الرئيسية / صوت الوطن / في حوار الرئيس ..هل انهزم الباجي قايد السبسي أم تراجع ؟
في حوار الرئيس ..هل انهزم الباجي قايد السبسي أم تراجع ؟

في حوار الرئيس ..هل انهزم الباجي قايد السبسي أم تراجع ؟

نظرا للأحداث التي سبقت الحوار الاخير لرئيس الجمهورية مثل تمرير قانون المصالحة في جلسة برلمانية عاصفة و لقائه بالمشير خليفة حفتر والتحوير الوزاري وطرحه قانون المساواة و مسيرة يوم السبت وغيره،كلها أحداث جعلت من الحوار محط انظار كل المتابعين للشأن السياسي التونسي في الداخل والخارج الى جانب عموم التونسيين ،وهو ما فتح شهية القناة الوطنية و مستشاري القصر للإعلان المبكر اي حتى قبل تسجيل الحوار لمزيد من التشويق ورفع درجة الانتظار وعدد المشاهدين أملا في استيعاب الوضع المرتبك، فهل نجحوا؟

*) في الشكل :

الحقيقة من حيث الشكل لا يحتاج الامر لكثير من الاختصاص لنقول أن هذا الظهور الاعلامي هو الأكثر فشلا في مسيرة الرئيس وفي مسيرة اعلامي كبير في الساحة التونسية سفيان بن فرحات ،فحركات الرئيس و تشنجه واضطرابه وهروبه من الاجابات المباشرة لا تختلف عن حالة ورقة الاسئلة التي كانت بيد سفيان بن فرحات وهي ورقة تحمل في طياتها كثير من الاسرار التي سبقت تسجيل الحوار بدقائق فقد بدت و انها تعرضت لعدوان كبير وألقيت على الارض اكثر من مرة والأكيد ان سفيان بن فرحات سيحتفظ بسر الورقة الى حين فلا احد يصدق ان صحفي محترف و قناة بإمكانيات القناة الوطنية و حوار في القصر الجمهوري يكون على تلك الورقة ،وفي رأي ان خلافا حاد جد مع المستشارين الاعلاميين كاد يعصف باللقاء في انتظار تأكيد قد يحتاج سنوات .

ايضا تحريك الرئيس لأرجله بذلك الشكل لأكثر من مرة اثار انتباه الكثيرين وهي حركة تعكس التوتر والتبرم ،كما أن العلاقة بين الرجلين في الحوار بدت غير ودية فقد غابت الكثير من ميزات الصحفي سفيان بن فرحات وبدى وكأن اصراره على انتزاع بعض الاجابات من الرئيس حول علاقته بالنهضة و تنقيح الدستور فيها نوع من التحدي ورسالة بأنني لا اتلقى التعليمات انقاذا لمسيرته المهنية…

*) في المضمون :

حوار الرئيس الاخير يمكن وصفه بخطاب التراجع بامتياز فقد حاول الرئيس ان يتنصل من كل ما قاله وفعله في الايام الاخيرة بحيث وضع نفسه طيلة اللقاء في وضع دفاعي فقد تنصل من الدعوة لتنقيح الدستور و تراجع بالكامل عن هجومه على حركة النهضة وحتى في علاقة بقانون المصالحة قال ان مشروع القانون قديم وانه ليس مشروعه وبدأ يلقي بالمسؤولية على الجميع ،وفي الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي طالما اصر الرئيس على اقحام نفسه فيه هذه المرة قال ان رئيس الحكومة له مشروع فليعرضه و يتحمل مسؤوليته وحاول ان يلتزم بصلاحياته على غير العادة ،فقد غابت المبادرة في كل المجالات فلا جديد في المستوى الامني وحتى في علاقة بالسياسة الخارجية التي يمكن للرئيس من خلالها انقاذ لقائه الاعلامي خاصة بعد لقائه بالمشير حفتر والتطورات الاقليمية والدولية فلم يأتي بجديد مجرد كلمات عامة عن المصالحة و علاقة تونس بليبيا لا تعكس ان للرئاسة رؤية واضحة في معالجة هذه الازمة الشائكة .

السؤال هل ان الرئيس تراجع مؤقتا؟ لاستيعاب هجوم الجبهة الشعبية ومن التقى معها في الايام الاخيرة ،خاصة وأن جبهة مقاومة قانون المصالحة توسعت بعد ساعات من المصادقة عليه بشكل لم يكن يتوقعه أكثر المتشائمين في الرئاسة والائتلاف الحاكم ولا يمكن لرجل بعقلية الباجي قايد السبسي ان يرفع الراية البيضاء بسهولة أم ان ارئيس يئس وأراد ان يلتزم بصلاحياته وينهي دورته الرئاسية بسلام .

أعتقد ان الاجابة واضحة من ثنايا الحوار أن الرئيس تراجع تكتيكيا ولم ينهزم ،وإنما نستشف تغير في اسلوب ادارة المعركة وذلك بتغيير واجهة الصراع من الرئاسة الى قوى اخرى ستعمل على طرح وتفعيل اقتراحات الرئيس فقد قال انا لن اقترح تغيير الدستور و لكن من حقي ابداء رأي في طبيعة نظام الحكم ولكن يمكن لقوى تشاطرني الرأي ان تقترح تنقيح الدستور وأعتقد ان الرئيس هيأ

المسرح الاستراتيجي لذلك من خلال تطبيع علاقته بالقوى والشخصيات المنشقة عن نداء تونس بدون استثناء كما ان تراجعه عن الهجوم على حركة النهضة يأتي في هذا السياق فقد تبين له ان المعطيات الدولية ليست العامل الوحيد الحاسم في علاقته بها و انما توازنات محلية مازلت تفرض عليه الاستمرار في علاقة جد ودية معها.

*) في الهجوم على الجبهة الشعبية:

 الهجوم على الجبهة الشعبية كان لافتا وصل الى حدود لا تليق برئيس دولة ذكرنا بخطاب المنصف المرزوقي وهجومه على المعارضة في احدى خطاباته اثناء زيارة لفرنسا،وأعتقد أن هذا الهجوم المتشنج جاء نتيجة حتمية للهزيمة السياسية التي مني بها الرئيس وتراجعه عن كل ما كان يخطط له لان الجبهة الشعبية نجحت في كشف نواياه ونجحت في الهجوم الاستباقي الذي شنته سواء على قانون المصالحة او تنقيح الدستور او التوريث …وأمر عادي ان رجلا بعقلية الباجي و تكوينه السياسي وانتمائه الاجتماعي لا يمكن أن يقبل بسهولة هذا الامر .

*) في التوريث :

هذه النقطة لا يمكن المرور عليها في حوار الرئيس فهي القطرة التي أفاضت كأس الصبر لديه وجعلته يستنجد بالقرآن لدرء التهمة والدفاع عن نفسه فوقع في مطب أكبر وهو تكفير شخصية سياسية بحجم الناطق الرسمي للجبهة الشعبية السيد حمة الهمامي ،لم يجد الرئيس من طريقة للدفاع عن نفسه أمام الوقائع الدامغة التي لو واجهه بها الصحفي سفيان بن فرحات لربما لأنهى الرئيس الحوار وهي ببساطة لماذا سمح لابنه بالاستيلاء على حزب نداء تونس فقد وقف الرئيس في احسن الحالات متفرجا على ابنه وهو يقوم بتمزيق الحزب ولم يهنئ حتى استقر زعيما عليه ،فما هي المصلحة المتحققة مما جرى غير ان ابن الرئيس اصبح الرجل رقم واحد في حزب والده فلا احد يصدق في تونس وخارجها ان الرئيس لم يكن بإمكانه انقاذ الحزب وإبعاد ابنه وقد فعلها قبله زعيمه ومعلمه الرئيس الراحل لحبيب بورقيبة لأسباب اقل من هذه بكثير.

ثم كيف يوافق الرئيس حتى لسمعته الشخصية على مهزلة مثل التي حصلت في التحوير الوزاري والمتمثلة في اعطاء منصب لنائب عن دائرة المانيا ليصبح مكلف بخطة مضحكة وهي الدبلوماسية الاقتصادية في سطو على دور وزارة الخارجية والرئاسة وحتى الوزارات ذات العلاقة بالاقتصاد فهل كل مواطن يعمل بالخارج يمكن ان يكون دبلوماسي مكلف بالاقتصاد؟

ثم لماذا النائب عن دائرة المانيا بالذات ؟ الامر لا يحتاج الى ذكاء كبير فهذه الدائرة ممثلة بواحد فقط يعني اي شغور لسبب او لأخر تتم فيها انتخابات جزئية لان القائمة الانتخابية تضم واحد فقط في الأصل وهي الدائرة التي ربحها النداء ولقطع الطريق ووضع الجميع أمام الامر الواقع وحينما كان الشاهد عند الرئيس يقرأ في قائمة حكومته كان برهان بسيس يزف البشرى للشعب بأن حافظ قايد السبسي ابن الرئيس الباجي قايد السبسي و زعيم حزب نداء تونس مؤسسه الرئيس الحالي للجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي و المقيم في تونس ومكتبه بمقر الحزب بالبحيرة سيكون مرشحه للبرلمان عن دائرة المانيا …

*) الخلاصة:

– فشل اخر يضاف لمؤسسة من مؤسسات الحكم وهي رئاسة الجمهورية نتيجته مزيد من فقدان الثقة لدى الشعب في منظومة الحكم

– اعادة الحيوية لعلاقة الرئيس بحركة النهضة ونتيجته مشاركة للإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة وعبد الباسط قطيط مرشح المحافظون الجدد في امريكا اللوبي الصهيوني لحكم ليبيا وهو الامر الذي سيطيح بمبادرة الرئيس للحوار الليبي …

– محاولة ايجاد معارضة تابعة على غرار ما كان في عهد الرئيس بن علي من كل الاطياف اللبرالية واليسارية والقومية ونتيجته مزيد من القطيعة مع المعارضة الوطنية الحقيقية و اساسا الجبهة الشعبية مما يفتح البلاد على احتقان كبير…

محسن النابتي

عضو المكتب السياسي للتيار الشعبي والمجلس المركزي للجبهة الشعبية

تونس في 20-09-2017

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×