الرئيسية / ملفات / ملف الفلاحة / الثّروة المـائيّة في تونس: بين النّدرة والهدْر
الثّروة المـائيّة في تونس: بين النّدرة والهدْر

الثّروة المـائيّة في تونس: بين النّدرة والهدْر

حسين الرحيلي

خصّصت المواثيق الدولية مبادئ كاملة للماء ولأهمّيته في تحقيق العدالة الاجتماعية وهو ليس بالأمر الاعتباطي، ولا من باب التندّر، بل لأنّ الماء مثّل عبر التاريخ الإنساني المحرّك الأساسي لاستقرار الإنسان وصنع الحضارة.

لقد أكّدت وثيقة مؤتمر قمّة الأرض العالمية للتنمية المستدامة (Rio +10) بجوهانسبورغ سنة 2002 في المبدأ (29) على أنّ المجتمع الدّولي يرحّب «بتزكية التزام جوهانسبورغ بالمتطلبات الأساسية للكرامة الإنسانية، وإتاحة سُبل الحصول على المياه النظيفة وخدمات المرافق الصحّية، والطاقة، والرعاية الصحية، والأمن الغذائي، والتنوع البيولوجي»
أمام ما نعيشه خلال الفترة الأخيرة من نقص حادٍّ في الماء، سواء للنشاط الاقتصادي أو للاستعمال البشري، وانطلاقا من الحيرة المستمرة للمواطن حول مشكل الماء لانعدام توفّر المعلومة الصّحيحة والنّافعة وغياب كامل للمقاربة التّشاركية في مجال التصرّف في الماء، ممّا عزّز السلطة المركزية وهمّش دور السكّان والسلطة المحلّية في مجال حيويٍّ مثل الماء، فإنّه وجب فتح ملف الماء على مصراعيه والبحث في مدى قُدرة من في السلطة في تونس على تطبيق مقتضيات الفصل 44 من الدستور الذي ينصّ على الحق في الماء.

واقع الماء في تونس

تقع تونس في شمال القارّة الإفريقية، ومفتوحة شمالا على البحر الأبيض المتوسّط، ممّا جعل مناخها متوسّطي شمالا وشبه قارّي وشبه جاف بالوسط، وصحراويّا بالجنوب. كل هذه العناصر المناخية، جعلت من تونس تاريخيّا بلدا ذا موارد مائية متوسّطة إلى ضعيفة، ولكنها متنوّعة المصادر وموزّعة بشكل متناغم مع التّضاريس والطبيعة الجيولوجيّة للبلاد.
كما شكّل الماء في تونس عنصرا أساسيا للحضارات المتعاقبة، من القبصيّين (حوالي 4200 سنة) مرورا بالسكان الأصليّين البربر، إلى الفينيقيين والقرطاجيّين والبيزنطيّين والرّومان والعرب وصولا إلى الإسبان فالاستعمار الفرنسي.

لقد تركت كلّ هذه الحضارات آثارا تؤكّد على أهمية الماء ودوره الحضاري، مثل المسابح الرومانية بقفصة (وادي الباي) وقنوات تصريف المياه بدُقّة والأحواض الرّومانية بقرطاج وسبيطلة وأُوذْنة ومعبد المياه بزغوان الذي يمثل رمزيّة كبيرة للماء بالنسبة إلى الرومان الذين بنوا له معبدا كاملا باعتباره مصدرًا للحياة. كما لا ننسى فسقيّات الأغالبة بالقيروان كشكل متطوّر لتجميع مياه الأمطار من الأحواض الدّافعة واستغلالها في مكان يتميّز بندرة الماء. وأخيرا الحنايا التي تمثّل نقلة نوعية للإنسان في تونس في تعامله مع الماء من خلال ابتكار طريقة متطوّرة لنقله بالاعتماد على انحدار الأرض وعلى مسافات كبيرة.

إنّ هذا الإرث الحضاري المتّصل بالماء، لا يمكنه إلاّ أن يؤكّد على أنّ الماء في تونس قضيّة أساسية ومحوريّة لازمت الإنسان وحضاراته طيلة أكثر من 4500 سنة. بل يمكن القول إنّ الماء في تونس ليس مجرّد ثروة طبيعية صالحة للاستعمالات العاديّة فقط، بل هي منظومة متكاملة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي – التاريخي والبيئي.
تنساق هذه المنظومة حاليا إلى التّخريب المقصود أو غير المقصود، مع تأثيرات مباشرة للتحوّلات المناخية خاصّة على مستوى توزيع الأمطار ودوريّة الجفاف وغيرها من المسائل المناخية التي بدأت تتوسّع دائرة فعلها على الماء بشكل خاص.

ارتباطا بالطبيعة المناخية الجافة وشبه الجافة للبلاد التونسية، ممّا يجعل نسبة تساقطات الأمطار غير منتظمة وغير متساوية بين جميع المناطق، فإنّ معدّل الموارد المائية المُتاحة سنويا بالبلاد تقدّر بـحوالي 4،865 مليار متر مكعّب في السنة، موزّعة على النحو التالي:

  •  المياه السطحية: 2.7 مليار متر مكعب
  •  المياه الجوفية: 2.165 مليار متر مكعب

وهو ما يجعل نصيب المواطن التونسي من الماء في السّنة تقدّر بحوالي 460 م3 مكعب، ما يعتبر أقلّ من معدل استهلاك الساكن في منطقة شرق الأوسط وباقي دول شمال إفريقيا والمقدّر بحوالي 550م3. كما أنّ هذا المعدل يُعتبر أقل بكثير من المعدل العالمي الذي توصي به المنظمة العالمية للصحة والمقدّر سنويا ما بين 700 و900 م3 للفرد/ سنة. إنّ هذه المعدّلات تبيّن أنّنا في تونس نعاني فعليّا من ندرة الماء، إن لم نقل فقر الماء بالنسبة إلى الاستهلاك المباشر للسكان.

ولنا في تونس مصدرين أساسين للمياه التقليديّة، المياه السطحية والمياه الجوفية. إذ تشتمل المياه الجوفية على العديد من الموائد المائية السطحية والمتوسطة والعميقة، وتمثّل الموائد العميقة وخاصة بالجنوب والجنوب الغربي المصادر الأساسية للماء المُستعمل في الفلاحة والمياه الصّالحة للشراب والمياه الموجّهة للاستعمال الصناعي، مثل مائدة “جفارة”العميقة التي تغطّي مساحات كبيرة من الجنوب الشرقي للبلاد، إضافة إلى مائدة القارّي الوسيط المصنّفة مائدة أحفوريّة غير قابلة للتجديد، وهي تُعَدّ من الموائد الاحتياطيّة للعديد من دول المغرب الكبير والساحل الصحراوي الإفريقية، لأنها تغطّي أكثر من 6 دول بكاملها.

أمّا الجنوب الغربي، فإنّه يتميز بالعديد من الموائد العميقة ذات عمق يتجاوز 200 مترا وتتراوح درجة المُلوحة بهذه الموائد المائية ما بين 2.2 إلى 12غ /لتر. وبذلك فإنّ استعمالات مياه هذه الموائد مرتبطة بدرجة الملوحة، في حين أنّ المياه ذات الملوحة المنخفضة تُستعمل للمياه الصالحة للشراب والنشاط الفلاحي، والمياه ذات الملوحة المرتفعة أي أكثر من 4غ/لتر تستعمل عادة في النشاط الصناعي أي غسل الفسفاط بمنطقة الحوض المنجمي.

تقدّر موارد المياه الجوفيّة سنويا بـحوالي 2.125 مليارم3، منها 745 مليون م3 تأتي من المياه الجوفية المتوسّطة العمق، و1380 مليون م3 من المياه الجوفية العميقة، 650 مليون م3 منها غير متجددة.

تحتضن منطقة الشمال 55٪ من الموارد المائية الجوفية، ويحتوي الوسط على 30٪ فقط من جملة المياه الجوفية، بينما يحتوي الجنوب على 15٪ فقط.

أما بالنسبة إلى الموائد العميقة، فإنّ منطقة الجنوب التونسي تشتمل على حوالي 58٪ من الموارد القابلة للحفر، في حين أنّ منطقة الوسط لا تتجاوز إمكانيّاتها من الموائد العميقة إلاّ على 24٪، والشمال لا يحتوي إلاّ على 18٪ فقط من الإمكانات على المستوى الوطني.

قُدِّر معدل استهلاك المياه الجوفية بـ780 مليون متر مكعب في عام 2015، من خلال استغلال أكثر من 90 ألف بئر سطحي مجهّزة. وهو ما يعني أن الاستغلال يتجاوز إمكانات الموائد السطحية إلى مستوى 105 بالمائة. أمّا بالنسبة إلى الموائد الجوفية العميقة، فإنّ استغلالها لم يتجاوز نسبة 80٪ من إمكاناتها المائية خلال سنة 2014، وهو ما يعادل 1100مليون م3 من خلال استغلال حوالي من 3500 بئر عميقة منها 62 بالمائة بالجنوب، وبالتالي فإنّ المعدل العام لتعبئة الموارد المائية في تونس يقدّر بشكل عام بحوالي 3.8 إلى 4 مليار م3 مقسمة ما بين 1800 مليون متر مكعب من المياه السطحية و2000 مليون م3 من المياه الجوفية، أي ما يقدّر بحوالي 86 بالمائة من الإمكانات الوطنيّة السنوية والمقدّرة بحوالي 4.6 مليار م3.

أمّا بالنسبة إلى المياه السّطحية، فوجب التّذكير بأنّ تونس تتلقّى معدّل متوسّط أمطار بحوالي 230 ملم في السنة، أي حوالي 36 مليار متر مكعب. ممّا يعني أنّ إمكانات تعبئة المياه السّطحية الحالية والمقدّرة بحوالي 1.9 مليار م3 لا تتجاوز 5 بالمائة من كمّيات التساقطات السنوية. وهو ما يعني ضعف إن لم نقل غياب سياسة ورؤية واضحة للاستفادة من كلّ هذه التساقطات، وذلك راجع إلى الخطط والتوجّهات الكلاسيكية في مجال الماء التي بقيت سجينة سياسات الستّينات والسّبعينات خاصة في مجال بناء السّدود التي بقيت مرتبطة بالوضع المناخي القديم ولم يستطع التّأقلم مع نتائج التحوّلات المناخية.

نزول الأمطار متغيّر في الزمان والمكان. حيث يتراوح المتوسّط السنوي من أقل من 100 مليمتر في أقصى الجنوب إلى أكثر من 1500 مليمتر في أقصى الشمال الغربي بمنطقة عين دراهم. تأتي إمدادات المياه السطحية من أربعة مناطق طبيعية متميّزة من خلال جوانبها المناخية والهيدرولوجية والجيومورفولوجيّة والجيولوجية.

  • في أقصى الشمال، رغم كونها لا تمثل سوى 3٪ فقط من المساحة الجملية للبلاد، فإنها توفر إمدادات من المياه السّطحية بمتوسط 960 مليون متر مكعّب في السنة، ما يمثّل 36٪ من إجمالي إمكانات البلاد من المياه السطحية.
  • أما بالنسبة إلى منطقة الشمال، الذي يمثله حوض مجردة والوطن القبلي ومليان، فيوفّر 1230 مليون متر مكعب في السنة، ما يمثل 46٪ من إجمالي إمكانات المياه السطحية.
  • تضمّ منطقة الوسط مساقط مياه أودية نبهانة ومرق الليل وزرود والساحل، والتي توفّر موارد مائية سطحية سنوية تقدر بحوالي 320 مليون متر مكعب في السنة، أي ما يقدّر بحوالي 12٪ من جملة الموارد المائية السطحية على المستوى الوطني.
  • يمثل الجنوب حوالي 62٪ من المساحة الإجمالية للبلاد، غير أنه يعتبر أكثر المناطق ندرة للمياه السطحية، حيث يساهم بموارد غير منتظمة، تقدّر بحوالي 190 مليون متر مكعب في السنة، أي 6٪ فقط من إجمالي الإمكانات الوطنية من المياه السطحية.

ولتعبئة هذه الموارد المائية السطحية، وخاصة بمنطقتي أقْصى الشمال والشمال باعتبارهما يوفّران حوالي 82 بالمائة من الإمكانات المائية السطحية الوطنية، شُرِع في إنجاز سدود منذ 1932 من قبل المستعمر من خلال سُدَّيْ بني مطير بفرنانة وسدّ الكبير بزغوان لتوفير الماء لفائدة المعمّرين الذين سطوا على الأراضي الفلاحية من أصحابها، وتواصل إنجاز السدود بعد 1956 وخاصة بولايات جندوبة وباجة وبنزرت والكاف.

كما تمّ إعداد وتنفيذ برنامج وطني لتعبئة الموارد المائية، في إطار خطة عشرية 1990-2000، بهدف تجميع أكثر كمية ممكنة من مياه الأمطار في سدود كبرى أو سدود تليه أو بحيرات جبلية وفق الكمية المتوفرة والخصوصيات الجيولوجية والجيوهيدرولوجية للمناطق المعنيّة بالمشروع. وتواصلت نفس السياسات المائيّة القديمة بعد 2011 باعتبار أنّ المنظومة الحاكمة الجديدة بكل تلويناتها ليست إلّا للمنظومة القديمة شكلا ومضمونا، ولو اختلفت الأسماء والشعارات ونمط اللباس. بل يمكن القول إنّ الماء كثروة قد أصبح أكثر تهديدا بفعل ضعف الدولة الرقابيّ وانتشار جرائم سرقة الماء والاعتداءات على الملك العمومي للمياه من طرف عصابات الحكم وزبانيّتهم تحت يافطات الاستثمار والتّصدير.

1- مجالات استعمال الماء في تونس

يتوزع استعمال الماء في تونس وفق النسب والمجالات التالية:

– الفلاحة: بحوالي 77% من جملة الموارد المائيّة المُتاحة
– الصناعة: 8% من جملة الموارد المائية المتاحة
– الماء المنزلي: 13.5% من جملة الموارد المائية المتاحة
– السّياحة: 1.5% من جملة الموارد المائية المتاحة

وبذلك يحتكر القطاع الفلاحي لوحده 77 بالمائة من الموارد المائية الوطنية القابلة للتعبئة سنويا. ولكن مردود هذا القطاع لا يتوافق وكمّية المياه المستعملة لصالحه. فنحن نورّد حوالي 70 بالمائة من الحبوب و40 بالمائة من الأعلاف وكميات كبيرة حتى من الخضر الأساسية والضّرورية لحياة المواطنين، وهو ما يطرح سؤالا محوريّا عن مجالات استعمال المياه في القطاع الفلاحي، إذ أنّ أغلبية المساحات المستغلّة تعتبر بَعْلِيّة مثل الزياتين والأشجار المثمرة والأعلاف. كما أنّ مساحة المناطق السّقوية التي تستهلك الكمّية الأكبر من المياه لا تتجاوز نسبتها 8.5 بالمائة من المساحة الجملية للأراضي الفلاحية (480 ألف هك فقط).

كلّ الدّراسات تؤكّد أنّ هدر الماء في القطاع الفلاحي يتجاوز 25 بالمائة، أي أنّ الكمية المهدورة سواء أثناء النقل عبر القنوات أو أثناء الرّي العشوائي أو بسبب سرقة المياه من القنوات الرئيسية لنقل الماء يمكن أن تصل إلى حوالي 850 مليون م3 سنويا، أي مرّة ونصف كمّية الماء الصالح للشراب لكامل الشّعب سنويا. كما أنّ الكميات المستعملة في المناطق السّقوية ليست موجّهة لإنتاج الحاجيات الأساسية من الغذاء للشعب، بل موجّهة لإنتاج ما يطلبه السّوق الخارجية فقط باعتبار أنّ السياسة الاقتصادية التونسية ومنذ 1970 قد بُنِيت على التّصدير في كلّ المجالات، وكأنّ هذا الشعب وُجِد ليستعمل ثرواته من أجل إرضاء المستهلك الأوروبي فقط. إذ نهدر كمّيات كبيرة من الماء لإنتاج القوارص لتصدير المالطي فقط إلى السّوق الأوروبية، نهدر حوالي 320 مليون م3 سنويا مقابل عائدات تصدير لا تتجاوز 26 مليون دينار أي عائدات لا تنجز محوّل بإحدى المدن التونسية.

مع أنّ هذه الكمية يقع نقلها عبر قناه مجردة – الوطن القبلي على مسافة تتجاوز 120 كلم ومع نسبة تبخّر تتجاوز 30 بالمائة، أي أنّنا نهدر 30 م3 على كل 100 م3 بالقنال. كما أنّنا نستنزف مائنا لإنتاج مواد لا قيمة مُضافة لها كالفراز واللّفت السكّري والغلال خارج الفصل لنُرضي المستهلك الأوروبي الذي يريد تناول الغلال الصّيفية في الشتاء والربيع.

إنّ السياسات والخيارات التنموية والإنتاجيّة التي تمّ اختيارها من قبل كلّ الحكومات المتعاقبة منذ 60 عاما كانت مبنيّة على حرمان الفلّاح التونسي من الماء ومن الأرض للفلاحة وتوجيه مدّخرات البلاد الطبيعية إلى الاستثمار بهدف التّصدير وتوفير العُملة الصّعبة للمستثمرين الأجانب لتحويل مرابيحهم كّل سنة إلى بلدانهم.

إنّ ما نعيشه حاليّا من مشاكل مرتبطة بالماء سواء على مستوى تراجع إمكاناتنا المائيّة بفعل التحوّلات المناخية، أو فشل الخيارات التنمويّة والسّياسات التابعة للمعسكر الغربي التي لم تفعل سِوى هدر الماء والمواصلة في تطبيق خارط إنتاج لاوطنيّة وغير مرتبطة بالحاجيات الحقيقية والحياتيّة للمواطن، لم يثنِ الزّمرة الحاكمة على تغيير نمط التنمية أو الخيارات المتّبعة، بل إنّها تُضحّي دوما بالمواطن وخاصّة بالفلاح الصغير الذي ضاعت أرضه بفقدان الماء ليس للزراعة فقط بل حتى للشراب، لصالح استثمارات فلاحية مافيوزيّة.

إنّ خوض معركة من أجل الماء خلال هذه المرحلة الحرجة التي نمرّ بها على كل المستويات تُعتبر مصيريّة ولا تقلّ أهمية عن بقية المعارك. وكأنّ قدرنا أن نفتح مواجهات متعدّدة في هذه البلاد التي تحوّلت بفعل خيارات من يحكمونها إلى مجرّد سوق للفساد والتّهريب والجريمة المنظّمة في غفلة، إن لم نقل في غيبوبة تامة لهذا الشعب، الذي لم يكن عظيما فصوّت ضدّ نفسه في اللّحظة الحاسمة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×