الرئيسية / صوت الوطن / وزارة النقل وزارة قتل: أو في المسؤولية السياسية والأخلاقية للدولة
وزارة النقل وزارة قتل:  أو في المسؤولية السياسية والأخلاقية للدولة

وزارة النقل وزارة قتل: أو في المسؤولية السياسية والأخلاقية للدولة

حادث مرو آخر يودي بقتيل وأكثر من 80 جريحا حالة قرابة العشرين منهم حرجة، مسرح العملية هو جبل الرصاص وأرياف مرناق من حهة بنعروس، الضحايا هم من أبناء الشعب المفقر الذين لا يعنون شيئا عند الدولة وأجهزة القرار.Untitled-1

المشكل في بلادنا ليس الحادث في حد ذاته، فهذا يقع حتى في البلدان المتقدمة، المشكل هو في تكرر هذه الحوادث في ظرف قياسي، فمنذ قرابة شهر كانت جهة بنعروس ذاتها مسرحا لحادث مرور فظيع في مستوى ترابط سكة القطار مع الطريق الوطنية في ضاحية حبل الجلود أين قضى أربعة مواطنين وجرح عشرات، تكونت لجنة في الغرض أفضت سريعا إلى اقالة ر.م.ع الشركة التي تتأهّب للخروج في التقاعد وأوقف سائق الشاحنة، وطُوِي الملف، كما طوِيت ملفات حوادث قفصة والفحص وغيرها، بما عزّز القناعة لدى جزء من الرأي العام أن وزارة النقل ليست سوى وزارة لقتل التونسيين. وأعداد القتلى والجرحى تغني عن التعليق.

الجانب الثاني المزعج في الموضوع هو تواصل منطق اللامسوؤلية عند أجهزة الدولة رغم فظاعة بعض الأحداث أو لنقل الجرائم، فتكرر حوادث النقل لا تعني شيئا عند وزير النقل، فالمسؤول عنها ليس سوى سائقو الحافلات والقطارات وكأن هراء وجدوا طواقم هائلة من الوسائل فضلا عن طرقات سوية،

إن جزء من هؤلاء هم أبطال لأنهم يعملون في ظروف بشعة وحافلات نقل التلاميذ بالذات يعرف القاصي والداني ظروفها وهي التي تحمل في أحشائها مئات التلاميذ كي توصلهم بعد انطلاق دروسهم وهم منهكين متسخين والأمر يتكرّر يوميّا وطيلة سنوات الدراسة حتى التخرج من الجامعة والأمر يشمل المدن والأرياف، فالحافلة الصفراء أو علب السردين أفنت الأعمار وهي حصص عذاب يومي للتلاميذ والعمال وعموم مستعملي النقل العمومي.

ان المسؤولية السياسية والأخلاقية للدّولة من خلال وزرائها ومسؤوليها السّامين تتطلب شجاعة هؤلاء واعترافهم بالإخلال والتقصير قبل السوّاق وصغار الموظفين، ثم الاستقالة لتكريس منطق جديد في إدارة المرفق العام وهو منطق المسؤولية لا رميها.

إن وزير النقل هو نموذج التمسّك بالكرسي بأي ثمن كان ولو كان دماء الأبرياء. لقد كان من الأفضل على “أنيس غديرة” التحلّي بالشجاعة الأدبية والأخلاقية والمبادرة بالاستقالة حتى بفتح ملف النقل العمومي في بلادنا وكجزء أساسي منه ملف النقل التلمذي وخاصة في الأرياف والأحياء المفقرة التي ترسل لها فواضل حافلات فرنسا، التي بدأ في استيرادها الوزير المقال محمود بن رمضان ويواصل غديرة استيرادها إمعانا في إهانة الشعب والتلاعب بحياته.

إن هذه المعطيات هي دليل آخر على الفشل والخيبة التي تسم سياسات التحالف اليميني الحاكم، علما وأن غياب منطق الشجاعة السياسية والأخلاقية عند مسؤولي الحكومة هو منطق تتوارثه الرجعية في بلادنا كما في مجمل الحكومات الغير ديمقراطية، فمنذ أيام عثرت لجنة تحقيق في مطعم مدرسي في أرياف سيدي بوزيد على مصبّرات ولحوم فاسدة تقدم للتلاميذ ولا يساءل وزير التربية، وفي معمل “ستيب” للعجلات المطاطية يتم التفويت في أغلب الحصص من رأسمال  الشركة بطريقة غير شفافة يشتم منها رائحة فساد ولا يساءل وزير الصناعة ، وتفتح رياض أطفال ومدارس خونجة للأطفال دون مساءلة وزيرة المرأة، ونفس الأمر في وزارات التجهيز والفلاحة والتعليم العالي والتنمية ووو، لكن دون تحمل للمسؤولية.

وهذا الأمر ليس سوى الوجه الحقيقي لفلسفة الحكم عند حكام تونس، لذلك فقد آن الأوان كي يتحرك المواطنون والأحزاب والمجتمع المدني لمطالبة المسؤولين الأول والكبار لكامل مسؤوليّاتهم في ما يجدّ بقطاعاتهم عوض رمي المسؤولية على الصغار فقط.

 علي الجلولي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×