الرئيسية / صوت الوطن / الصّيف الساخن
الصّيف الساخن

الصّيف الساخن

عمار عمروسية

كلّ معطيات الواقع الاجتماعي والسياسي الحاصلة حتّى يومنا هذا تدفع إلى صحّة توّقعاتنا القائلة بأنّ صيف البلد هذه المرّة استثنائي، فهو خروج عن سياق العادة والمألوف اللذان سمحا لنظام الحكم بوقت إضافي لإعادة ترتيب أركان بيته وإعداد خطط مواجهة العودة السياسية والاجتماعية مع منطلق فصل الخريف.

صيف هذا العام مغاير ومختلف عن الماضي ونقطة تقاطعه الوحيدة مع فوارق كثيرة هي دون شكّ سنة 2013 التي عرفت حراكا شعبيّا عارما على خلفية جرائم بشعة استهدفت كل من الرّفيقين “محمد البراهمي” و”محمد بالمفتي”

حرارة الطقس قرينة كلّ الاصياف غير أنّ حرارة الحراك الااجتماعي والشعبي طارئة وهي من العلامات الأساسيّة لعمق الأزمة التي تنخر البلد.

صيف البلد لن يكون هادئا وإيقاع الحياة لن يكون ساكنا ورتيبا فالأوضاع كلّها مثقلة بعناصر الصّخب والانفجار.

فمنظومة الحكم بجميع أركانها متّحركة على إيقاع خلافاتها الرّجعيّة وحساباتها المنفعيّة الضيّقة ضمن ولاءات وقحة لمحاور إقليميّة ودوليّة معادية للوطن. وأغلب الطبقات والشرائح الاجتماعيّة تنهض في كلّ ركن وزاوية للدّفاع عن قوتها ومصالحها.

أزمة الحاكمين تنحو في اتّجاه كسر العظام بطرق مكشوفة طورا وبأسايب ملتوية ومقنّعة حينا آخر.

حرب اللوائح في البرلمان مشتلة من تكتيكات “الضرب” تحت الحزام وتسجيل النّقاط بين الإخوة الأعداء (الائتلاف الحكومي) وتحسين مواقع للخصوم (الحزب الحرّ الدستوري..).

ودعوات تغييّر النّظام السياسي وإسقاط “البرلمان” وتوسيع الحكومة فواصل متّقدّمة لديهم من تحقيق مكاسب حاسمة في معركة كواسر منظومة الحكم على رقاب الشعب ومقدّرات البلاد.

بيت منظومة الحكم تعمّه الفوضى وتناقض المصالح وأصبح عبئا ثقيلا على أوسع الطبقات والفئات الااجتماعيّة التي وجدت نفسها مجبرة إلى حدود كبيرة لخوض معارك تأمين شروط العيش الكريم.

في كلّ ركن وزاوية من جغرافيا الوطن ينهض ضحايا سياسات التّوحش ويتقدّمون بخطى ثابتة نحو قلب الطّاولة.

مافوق الأرض متّحرك من ااعتصام “الكامور” بـ”تطاوين” إلى حراك “قفصة” وصمود “حاجب” المنسيّين.

“صفاقس” تمزّق االااستقرار المغشوش وتعطيه بعده النقابي النضالي الذي تعزّز بدخول قطاعات نقابية وازنة (الصّحة، الموانئ، الخطوط الجويّة التّونسيّة…).

في كلّ شبر من أرض الوطن غضب واحتجاج بطريقة ما “المكناسي” وجاراتها لها طرقها في المقاومة وجيش المعطلين من أصحاب الشهائد العليا وسواهم يرفعون نسق فعاليات الغضب مستفيدين من خبرات بعضهم السياسية والنقابية وبالتّوازي مع ذلك يندفع ضحايا التّشغيل الهشّ (عملة الحضائر، الإساتذة والمعلمون النّواب…) لتغذية حالة النّهوض وتوسيع مجالاتها.

عمّال السياحة وقطاع الصناعات التّقليدية يطرقون أبواب الغضب الذي طال القطاع الفلاحي منذ مدّة.

صائفة هذا العام حبلى ومثلما أسلف لن تكون فسحة أو وقتا مستقطعا لمنظومة الحكم على النّقيض. فالخناق قد يشتدّ على جماعة “الفوق” الغارقين في سراب مطاردة الااستفراد بالحكم والمراوحة بين سياسة إهمال المطالب المشروعة واللّعب على عنصر الوقت وسلوك الغلظة والاستبداد إزااء طالبي الحقوق.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×