بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي الذي أكّد على لسان رئيسته خلال آخر زيارة لها لتونس على شرط سنّ القانون المتعلّق به قبل نهاية هذه السنة، إلى جانب قوانين أخرى تتعلّق بمجلة تشجيع الاستثمارات والمنافسة والأسعار وغيرها من القوانين مقابل منح مزيد من القروض لبلادنا.

شراكة مُكلفة:

وتشير الدراسات نفسها إلى أنّ كلفة النّفقات في إطار الشّراكة بين القطاعين العام والخاص أرفع بكثير من كلفة الصّفقات العموميّة. ذلك أنّ القطاع الخاص يقترض من البنوك والمؤسّسات المالية بنسب أعلى من النسب المطبّقة على القروض الممنوحة لمؤسّسات القطاع العمومي.

وفي باب تقاسم المخاطر تجدر الإشارة إلى أنّ الشّريك الخاص يقوم بتقدير المخاطر المتعلّقة بالمشروع واحتسابها ضمن مبلغ الكراء أي المقابل الذي يدفعه الشريك العمومي وذلك في شكل منحة تحويل المخاطر ينصّ عليها العقد الذي يكتسي صبغة سرّيّة. وهو ما يمثّل مصدر تحيّل كبير فضلا عن المخاطر المنجرّة عن ضمان الدّولة لقروض القطاع الخاص المتعلّقة بإنجاز المشاريع في إطار الشراكة في صورة إفلاس الشريك الخاص أو تخلّيه عن المشروع.

عقد الشراكة:

 يُعرّف القانون في فصله الثالث عقد الشّراكة بأنه عقد كتابي لمدّة محدّدة يعهد بمقتضاه شخص عمومي إلى شريك خاص مهمّة شاملة تتعلّق كلّيّا أو جزئيّا بتصميم أو إحداث منشآت أو تجهيزات أو بُنى تحتيّة، مادية أو لامادية، ضرورية لتوفير مرفق عام. ويشمل عقد الشراكة التمويل والإنجاز أو التّغيير والصيانة كما يشكّل المشاريع الاستثمارية والإنتاجيّة.

في هذا الصّدد يلاحظ أنّ المدّة المحدّدة تمّ تقديرها بمدّة اهتلاك الاستثمارات المتّفق على إنجازها وطرق التمويل وهو عادة ما يكون المدى البعيد المقدّر بعشرات السنين باعتبارها استثمارات ثقيلة في قطاعات استراتيجية (الطاقة والبيئة والبنى التحتيّة وغيرها) وهي استثمارات لا تقدر عليها إلاّ المؤسّسات الأجنبيّة الكبرى.

هذا مع العلم أنّ الضّغط الذي مارسته المعارضة داخل مجلس نوّاب الشّعب لا سيّما كتلة الجبهة الشّعبيّة والنقابات ومختلف الجمعيات المواطنيّة في الفضاء العمومي والإعلامي مكّن من فرض بعض التّعديلات الجزئيّة تتمثّل خاصّة في استثناء الجماعات المحلية من عقود الشّراكة إلى ما بعد الانتخابات البلدية والجهوية وكذلك استثناء التّصرّف في المرفق العام من مجال تطبيق الشّراكة.

لطفي بن عيسى:

خبير في المالية والجباية وعضو لجنة خبراء الجبهة الشعبيّة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×