الرئيسية / أقلام / 28 يوما من الإضراب عن الطعام تحت شعار “أين حقّي في الحياة” :
28 يوما من الإضراب عن الطعام تحت شعار “أين حقّي في الحياة” :

28 يوما من الإضراب عن الطعام تحت شعار “أين حقّي في الحياة” :

سنية الجبالي وبسمة المحمودي بين الموت البطئ وتجاهل السلطات الرسمية 

في متابعة “صوت الشعب” للإضراب عن الطعام تحت شعار” أين حقّي في الحياة؟” الذي تنفذّه المعطّلتان عن العمل سنية الجبالي وبسمة المحمودي بمقرّ الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالعاصمة المتواصل منذ 28 يوما وإلى اليوم أي منذ تاريخ 17 جوان الفارط، طالبت اللّجنة الوطنية لمساندة الإضراب عن الطعام السلطات في مقدّمتها رئاسة الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية بالكفّ عن سياسة المماطلة وتحقيق وعودها بإنصاف المضربتين من خلال توفير شغل قار، كما تحمّل السلطات مسؤوليتها عن أيّة مضاعفات على صحّتهما.

وتضامنا مع المضربتين نفّذ يوم الخميس 4 جويلية الجاري يوم وطني للمساندة من خلال دخول عديد من النشطاء والسياسيين والحقوقيين من مختلف أنحاء الجمهورية في إضراب جوع رمزي بيوم واحد للتعبير عن التضامن مع سنية الجبالي وبسمة المحمودي، لكن ورغم تحذير الطاقم الطبّي للمضربتين من خطورة مواصلة الإضراب عن الطعام إلاّ أنّ هذا التحرّك لازال متواصلا إلى اليوم أمام صمت السلطات الرسمية والوعود الواهية التي تنتظر التفعيل الجدّي إلى اليوم.

لماذا تضرب بسمة وسنية عن الطعام؟

تعود حيّثيّات هذا الإضراب عن الطعام إلى سنة 2012، حيث طردت سنية الجبالي وزميلاتها من مصنع sea latelec ” التابع لمجمّعlatecoere الفرنسي، وقد اتخّذت حينها كافة الأساليب النضالية من أجل افتكاك حقوقهنّ، انتهت بإضراب جوع خاضته بمقرّ الاتّحاد العام لطلبة تونس في ماي وجوان 2014، أين أفضى الى إعادة تشغيل كافة المطرودات باستثماء سنية الجبالي ومنية الدريدي، اللاّتان قبلتا بتعويض ماديّ بسيط، لم ينفع الا لاستخلاص قروضهنّ وديونهنّ التي تراكمت طيلة سنتين من النضال من أجل حقوقهنّ. والأدهى والأمرّ هو أنّ سنية صنّفت في قائمة سوداء غير رسميّة لدى الشركات والمناطق الصناعيّة بولاية بن عروس خوفا من تأثيرها على العملة، خاصّة وأنّها أصبحت رمزا بالنسبة لهم.

إثر هذه المحطّة طرقت سنية العديد من الأبواب بحثا عن الشّغل، وقوبلت بالرفض من قبل الشركات والمصانع بولاية بن عروس، وازداد الأمر سوءا حين شخّصت بمرض الأبطن النّادر، والذي يتطلّب حمية غذائيّة خاصّة، خالية من النشويات والمصبّرات، لاحتوائهم مادّة الـgluten، الذي يسمّم جسدها في صورة تناوله، إضافة الى امكانيّة تطوّره الى سرطان الأمعاء، وهذا المرض لم تشخّص به سنية فقط، بل كافّة أفراد عائلتها المعطّلين عن العمل، إضافة إلى ذلك، لاقت الجبالي التسويف والمماطلة والإهانة، خلال محاولاتها العديدة مع السلط المحلّية والمركزية للحصول على شغل قارّ يتيح لها توفير تكلفة ما يتطّلبه مرضها النادر والمزمن من دواء وغذاء خاصّ باهظ الثمن، هذا ما زاد إصرار سنية في دخولها في اضراب جوع مطالبة بحقّها في الشغل، خاصّة أمام امتناع الدولة عن توفير متطلبّات علاجها وحميتها الغذائيّة.

أمّا بسمة المحمودي، فهي مجازة في الحقوق منذ 10 سنوات، وظلّت مُعطّلة عن العمل ما عدا بعض الفترات القصيرة التي نجحت فيها في الحصول على شغل بعقود مؤقتّة قصيرة الأمد في بعض الشركات الخاصّة، التي تتيح لها القوانين الشغلية صرف عمّالها متى ارتأت ذلك وعدم ترسيمهم. وما يزيد في صعوبة حالة بسمة كونها يتيمة الأبوين، ولا تملك سكنًا قارا تأوي إليه مع شقيقتها وقد أصبحت وضعيتهنّ حرجة للغاية خاصّة بعد إهمال السلط المحليّة والجهويّة لوضعيّتها حسب قولها.

يوم وطني لإسناد المضربتين عن الطعام

انطلق الإضراب يوم الاثنين 17 جوان 2019 بمقر الرابطة التونسيّة لحقوق الإنسان بالعاصمة، وقد حضي بمساندة العديد من المنظّمات على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة ومنظّمة “مساواة” والمنظّمة التونسيّة للنساء الديمقراطيّات ومنظّمة “راج تونس “والاتّحاد العام لطلبة تونس واتّحاد المعطّلين عن العمل، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ورابطة الكتّاب الأحرار، والائتلاف التونسي ضدّ عقوبة الإعدام، و جمعيّة “دمج”، كما ساند الإضراب نوّاب من مجلس نواب الشعب كالجيلاني الهمّامي  وعمّار عمروسيّة ومباركة البراهمي، والّذين ساهموا في إنجاح اليوم الوطني للمساندة  يوم الخميس 04 جويلية 2019.
وقد تعرّضت سنية وبسمة إلى تعكّرات صحيّة عديدة، تطلّب نقل سنية إلى أحد المستشفيات ورغم خطورة حالتها الصحّية وخطورة التقارير الطبّية إلاّ أنّها رفضت حلّ الإضراب عن الطعام.

وعود واهية تنتظر التطبيق و التّفعيل

أمام كلّ هذه المعطيات نجحت لجنة المساندة في فرض اجتماعا مع وزير الشؤون الاجتماعيّة محمد الطرابلسي -الاعتصام بمقرّ الوزارة لمدّة 4 ساعات- لتعقد جلسة حضر فيها وفد من لجنة المساندة، معزّزا بحضور السيّد عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسيّدة نائلة الزّغلامي الكاتبة العامّة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيّات ليتعهّد الوزير بتكفّله رسميًا بشكل دائم بمصاريف الدواء والغذاء الخاصّين بمرضى الإبطن المزمن، لكافة أفراد عائلة سنية الجبالي، المصابين جميعا به وبالنظر في الصيغ القانونية الممكنة للانتداب الاستثنائي للمضربتيْن في إحدى المؤسّسات أو المنشآت الراجعة بالنظر لوزارة الشؤون الاجتماعية، أو غيرها من الوزارات. لكن تظلّ مخرجات الجلسة مجرّد وعود فإلى اليوم لم يتمّ الإمضاء رسميّا على محضر جلسة من طرف الوزير خاصّة بعد أن صرّح بأنّ القرار الأخير قد أحيل على مصالح رئاسة الحكومة.

والجريدة تحت الطبع، علمنا أنّ لجنة المساندة نظّمت وقفة احتجاجيّة يوم الأربعاء على الساعة العاشر صباحا أمام مقرّ رئاسة الحكومة بمشاركة نوّاب بالبرلمان وممثلين عن الجمعيّات المساندة، وذلك في محاولة للضغط على الوزارة المذكورة من أجل إيجاد حلول للمضربتين.

نور قيّاس

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×