الرئيسية / صوت الجهات / “حقّي من الفسفاط”: حملة جهوية تطالب بنصيب من عائدات الفسفاط للتنمية الجهوية
“حقّي من الفسفاط”: حملة جهوية تطالب بنصيب من عائدات الفسفاط للتنمية الجهوية

“حقّي من الفسفاط”: حملة جهوية تطالب بنصيب من عائدات الفسفاط للتنمية الجهوية

أطلق نشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي فيسبوك حملة تحمل عنوان “حقّي من الفسفاط”، وهي حملة مواطنية مفتوحة لأهالي ڨفصة بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسيّة والحزبيّة والنقابيّة والجغرافيّة، رافعين شعار: “يد واحدة… قبضة واحدة حتّى نتمكّن من استعادة حقّنا المسلوب”.

وتأتي هذه الحملة بعد عقود من الظلم و التهميش و الفقر و انتشار مرض السّركان بالجهة و تزايد نسبة البطالة، عرفتها ڨفصة التي تجاهلتها الحكومات المتعاقبة قبل وبعد الثورة. فلقد ساءت أوضاع الأهالي على جميع الأصعدة طوال السّنوات الماضية كما لم يحدث حتّى قبل الثورة. فكلّ المؤشرات في مجالات الصحة والتّعليم والبيئة والفلاحة والتّشغيل سارت القهْقرى نحو الخلف، حتّى أنّ الحياة الآدمية في شروطها الدّنيا أضحت صعبة المنال بل منعدمة في أكثر من مدينة وقرية بهذه الجهة (أم العرائس، المظيلة،.. الطلح، أم العلق، سيدي بوبكر…)

لقد انعدم دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي، وانحسر أساسا في القيام بدور “الجندرْمي” لإخضاع العمال والكادحين للنهب والاستغلال وثنيهم عن الدفاع عن حقوقهم الأساسية. وبالتّوازي، لم تهيّئ النسيج الاقتصادي بالجهة أمام تراجع الشركة لاستيعاب المتغيّرات، عبر بعث مشاريع جديدة. فالاستثمارات ظلّت تتّجه بشكل خاص نحو المناطق الساحليّة سواء بحثا عن الرّبح أو للحفاظ على “الزبائنيّة” السياسية، وهو ما فاقم ظاهرة الجهويّات التي أصبحت تشكّل خاصيّة من خاصيات النظام الدستوري النوفمبري.

وهكذا وجدت مدن الحوض المنجمي نفسها منسيّة ومهمّشة تعاني من وضع صعب. فثروتها من الفسفاط تُنهب من الشركة. ومع إرساء الغسّالات أصبحت الشركة تنهب جانبا كبيرا من الثروة المائية للمنطقة والأنْكى أن مياه الغسيل الملوّثة أصابت مخزون المياه الباطني بالتلوث، حتى أن الناس في الرّديف مثلا أصبحوا يشربون الماء من عند باعة يجلبونه من مناطق غير ملوّثة (20 لتر بدينار واحد).

وفي وضع كهذا تنعدم فيه مؤسّسات تشغيليّة خارج مجال شركة فسفاط قفصة، تفاقمت البطالة وبلغت أرقاما مفزعة بما في ذلك في أوساط حاملي الشهادات العليا. وشهدت الخدمات الصحية والتربوية والنقل تردّيا كبيرا بسبب تراجع دور الدولة في هذا المجال وفتحه أمام الخوْصصة التي حوّلت تلك الخدمات من خدمات اجتماعية عموميّة في مجال السكن والكهرباء والغاز إلى خدمات تجاريّة مُدِرّة للأرباح لأصحاب رأس المال. ولم يعد بإمكان الناس البسطاء تحمّل نفقات تدريس بناتهم وأبنائهم خصوصا الذين يدخلون منهم الجامعات، أو نفقات علاج مرضاهم أو تكاليف النقل والسكن ومواد البناء واستهلاك الكهرباء والغاز والماء.

وما زاد الطِّين بلّة غلاء الأسعار الذي لم يستقر وشمل المواد الأساسية بشكل خاص مثل المواد الغذائية والأدوية واللّباس وغيرها. وبالنظر إلى ضعف الأجور والمداخيل التي لم تُواكب نسق الغلاء، وكذلك غياب أيّ دخل بالنّسبة إلى جمهور المعطّلين عن العمل الذي يزداد عددهم باستمرار، فقد تحوّلت ولاية قفصة إلى فضاء واسع للفاقة والتهميش الاجتماعي والتسوّل.

وفي المقابل، فإنّ هذا الغبن الاجتماعي لمعظم سكّان المنطقة يقابله تضخّم ثروة بعض الأطراف والأشخاص. فالشّركة ومن ورائها الدولة وحفنة من بيروقراطيّيها ازدادت ثرواتهم، خصوصا أن سعر الطنّ الواحد من الفسفاط ارتفع خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا.

وبالعودة إلى الحملة التي أطلقها أهالي ونشطاء الحوض المنجمي، فهي ترفع مطلب إعادة الاعتبار إلى ڨفصة باعتبارها منطقة صناعية منتجة للفسفاط يحقّ لها الظّفر بنصيب من خيراتها بتخصيص نسبة 30 بالمائة من مداخيل الفسفاط والمواد الكيميائية لتجهيز البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنهوض بالإنسان بما يضمن له الكرامة والعزّة والرّقي. إنّها صرخة في وجه الظّلم والتّهميش من أجل حقّ ڨفصة بجميع معتمدياتها من عائدات مرابيح شركة فسفاط ڨفصة والمجمع الكمياوي…

رضا جلّولي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×