الرئيسية / أقلام / شخصيّات حاورتها “صوت الشعب”: الخطة الوطنية الشاملة لمقاومة الإرهاب
شخصيّات حاورتها “صوت الشعب”: الخطة الوطنية الشاملة لمقاومة الإرهاب

شخصيّات حاورتها “صوت الشعب”: الخطة الوطنية الشاملة لمقاومة الإرهاب

أمام خطورة العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت عناصر من الأمن الرئاسي، أعلن رئيس الحكومة إثر اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي الأسبوع الفارط على تفعيل الخطة الوطنية الشاملة لمقاومة الإرهاب.

ونظرا لأهمية  هذا القرار في مواجهة الإرهاب، خصّصت “صوت الشعب” في عددها الحالي جملة من اللقاءات لرصد آراء وتصورات مختلفة لهذه الخطة.                 

mbarمباركة البراهمي: لن نهزم الإرهاب ما لم نملك رؤية اقتصادية واجتماعية واضحة:

في تعليقها على الخطة الوطنية الشاملة لمقاومة الارهاب المعلنة من قبل المجلس الاعلى للأمن القومي، قالت مباركة البراهمي النائبة عن الجبهة الشعبية بمجلس نواب الشعب خلال تصريحها لـ”صوت الشعبأنّ المقاربة الحكومية في مكافحة الارهاب لم ترتق الى مستوى استراتيجا شاملة لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة ويغلب عليها رد الفعل الارتجالي.

البراهمي أضافت انه لا مجال للحديث عن مقاومة الارهاب دون مقاومة ايديولوجيتة التكفيرية وهذا أمر يتطلب رؤية واضحة ثقافيا و تعليميا وإعلاميا ودينيا، رؤية اجتماعية واقتصادية للمناطق الحدودية خط الدفاع الاول،  ومعرفة من يقف وراءه في العالم و من يحاربه.

وقالت إنّ كل هذه المؤشرات تؤكد غياب شمولية الرؤية للإرهاب التي نتمنى ان تتداركها الحكومة من خلال عقد مؤتمر وطني طالما نادت به الجبهة الشعبية.

وبخصوص طريقة تعاطي القضاء مع هذا الملف قالت مباركة: “ما طفى اخيرا حول ارتباك العلاقة بين الامن و القضاء في التعاطي مع بعض الملفات الارهابية هو جزء من الارتباك العام في مؤسسات الدولة. فهناك علاقة مرتبكة بين الامن و الاعلام و الاعلام و القضاء، وهذا راجع لغياب ارادة سياسية تضع خطة شاملة لكل مؤسسات الدولة دون استثناء للتعاطي مع ملف الارهاب.

 دردعصام الدردوري: المقاربة تتطلّب مصارحة الرأي العام بحقيقة الوضع: 

حول الجانب الامني في مقاومة ظاهرة الارهاب وتفعيل الخطة الوطنية الشاملة لمقاومته، قال عصام الدردوري رئيس المنظمة التونسية للامن والمواطن في تصريحه لـ”صوت الشعب”، ان الامنين تعودوا في اكثر من مناسبة على مصطلح “الحرب على الارهاب” في حين لم نجد على أرض الواقع ذلك، مضيفا ان المعاجلة اقتصر ت على المكافحة “في حالة السلم” بمعنى أنّ الاجراءات المتبعة في مكافحة هذه الآفة الدموية لم تكتس أيّ طابع استثنائي ولم ترتق إلى مستوى إجراءات الحرب.

الدردوري أضاف أن المقاربة الشاملة المبنية على استراتيجيا واضحة المعالم تتطلب مقاربة تنموية وعقائدية وفكرية وقانونية وامنية وعسكرية كما تتطلّب أيضا مصارحة الرّأي العام بحقيقة الوضع وخصوصا مزيد التوعية بخطورة الإرهاب وبأنّ اجتثاثه من تونس لا يمكن أن يكون بين عشيّة وضحاها. ليستدرك قائلا:”فالمقاربة المطلوبة حتى وان تجسّدت فإنّ الحلول ستكون على المدى المتوسّط والبعيد”.

الدردوري أكد على وجود هياكل وفّرت الغطاء السياسي للإرهاب من أحزاب وجمعيات، لذلك لا يمكن مكافحته بنفس الوجوه (الجمعيات والأحزاب التي دعّمت وحرّضت وكفّرت).

وأضاف أنّ الإرهابي ليس من حمل السلاح فقط، فالإرهاب لم يأت من فراغ. لقد كان له غطاء بتوفّر الحاضنة السياسية واللافتراضية لكن لم تتوفّر له الحاضنة الشّعبية وبقيت إلى جانب الأمن.

كما علّق  بأنّ الإجراءات أتت متأخّرة، والمقاربة ستكون بمثابة الجدار العازل بين الدولة وبين الإرهابيين، فالدولة لا تقوم بالتدخّل العاجل في المناطق المنكوبة لتمنع على العناصر الإرهابية أي موطئ قدم، والإرهاب ينتصر عندما يشّك المواطن في قدرة الدولة على حمايته.

وفي ردّه عن العلاقة بين القضاء والأمن في التعامل مع ملف الإرهاب أجاب الدردوري أنّ للإرهاب غاية ومشروع قائم على إنهاك وتقويض مؤسسات الدولة وخلق أزمة ثقة في ما بينها، ونحن لا نريد تحقيق هذه الغاية، الذي بيننا وبن القضاء هو ليس مشكل ثقة بقدر ماهي بعض النقودات والمؤاخذات، ونحن نثمّن كل الجهود والتدخّلات في هذا الملف لكن مثلما للمؤسّسة الأمنية أخطاء للقضاء كذلك، فهناك بعض القرارات لم ترتقي للمستوى المطلوب ونشعر أنّ فيها نوع من الارتعاش، ومن جهة أخرى يجب الانتباه لأنّه هناك قضاة متعهّدون بملفّات إرهابيّة تصلهم تهديدات وبالتالي يجب توفير الضمانات والحماية للقضاة المتعهّدين بملفّات قضايا ارهابيّة”.

imedعماد حاج خليفة: إعادة جهاز أمن الدولة مع ضرورة التّنصيص وضبط  مهامّه:

من جانبه وفي تصريحه لـ”صوت الشعب”، قال عماد حاج خليفة الناطق الرّسمي باسم اتحاد نقابات قوّات الأمن التونسي إنه قد سبق للاتحاد اقتراح نظرة شاملة لمعالجة ظاهرة الإرهاب. ونبّهنا إلى وجود نقائص في الاستراتيجيا المطروحة من قبل الحكومة.

وفيما يتعلّق بالمقترحات،قال حاج خليفة أنه لابدّ من الحفاظ على العنصر البشري لضمان حقوق عائلات الشهداء والجرحى، إضافة الى وجوب فصل الجماعات المحليّة عن وزارة الداخليّة لأنّها تعيق التركيز على العمل الأمني وتشتّت المجهودات، فبالإمكان إفرادها بوزارة أو كتابة دولة حتّى تتفرّغ وزارة الداخليّة للعمل الأمني.

 وأضاف حاج خليفة لا بدّ من إعادة جهاز أمن الدولة، لكن بتقنينه وضبط مهامه بالتنصيص عليها، وتعيين كفاءات فيه، ومراجعة منظومة تأمين الحدود البرية والبحرية، وإيقاف وإحالة كل العائدين من بؤر الإرهاب، وتفعيل الفصل 123 من مجلّة المرافعات والمحاكمات العسكرية، إضافة إلى إحداث سجون خاصّة بجرائم الإرهاب لحماية باقي المساجين من استقطابهم والتأثير عليهم، وتفعيل إجراءات المراقبة الإدارية، وتقييد المشتبه فيهم أكثر ما يمكن، وكذلك حل ومقاضاة الجمعيات المشتبه في تورّطها في دعم الإرهاب وليس الاكتفاء بالتعليق فقط كما حدث، كما أكّد على وجوب تتبّع كل من يعمل على تبرير وتبييض الإرهاب وتوفير الحماية للقضاة المتعهّدين بالقضايا الإرهابيّة”.

وفي ردّه حول ما اذا كان هناك تراخ أمني تم استغلاله في عمليّة محمد الخامس الأخيرة، قال إنّ هناك أبحاث جارية لمعرفة ذلك، فلا يجب استبعاد أي فرضيّة، ولكن يمكن أن نقول هناك تغافل بدلا من التراخي، رغم أنّ الأعوان يشتغلون 12 ساعة يوميّا ومتواجدون في كل الأماكن، لكن هناك ثغرات يمكن أن يتم استغلالها، كما أنّ المواطن يجب أن يكون متعاونا ويُعلم عن كل اشتباه.

وقال إنّ الوضع اليوم يتطلّب خطابا حربيا، وتعبئة شاملة واتّخاذ إجراءات ومواقف ملائمة، فلا حياد اليوم مع الإرهاب.

khمحمد صالح الخريجي: ضرورة نجاح مؤتمر مقاومة الإرهاب وتماشي مقررّاته مع خطورة الوضع:

 من جانبه قال محمد صالح الخريجي عضو الهيئة المديرة للرّابطة التونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان في تصريحه لـ”صوت الشعب” إنّ الخطّة يجب أن تتنوّع حسب مراحل وحسب طبيعتها، منها ما يتعلق بالمستوى الأدنى خاصّة اقتصاديا واجتماعيا، مشيرا أنّ مواقف منظمة الأعراف  يجب أن تتقارب من مواقف الاتّحاد العام التونسي للشّغل حتّى لا يكون الوضع على غاية من الهشاشة ومن أجل تجنّب الإضرابات.

الخريجي أضاف أنّه على الدولة اليوم الحدّ من غلاء المعيشة وأن تسعى كل السعي إلى جلب أكثر ما يمكن من رؤوس الأموال والدعم لإحداث مؤسسّات تساعد على التقليص من نسق البطالة، أيضا يجب على وزارة الخارجية أن تعمل على مزيد الإشعاع دوليا حتى تعيد الوضع السياحي إلى مكانه السّابق، أمّا بالنسبة إلى المؤسسّات العموميّة فعليها أن تعمل على المساعدة في الحد من البطالة خاصة في صفوف أصحاب الشهائد الجامعية.

أمّا على المستوى الأمني، قال الخريجي أنّه يتوجّب على وزارتي الدّفاع والداخلية مزيد التصدّي إلى العمليات الإرهابية بمختلف أنواعها وذلك بمزيد تسليح قوّات الأمن والجيش الوطنيين وتمكينهم من أنجع الخطط حتى تكون عملياتهم استباقية.

على المدى المتوسّط، أضاف الخريجي أنّه لا بدّ من حبك استراتيجيا للتصدّي للإرهاب بصفة عامة وإلى مزيد السّعي لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية، أمّا على المدى البعيد فلا بدّ من تدعيم إصلاح المنظومة التعليميّة انطلاقا من المحاضن إلى الجامعة وذلك بتوجيه السّياسة التعليمية نحو ترسيخ حقوق الإنسان وكلّ ما يساعد على غرس الحداثة لمفهومها الشامل وأيضا للتصدّي إلى كل من يحاول العودة بالبرامج التعليميّة إلى البرامج القرووسطية ذات القراءات الدينية المتخلّفة والرجعية. وهذا ما يعني أساسا عقد مؤتمر ضد الإرهاب تشارك فيه كل القوى التّي رفضت وترفض القراءات السلفية الجهادية للديّانة الإسلامية التي تستغل الدّين الإسلامي لتحقيق أغراض سياسيّة.

وفي تعليقه على توقيت تفعيل الخطّة المذكورة، قال الخريجي “إنّ الوقت حان منذ زمن فات” ولا بدّ الآن من عقد مؤتمر لمقاومة الإرهاب يكون ناجحا ولا بدّ أن تكون قراراته نافذة وتتماشى وخطورة الوضع بالبلاد خاصّة وأنّ هذه الظاهرة أصحبت معولمة، لذا وجب أن يكون التصدّي بالتنسيق مع عدة دول أوروبيّة ودول الجوار.

من جانب آخر قال الخريجي أنه ومنذ العملية الإرهابية الأخيرة التّي جدّت بالعاصمة، تعالت عدة أصوات منادية بالتراجع عن جملة من حقوق الإنسان والحريّات، ولهذا يتوجّب النظر بجديّة في هذه المسألة صلب المؤتمر الذّي سيعقد لكي لا تبعث بذور الارتداد نحو ديكتاتورية أخرى بشكل عرفناه أو لم نعرفه بعد، مضيفا أنّه في مجتمع كمجتمعنا لا بدّ من الحذر كل الحذر من تمكين القوى المضادة للثّورة من تعبيد طريق الارتداد بمختلف أنواعها.

“صوت الشّعب”: العدد 187

إعداد: فاتن حمدي وأماني ذويب

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×