الرئيسية / ملفات / 1 ماي / دفاعا عن عالم عمل خال من العنف والتحرّش
دفاعا عن عالم عمل خال من العنف والتحرّش

دفاعا عن عالم عمل خال من العنف والتحرّش

ليلى حازم

يعتبر يوم 21 جوان 2019 لحظة تاريخية في تاريخ منظمة العمل الدولية حيث وافق مؤتمر العمل الدولي في دورته 108 وبمناسبة الذكرى المئاوية لتأسيس منظمة العمل الدوليّة، بأغلبية ساحقة على اعتماد اتفاقية، مصحوبة بتوصية، تهدف إلى مكافحة العنف والتحرّش في عالم العمل.

جاءت هذه الأدوات الجديدة لسد” فجوة حماية الملايين من العمال، وخاصة النساء، ضحايا العنف والتحرش في عالم العمل. حيث إلى غاية جوان 2019، لم يكن يوجد قانون دولي يحدد إطارا مرجعيا لاتخاذ إجراءات لمعالجة هذه المشكلة.

فهذه الاتفاقيّة والتوصية تعترفان بتأثير العنف والتحرش في عالم العمل وحقّ كلّ فرد في العمل في عالم عمل خالٍ من العنف بأنواعه، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي. فالعنف والتحرّش أمر غير مقبول ويتعارض مع العمل اللائق، ويشكلان انتهاكًا لحقوق الإنسان.

كما اعترف كلتا الأداتين الجديدتين بالعواقب المحددة للعنف والتحرش على النساء والفتيات. وسلّطت الضوء على الحاجة إلى منظور جنساني يعالج أسباب العنف القائم على النوع الاجتماعي (القوالب النمطية الجنسانية، والتمييز، وعلاقات القوة غير المتكافئة على أساس الجنس). ويؤخذ في الاعتبار أيضا التأثير المحدد للعنف القائم على النوع الاجتماعي على الفئات الهشّة أو الضعيفة الأخرى.

إذا، تمثل هذه الاتفاقية خطوة تقدميّة في حماية ضحايا العنف بأنواعه حيث أعطت مصطلحات “العنف والتحرش” مفهومًا فريدًا يصف سلسلة من السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات التي تصدر ولو مرّة واحدة. كما تعلّقت بجميع أنواع الأضرار التي قد تنتج عن هذا السلوك جسديّا أو اقتصاديا ولأوّل مرة يشمل معيار دولي الجانب النفسي والجنسي للضحيّة.

و بالإضافة إلى ما سبق ذكره، توسع الاتفاقية مفهوم عالم العمل ليشمل كذلك الأماكن والحالات المتعلقة بالعمل مثل السفر المهني، والتدريب، والأحداث المهنيّة والتنقل بين المنزل ومكان العمل.

كما تناولت مخاطر العنف والتحرّش التي تشكّلها تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة المعتمدة في عديد المجالات.

وبموجب هذه الاتفاقية، تتّخذ الدول التدابير المناسبة للاعتراف بآثار العنف المنزلي والتخفيف من أثره في عالم العمل. ويمكن أن يشمل ذلك منح الإجازات خالصة الأجر للضحايا، والحماية من الفصل عن العمل، والوعي بآثار العنف المنزلي على مرد ودية والإنتاج في العمل.

وتُلزم هذه الاتفاقية الحكومات بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين (النقابات) في تطوير القوانين والاستراتيجيات والإجراءات المتعلقة بالعنف والتحرش في عالم العمل. كما ينبغي على الحكومات توفير الموارد والتدريب بشأن هذه القضية للنقابات الأعراف والعمّال، وخاصة حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في عالم العمل، وتمكينهم آليات وقوانين لمنع ومعالجة العنف والتحرش والتخفيف من أثر العنف المنزلي في عالم العمل.

لقد شكّل اعتماد هذه الاتفاقية والتوصية المصاحبة انتصارا كبيرا للعمال والحركة النقابية عامة. فقد مثّلت الاتفاقية الجديدة (رقم 190) فرصة استثنائية للنقابات للتقدم في معركتها ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي. إذ بموجب هذه الأدوات الجديدة، ستكون الدول قادرة على اعتماد قوانين وسياسات وآليات لمنع العنف والتحرّش في عالم العمل، وحماية العاملات والعمال، وتمكين الضحايا منهم من سبل الإنصاف، ومساعدتهم في السعي لتجاوز ذلك.

ومع ذلك ما زلنا في البداية. إذ يتحتّم على النقابات القيام بحملة من أجل دفع حكوماتها للتصديق على هذين الصكين وتنفيذهما.

فعلى أيّ بلد يصادق على الاتفاقية، اتباع نهج شامل ومتكامل ومراعي للاعتبارات الجنسانية لمنع وإزالة العنف والتحرش في عالم العمل، على أن ينطبق هذا النهج على كل من القطاعين العام والخاص، والاقتصاد الرسمي وغير الرسمي، والمناطق الحضرية والريفية.

ستدخل الاتفاقية 190 حيّز التنفيذ في جوان 2020، بعد أن تعهّدت كلّ من الأرجنتين وفنلندا وإسبانيا وأوروغواي رسميًا بالتصديق عليها التي تمثل إطارًا دوليًا لإنهاء العنف والمضايقة في عالم العمل.

أمّا في تونس التي يقال أنّها “أبهرت العالم”، على الاتحاد العام التونسي للشغل تكثيف الجهود والتنسيق مع مكونات المجتمع المدني ذات نفس الاهتمام لدفع الحكومة التونسيّة على التصديق على الاتفاقية الجديدة التي ستساعد على خلق عالم العمل خالٍ من العنف والتحرّش .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

16 + ثلاثة عشر =

إلى الأعلى
×