الرئيسية / رأي / صاحبة نص”سورة الكورونا”أمام التحقيق: ما الذّنب الذي اقترفت؟
صاحبة نص”سورة الكورونا”أمام التحقيق: ما الذّنب الذي اقترفت؟

صاحبة نص”سورة الكورونا”أمام التحقيق: ما الذّنب الذي اقترفت؟

لقد اعتبر أهم فلاسفة الأنوار وعلى رأسهم فولتار وروسو أنّ حرية الضمير تُعتبر من أهم الحريات باعتبار أنّ الضمير أرقي تعبيرة عن الفرد والمجموعة. كما أنّ الدفاع عن حرية الضمير هي الرّد المباشر على محاكم تفتيش الضمير والتي كانت عبر التاريخ، أي محاكم التفتيش، من أكبر الجرائم التي نالت من المفكّرين والكتاب وأصحاب الضمير الحي.

وحريّة الضمير تعني حريّة الاعتقاد والمعتقد الذي يختار الفرد تبنّيه والدفاع عنه جهارا. وإذا ما لم يكن الدفاع عن حريّة الضمير بالمجاهرة فإنه لا يكون ضمن المعاني المحمولة على الحريّة. ومن بين أهم المعارك الفكرية والسياسية والرقي الاجتماعي الذي ندافع عنه هو حرية الضمير والتعبير والكتابة والنشر والتوزيع لأنّ كلّ هذه العناصر متشابكة فيما بينها.

وتعود ضرورة التذكير بذلك اليوم إثر حملة مسعورة من التكفيريين من ناحية وتحرّك النيابة العمومية ضد صاحبة نص “سورة الكوفيد” من ناحية أخرى.

بقطع النظر عن نيّة كاتبة النّص وهو أمر يخصها لوحدها، فإنّ النّص الذي نشرته تحت عنوان “سورة الكوفيد” ما هو إلاّ نص محاكاة لفظية وشكلية للقران، وهو من وحي الخيال المرتبط بوقائع حينيّة وهو ما تعيشه البشرية اليوم جرّاء الوباء المُسمّى كوفيد -19.

ورغم أنّ محاكاة القرآن في تاريخ النصوص العربية منها الشّعرية والنّثرية وغيرها باتت من بين العناصر الفنية في الكتابة التي مارسها الشيخ والفقيه والشاعر والقاص والروائي، فإنّ حالة الانتكاس الحضاري والفكري والثقافي في مجتمعنا باتت مسيطرة ومتلبسة بأذهان الناس في معنى تكريس المحظور والرهبنة في التعامل مع تراثنا وثقافتنا التنويرية.

والملفت للانتباه والدافع إلى إعلان الحميّة الرابطة بين كافة المدافعين عن حرية المعتقد ليس ما أتاه أشخاص على الشبكة العنكبوتية من تهديد وشتم وغيره من الأقوال المجرمة وإنما ما أتته مؤسسة النيابة العمومية من خلال استدعاء رسمي وفتح تحقيق وتكييف نشر النص “سورة الكوفيد” قانونا ووضع آمنة الشرقي في حالة تقديم (عبارة عن إقامة جبرية) وتحت طائلة تهمة “الدّعوة إلى الكراهية بين الأديان والأجناس والسكان وذلك بالتحريض على التمييز واستعمال الوسائل العدائية والنيل من إحدى الشعائر الدينية المرخّص فيها طبق الفصلين 52 و53 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011”.

وتحرّك النيابة العمومية بالعجلة من أمرها هذه المرة حيث استدعت آمنة الشرقي يوم 4 ماي وقامت بالتحقيق معها يوم 5 ماي دون فتح أيّ تحقيق فيما تعرّضت له “المتهمة” من تحريض على القتل وهو أمر ثابت.

وإذا كنّا بعيدين عن بلوغ درجة تكريس حرية الضمير والمعتقد وهو الطريق الأرفق بالإنسانية نحو التقدم والرقيّ دون دم فإنّ تعميق هذا الشرخ تكون مضاعفة عندما تمارسها المؤسسات.

والعنصر الإضافي الذي يدفعنا إلى الانخراط الأبلغ والأقوى مع آمنة الشرقي اليوم هو أنّها مارست النّشر ودافعت عنه بكلّ كبرياء حيث كتبت مرة أخرى على جدارها “سورة التحدي”.

“وقفت قدام 7 ممثيلين النيابة… مفيهم حتى واحد معيا كلهم ضدي… كلهم ضد فكرتي… تسخايبوني بش نجي ماللوطة ونقلهم سمحني ونكذب ونقول انا مسلمة وغلطت ؟؟ لا مانيش منافقة وانا مانيش غالطة!

الللي غاظني هو 7 هاذوما تقول مجرمة حرب… قالولي ميجيش تنشر سورة الكورونا قلتلهم لي الحق فالنشر والتعبير… قالولي لا ليس لك الحق وهذا ممنوع (صدقوني هكا قالولي حرفيا)، قالولي ليست لكي الحرية… قالولي حرية المعتقد هي ان تأمن بما تشاء بينك وبين مخك ومتقول لحد… كلمة “قالولي” غالطة بش نعوضها بصاحو عليا خاتر ايصيحو عليا… صاحو عليا وقالولي راك متهمة بالعنف قلتلهم مضربت حد؟؟!! قالولي عنفت فكرة الدين… قلتلهم الفكرة لا تعنف قالولي الفكرة تعنف وانتي عنفتها وبش نتهموك بالعنف… هل انا اتحدث مع رجال قانون مثقفين ام اتحدث مع اصدقاء في اطار نقاش غير عقلاني؟”

لطفي الهمّامي

بيان مكونات المجتمع المدني المساند لآمنة الشرقي

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين-Snjt
تونس في 7 ماي 2020

بيان
مثلت المدوّنة أمنة الشرقي يوم الأربعاء 05 ماي 2020 أمام النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بحالة تقديم، بتهمة الدعوة إلى الكراهية بين الأديان والأجناس والسكان وذلك بالتحريض على التمييز واستعمال الوسائل العدائية والنيل من إحدى الشعائر الدينية المرخص فيها طبق الفصلين 52 و 53 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011، والتي قررت إحالتها أمام القضاء بالتهمة المذكورة، أمام الدائرة الجناحية. وكان ذلك على إثر إعادة نشر المواطنة أمنة الشرقي تدوينة خياليّة تم تأويلها على أساس أنها محاكاة للنص القرآني.

وتعرّضت المدوّنة بسبب إعادة نشر التدوينة إلى حملات تكفير وتحريض وتهديد بالعنف والقتل على صفحات التواصل الاجتماعي. وبغض النظر والتأويلات المختلفة لمحتوى المنشور، فإن سرعة تعهّد النيابة بموضوع هو محل اجتهاد ذوقي وأدبي، يثير الكثير من الخوف والريبة بأن تكون القضية سابقة لضرب حرّية التعبير في المجال الافتراضي، وخاصة بعد فشل تمرير مبادرات تشريعية لوضع قيود صارمة وغير دستورية على استعمال الانترنيت وبعد التضييق على عديد المدوّنين بسبب إثارتهم لقضايا وشبهات فساد. لقد كان على النيابة العمومية التحرك لتتبع من شنّ حملات التكفير والتهديد والدعوة للعنف باعتبارها جرائم ثابتة وموثقة.

إن الأطراف الموقعة على هذا البيان تتضامن مع المدونة أمنة الشرقي ضد الهرسلة القضائية وترفض كل محاولات تقييد الحريات المكفولة بالدستور وتعبر عن تخوّفها الشديد من استغلال مثل هذه القضايا لتكميم الأفواه والسيطرة على الفضاء الافتراضي والتحكم فيه بتعلّة حماية المقدّسات ما يعيد للأذهان تجارب محاكم التفتيش.

الأطراف الموقّعة:

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
الاورومتوسطية لحقوق الانسان
اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الانسان
الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل
المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب
الجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×