الرئيسية / صوت الجبهة / ماذا كتب الأستاذ عياض بن عاشور حول “التّزكية”؟
ماذا كتب الأستاذ عياض بن عاشور حول “التّزكية”؟

ماذا كتب الأستاذ عياض بن عاشور حول “التّزكية”؟

عياضينصّ الدستور في فصله 74 على طريقتين  لتزكيّة الترشّحات لرئاسة الجمهوريّة: التزكيّة المجلسيّة (الوطنيّة أو المحليّة) والتزكيّة من قبل عدد من الناخبين.

و رغم بعض التغييرات، أكّدت الأحكام الدستوريّة  الانتقاليّة هذا المبدأ، حيث جاء في الفصل 148(4): ” تتم التزكية في أول انتخابات رئاسية مباشرة من عدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي وفق العدد الذي يضبط لأعضاء مجلس نواب الشعب أو من عدد من الناخبين المرسمين، وكل ذلك حسبما يضبطه القانون الانتخابي“.

  و تنفيذا لذلك صدر القانون الاساسي عدد 16 المؤرّخ في 26 ماي 2014 و حدّد في فصله 171 ولغاية الانتخابات المقبلة التي ستنتهي بها المراحل الانتقاليّة، حدّد عدد المزكّين من المجلس الوطني التأسيسي بـ10أعضاء، كما حدّد عدد المزكّين من الناخبين بـ10 آلاف، تاركا التزكية المجلسيّة المحليّة، لأسباب بديهيّة (غياب مجالس محلية منتخبة).

و أمام الإرباك الّذي  يسيطر حاليا على الساحة السياسية، رأيت من المفيد أن أوضّح، من النّاحية الدستوريّة، معنى التزكية، وبالخصوص بالنّسبة للعلاقة بين المزكّي والمرشّح في التزكية المجلسيّة.

تهدف التزكية مبدئيّا إلى تفادي قبول التّرشحات غير الجديّة، وذلك بوضع حاجز إجرائي  يمكّن من سدّ طريق الترشّح لمن ليس قادرا على نيل الثقة  من عدد معلوم من النخبة السياسيّة النّيابيّة أو من بعض شرائح الشعب، فكيف يكون قادرا على ممارسة الرئاسة دون هذا الشرط الأدنى؟

 لا ريب في أنّ التزكية قد تكون في الواقع وفي غالب الأحيان مبنيّة على علاقة انتمائيّة واحدة، حزبيّة أو غير حزبيّة، بين المزكّي والمترشّح وهو شيء عادي وطبيعي.

 ولكن ليس هذا هو المعنى الحقيقي للتزكيّة. فالتزكيّة في جوهرها شهادة من المزكِّي بأنّه يعرف المرشّح وأنه مقتنع بأنه مؤهّل للترشّح  لمنصب رئاسة الجمهوريّة ، حسب المعايير المعتمدة لديه، بما فيها المعايير لقانونيّة.

 فمن حقّ النّائب أن يمنح تزكيته لمن يراه صالحا، حسب تقديره، حتى وإن اختلف معه تماما من حيث التوجهات السياسيّة أو الإيديولوجيّة أو الدينيّة أو الانتماء الحزبي. وهذا التمشّي يمثّل أفضل أوجه  التزكيّة وأجداها، لأنّه مؤسّس على اعتبارات قيميّة وعلى التعارف، منزّه من التأثيرات والضغوط المصلحيّة مهما كان نوعها.

 فإن اتّحدت التزكية مع الترشّح سياسيا أو حزبيّا  فهو دليل ظنّي على جديّة الترشّح. أمّا إذا اختلفت، فهو دليل أقوى من شأنه أن يبلغ درجة الدليل القطعي.

                                                                               عياض بن عاشور

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×