الرئيسية / الافتتاحية / من مزاعم الحرب على “كورونا” إلى حقيقة الحرب على الشّعب
من مزاعم الحرب على “كورونا” إلى حقيقة الحرب على الشّعب

من مزاعم الحرب على “كورونا” إلى حقيقة الحرب على الشّعب

عمار عمروسية 

يبدو أنّ حكومة السيد” الفخفاخ”قد وجدت ضالتها في جائحة ” كورونا” للمرور سريعا في تنفيذ مداخل سياساتها اللاّشعبية وصياغة الملامح العامّة لحربها الشرسة القادمة على العمّال والشغالين والسّواد الأعظم لشعب تونس.

فظهور “كورونا”منذ بداياته شكّل المناخ الأفضل أمام الفريق الحاكم لبلورة خطاب إعلامي وسياسي قائم على مفردات الغشّ وشعارات الخديعة من قبيل “الوحدة الوطنية و”ورصّ الصّفوف وتأجيل الخلافات” الخ…

فالجائحة وتداعياتها وطنيا وعالميّا كانت بمثابة الهديّة الثمينة للحكومة وأحزابها، ليس فقط للاستثمار السياسي الرخيص وإنّما لإخفاء حقيقة مشروع حكمهم القائم على التّوحش الاجتماعيّ ومزيد الارتهان الذليل للدّول الأجنبية والدوائر الماليّة النّهابة.

فالمشروع الحكوميّ في أساسياته الكبيرة ليس بالجديد، ولا هو مرتبط بظروف طارئة مثلما يحاولون التّسويق. فهو استمرار للقديم وتحريك للماضي المتّفق عليه منذ حكومة “الشاهد” مع صندوق النّقد الدّولي في الرسالة السرّية التي افتضح أمرها.

فحديث “الإصلاحات الهيكلية” و”ترشيد منظومة الدّعم” الخ… ليس إلاّ تجميلا لغويا لبرنامج تخريب اقتصادي واجتماعي معدّ منذ زمان ضمن وصفة واحدة لأغلب دول العالم من قبل صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي. تلك الوصفة القاتلة التي أينما حلّت أعقبها الخراب الاجتماعيّ والانهيار الاقتصادي.

فوثيقة التّعاقد الاجتماعي التي رافقت ميلاد الحكومة ذرّ رماد على العيون وواجهة “تشلويش” سياسيوي لا أكثر ولا أقلّ. فالشعب التّونسي اكتوي منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي مع رئيس الوزراء الأسبق “رشيد صفر” بنار الموجة الأولى من حريق “الإصلاحات الهيكلية”. واليوم فتلويح السيّد “الفخفاخ” مع كلّ ظهور له بالإجراءات الموجعة المغلّفة بالتّقشف والتّضحية لا يمكن فهمه إلاّ في إطار مقدّمات مزيد إلحاق الأذى بالعمّال والشغالين وصغار الفلاحين وجيوش المعطّلين والمهمّشين.

فالأعباء تقريبا كلّها ستطال الموجوعين بما سيزيد من أوجاعهم والبحبوحة والأرباح سيكونان كالعادة لمافيات السياسة والاقتصاد وبطبيعة الحال للجهات الأجنبيّة. فمرسوم رئيس الحكومة الصادر أمس والمتضمن لرؤيته التأطيرية لبرنامج حكومته المستقبلية (ميزانية 2012) ينزع كلّ قناع عن وثيقة التّعاقد الحكوميّ ذات الشعارات العامّة والوفاء. فضمون المرسوم جاء في تطابق كلّي مع أوامر صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي. والمؤسسسات والمنشآت العموميّة الحيوية موضوعتان في “بزار” التّفويت والبيع. وجرايات العمّال والموّظفين على طاولة القضم من خلال تجميد ترقيات العامين القادمين و”ترشيد منحة الإنتاج”!!!

والمعطلون ينتظرهم جحيم تمديد بؤسهم إثر التّوصية بإيقاف الانتدابات هذه السنة والكفّ عن تسديد شغورات المتعاقدين.

فالمرسوم الجديد هو خطّة حرب حقيقية على الجزء الأكبر من شعب تونس الذي سيقود بالضّرورة إلى معارك وهزّات اجتماعية تفرض على القوى الديموقراطية والتّقدمية مسارعة الخطى والرّبط بالحراك الاجتماعي والشعبي الذي أطلّ برأسه ومن المحتمل جدّا أن تتوسع مجالاته ضمن الأسابيع القليلة القادمة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×