الرئيسية / صوت الجهات / بلدية فندق الجديد حي سلتان: استهتار رئيس المجلس البلدي يعصف بمصالح المواطنين
بلدية فندق الجديد حي سلتان: استهتار رئيس المجلس البلدي يعصف بمصالح المواطنين

بلدية فندق الجديد حي سلتان: استهتار رئيس المجلس البلدي يعصف بمصالح المواطنين

مثلت الانتخابات البلدية واحدة من أهم استحقاقات الثورة، حيث انتظرها المواطنون باهتمام غير مسبوق بسبب تعمق مشاكلهم في ظل حكم النيابات الخصوصية. وكان لتعميم الحكم المحلي على كامل تراب الجمهورية الوقع الطيّب لدى عموم التونسيات والتونسيين خاصة بعد قرار استحداث بلديات جديدة.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يُعتبر ما جاءت به مجلة الجماعات المحلية مكسبا مهما لفائدة المواطنين المتمثل في آليات الديمقراطية التشاركية بما يحقق اللامركزية والتنمية الشاملة والعادلة والتنمية المستدامة في إطار وحدة الدولة وبهذا أصبح المواطن طرفا فاعلا في تسيير شؤونه…

غير أنّ تهافت هواة السياسة وأصحاب العقلية الاستبدادية والجاهلين بالحياة العامة واستحقاقات المواطنات والمواطنين وانتظاراتهم أفرز مجالس بلدية هجينة زادت الطين بلة وحوّلت حياة الناس إلى جحيم. ولعلّ حالة المجلس البلدي لبلدية فندق الجديد حي سلتان خير مثال.

بلدية مُحدثة في ظلّ انعدام الخدمات وتراكم المشاكل:

تم إحداث بلدية فندق الجديد حي سلتان في سنة 2016 وتم انتخاب مجلسها البلدي في انتخابات ماي 2018 وتم تنصيبه في 3 جويلية 2018 ويمكن تعريف هذه البلدية وفق المعطيات التالي:

السكان: 23471
المساحة: 124 كم²
الدوائر: 3
المجال الجغرافي: حي سلتان، المسراطية، فندق الجديد، التوتة، سماش، نوال، خنقة الحجاج، بني عياش.
عدد الأعضاء: 18
التعليم: 9 مدارس، 1 إعدادية
الصحة: 4 مستوصفات، (مستوصف لكل 6000 مواطن)
البريد: 3 مكاتب، (مكتب لكل 8000 مواطن)
الرياضة: ملعب رياضي، قاعة مغطاة، 2 ملعب حي

الخصوصية الاقتصادية: الخضر والغلال، 400 هك كروم، تحويل العنب، مصانع تحويل الحجارة، الصناعات الغذائية، الدواجن والبيض، مصانع مواد البناء

ورغم تردّي الخدمات العمومية من نظافة وتصريف صحي ونقص التنوير العمومي والطرقات والأنهج والمسالك الفلاحية وفضاءات الطفولة والشباب والأنشطة الثقافية وانعدامها في أغلب المناطق، فإنّ المجلس البلدي الحالي ومنذ تنصيبه لم ينجز أيّ مشروع ولم يتصرف في ميزانية البلدية إلاّ لصرف الرواتب فقط حسب رئيس اللجنة المالية والإدارية ومراقبة التصرف بالبلدية في تصريحات إعلامية وتدوينات على الفايسبوك. وهي في الحقيقة أعمال لم تخرج عن الدور التقليدي للبلدية لأّن كلّ التشريعات والتوجّهات تفرض على المجالس البلدية تكريس البعد الاجتماعي للمجالس البلدية الذي يفرضه الواقع إلى جانب ضرورة دعم موارد البلدية لتحقيق تطلعات المواطنات والمواطنين وتفعيل اللجان التي أقرّتها مجلة الجماعات المحلية والتي تعطي الخطوط العامة لأعمال المجالس البلدية الشاملة لكل المجالات.

إلاّ أنّ رئيس المجلس البلدي أبدى عجزا عن تسيير شؤون البلدية إداريا وماليا واستفرد بالقرار ضاربا عرض الحائط بكل القوانين المنظمة للممارسة الديمقراطية صلب المجالس وهي عقلية مرضية متفشية في العديد من المجالس البلدية. وأمام هذه الأوضاع المزرية طالب أعضاء المجلس البلدي رئاسة الحكومة بتطبيق قرار وزير التنمية المحلية المؤرخ في 14 جويلية 2019 القاضي بإعفاء رئيس المجلس البلدي من مهامه إثر تحقيق داخلي، وقد سبق لرئيس اللجنة المالية والإدارية أن وجه اتهامات للنائبة محرزية العبيدي بالتدخل في الشأن الداخلي للبلدية وحماية رئيس البلدية والتستر على شبهات الفساد المالي والإداري باعتباره ينتمي إلى نفس حزبها.

اتّهامات بالجملة لرئيس البلدية:

وأمام تعنّت رئيس البلدية وتمسّكه بالاستفراد بالقرار قدم 12 عضوا بلديا استقالتهم من المجلس البلدي من بينهم المساعدة الأولى ورئيس لجنة الشؤون الإدارية والمالية ومراقبة التصرف ورئيس لجنة النظافة والصحة والعناية من مختلف الأحزاب الممثلة في المجلس البلدي، ومن بينهم ممثلي كتلة حركة النهضة الذين تمّ التشاور معهم وينتمي إليها رئيس البلدية، غير أنّ انقلاب ممثلي كتلة النهضة على الاتفاق وتدخّل قياداتها وذلك بالضغط على مجموعة من المستقيلين بطرق ووسائل مختلفة جعلهم يتراجعون عن استقالتهم قبل يوم من انقضاء الآجال القانونية لقبول الاستقالة.

وقد ورد في نص الاستقالة الموجهة إلى وزير التنمية المحلية وتحمل إمضاء 10 أعضاء أنّ السبب يعود إلى “استحالة التواصل والتعامل مستقبلا مع رئيس البلدية، وتبعا لمواصلة تعنته بالانفراد في أخذ القرارات دون المرور عبر المجلس البلدي ممّا أدّى إلى تعطيل مصالح المواطنين وقيامه بصفقات دون سند قانوني. واستنادا على الملفات الموجهة إلى السلط المعنية وبعد فتح تحقيق في الغرض تمّ اتخاذ قرار صادر عنكم بتاريخ 14 جويلية 2019 ويقضي بإعفاء رئيس البلدية من مهامه، وإننا إذ نستغرب من عدم تطبيق رئاسة الحكومة للقرار المذكور إلى حد الآن لاسيما وأنّ والية نابل قد قامت بالإجراءات القانونية المعمول بها… ولكل تلك الأسباب قرّرنا بكل أسف تقديم استقالتنا من المجلس البلدي وبدون رجوع فيها حفاظا على المصلحة العامة، واحتراما للقسم الذي أديناه ونقدم اعتذارنا لكل متساكني الدائرة البلدية فندق الجديد –سلتان.”

تجاوزات رئيس المجلس البلدي لم تتوقف عند المشاحنات مع الأعضاء لتصل إلى الإدارة البلدية التي تداول عليها 3 كتاب عامين خلال سنتين، حيث قام رئيس المجلس في فيفري 2019 بمنع الكاتبة العامة من مباشرة مهامها ليتمّ تعويضها بكاتب عام جديد في 10 أفريل 2019، وليتمّ إعفاؤه في أوت 2019 دون موافقة المجلس البلدي. وقد قدّم الكاتب العام قضية ضدّ رئيس البلدية في الصدّ عن العمل وتجاوزات أخرى. وتمّ استدعاء المشتكى به للبحث لدى الفرقة المختصة للأبحاث لدى الحرس الوطني بتاريخ 4 ديسمبر 2019.

وقد أكّد أعضاء من المجلس البلدي وعدد من المتابعين للنشاط البلدي أنّ ميزانية البلدية تضمّ مشاريع بقيمة 7 مليارات على الورق من بينها هبة بـ5 مليارات من البنك الألماني معطّلة بسبب رئيس البلدية، إضافة إلى تخبّطه في اتخاذ القرارات حيث سبق أن تمّت برمجة مناظرة انتداب عملة بتاريخ 17 جويلية 2019 وتمّ إلغاؤها. إضافة إلى عدم التصريح بنتائج مناظرة ثانية منذ جوان 2019 وعدم عقد أيّ جلسة عامة تشاركية كما ينص عليه الفصل 29 وما يليه من مجلة الجماعات العمومية. وكان رفض رئيس البلدية لمقترح المجلس البلدي بتخصيص مبلغ قيمته 50 ألف دينار للضمان الاجتماعي والمساعدة في المد التضامني لإعانة ضعاف الحال القطرة التي أفاضت الكأس.

رغم التّجاوزات وشبهات الفساد: تهديد المنتقدين وقمع النّاقدين

وأمام هذا التخبط انتشرت الفضلات المنزلية في الأحياء وانسدت قنوات الصرف الصحي وفاضت في الأنهج وانتشرت الحشرات والروائح الكريهة. فاستحالت حياة المواطنين جحيما ممّا دفع ببعض المهتمين بالخوض في الشأن البلدي والتعبير عن امتعاضهم من التصرفات الصبيانية لأعضاء المجلس البلدي ورئيسه الجهبذ الذي اختصّ في الخلافات واختلاق المشاكل مع كلّ المحيطين به. وقد جوبه هذا الامتعاض والنقد بالتهديد بمقاضاة الشباب الغاضب من قبل رئيس البلدية وأحد مستشاريه وأحد منتسبي حركة النهضة، حيث ردّ أحد المستشارين على تعليق لأحد الشباب “سيكون ردّي أمنيّا وسأشتكيك وكلّ شي عملتلو كابتير”، رغم أنّ تعليق الشاب لم يتجاوز حدود اللياقة ولم يتضمن أيّ اعتداء.

لقد بلغ السيل الزبى وأصبح الوضع في المنطقة البلدية لفندق الجديد وحي سلتان لا يُطاق ويثير الاحتقان لدى غالبية متساكني المنطقة، والغريب في الأمر صمت الجهات المعنية أمام شبهات الفساد التي تحوم حول رئيس البلدية بشهادة أعضاده سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في نص استقالتهم أو نص تراجع أحدهم عن الاستقالة التي ورد في تعداد أسباب تراجعه عن استقالته أن رئيس البلدية “اعترف بقصوره وأكد على أنه سيتبنى أسلوب إدارة أكثر شمولا لأعضاء المجلس وللنشطاء في المجتمع المدني وكذلك عزمه على التحلي بالشفافية المطلقة في جميع المعاملات البلدية.”

ختاما، وأمام كلّ المعطيات التي تُجمِع على أنّ رئيس المجلس البلدي تحوم حوله شبهات فساد وسوء تصرف فإنّ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مطالبة بالتدخل وفتح تحقيق جدّي في التهم الموجهة له ولمن سيكشف البحث تورّطهم من بين أعضاء المجلس البلدي.

محمد صابر الحجري

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×