الرئيسية / صوت الجهات / قفصة بين وعود الإنصاف وسياسة الإهمال
قفصة بين وعود الإنصاف وسياسة الإهمال

قفصة بين وعود الإنصاف وسياسة الإهمال

عمار عمروسية

يبدو أنّ “قدر” الجهة واحدٌ في كلّ العهود وتحت جميع الحكومات. فالقناعة الرّاسخة لدى فئات واسعة من الأهالي، بما في ذلك الفئات البسيطة ومحدودة الوعي، تلتقي على قناعة راسخة مفادها أنّ القاسم المشترك بين حكّام ما قبل الثورة وبعدها حتّى يومنا هذا هو استمرار نفس السّياسات والمقاربات للجهة.

وهذه المقاربة محكومة بأفضليّة “الفسفاط” وأرباحها الطائلة ودورها المهمّ في إنعاش الماليّة العموميّة بالعملة الصّعبة. وهي أفضلية كثيرا ما تمّ تأمينها بقوّة القمع الوحشىّ الذي بلغ ذروته في انتفاضة الحوض المنجمي الباسلة سنة 2008.

وهي أيضا، أي الأفضلية، قائمة على حساب الحاجات الضروريّة لأبسط شروط الحياة للأهالي ولمقتضيات منوال تنمويّ مثمر ومتعدّد الأبعاد يقطع مع التّصوّر الاستعماري القائم على إنتاج “الفسفاط”. فالكلمات الأكثر تردّدا على أفواه النّاس هي “آشْ رْبِحنا مِ التّْراب؟” و”مشكلة لحكومة موش لعباد راهي ربح الفسفاط” الخ…

فالقناعة السّائدة، مثلها مثل المشاعر، تدور جميعها حول السّخط من سياسات الإهمال الحكومي المُتّبع بما أسهم ولازال في توسيع الهوّة القائمة بين نظام الحكم وشركة فسفاط قفصة والأغلبية السّاحقة من الأهالي. فالنّظام والشركة منظورا لهما في خانة الأعباء التي فاقمت تدهور الأوضاع على جميع الأصْعِدة وحولّت الحياة الي جحيم لا يُطاق خصوصا في هذه الظّروف الصعبة.

فالبقرة الحلوب (الشركة) في زمن الكورونا إنتاجها لم يتوقّف، بل إنّ الأرقام الرّسمية تفيد بلوغها مستويات مرتفعة قاربت معدّلات إنتاج عام 2010 على الأقلّ في الثلاثي الأوّل من سنة 2020، فيما تقهقرت باستمرارٍ، في المقابل، كلّ مناحي الحياة.

أمّا البنية التّحتية (طرقات، جسور، سكك حديدية) فهي مهترئة أكثر من أيّ وقت مضى. ووضع المنشآت الصحّية يلامس الخراب، وحتّى أُحْجية المستشفى متعدّد الاختصاصات، رغم كلّ هذه السّنوات وسَيْل الوعود، مازالت في حدود وضع حجر الأساس والدّراسات!!!

ومن العجيب أنّ جائحة كورونا تتمدّد بشكلٍ لافت يُنذر بالخطر، وجهة “تراب العملة الصّعبة” يقابل مطلب مواطنيها ونشطاءها المتمثّل في تركيز مخبر تحاليل كوفيد 19 بالمماطلة والتسويف.

والأنكى من ذلك انعقاد المجلس الوزاري المضيّق يوم الجمعة الفارط بجدول أعمال انحصر حول “لعْنة الفسفاط”. فالبلاغ الصادر عن ذاك الاجتماع عزّز كلّ تلك القناعات القديمة وأسهم في تغذية مشاعر السّخط والغضب ورفع من منسوب الاحتقان الاجتماعي بما ينذر بانفجار وشيك، يصعب على حكومة “الفخفاخ” التّحكم في تطوّراته إنْ بالعودة إلى سياسة المماطلة والحلول الترقيعيّة أو بسياسة العصا الغليظة والبطش.

صور

 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×