الرئيسية / أقلام / العدالة الانتقالية أو رحلة البحث عن الحقيقة
العدالة الانتقالية أو رحلة البحث عن الحقيقة

العدالة الانتقالية أو رحلة البحث عن الحقيقة

بقلم عبد المؤمن بلعانس

147مرّت اليوم أربع سنوات على اندلاع الثورة، ثورة الحرية والكرامة، ومازال ملف العدالة الانتقالية يراوح مكانه، بل وكلما تصوّرنا أنفسنا اقتربنا من فتحه إلاّ واكتشفنا أنّنا ابتعدنا أكثر وأكثر. كثيرة هي المظالم التي حدثت في العهد السابق وكثيرون هم الضحايا. ألم يقرّ الجميع أنّ تونس أضحت في فترة من الفترات سجنا كبيرا ينقسم سكّانه إلى صنفين اثنين لا ثالث لهما، مسجونين وسجّانين . شعب سجين وأقلية ظالمة.

اندلعت الثورة ودغدغ الأمل العديد والعديد من الضحايا. منهم من فكّر في المحاسبة، محاسبة الجلاد، ومنهم من فكّر في التعويض وجبر الضرر، ومنهم من راوده حلم كشف الحقيقة وردّ الاعتبار. وانطلقت الرّحلة بالعفو التشريعي العام ثمّ تمّ تركيز وزارة لحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وصولا إلى هيئة الحقيقة والكرامة التي انطلقت في قبول المطالب والتظلمات. ومازالت الرحلة متواصلة ولا شيء أشفى غليل الضحايا وأرضى عموم شعبنا المتطلع إلى الحقيقة.

الجميع يعلم أنّ العفو العام تمّ التلاعب به وتمتّع به البعض وحُرم منه البعض الآخر، تمتع به من يستحقه وحتى من لا يستحقه ( قضايا إرهاب، قضايا تدليس وغيرها…) وحُرم منه الكثير لسبب أو لآخر، ربما لأنهم لم يكونوا ينتمون إلى حزب أو مجموعة أو حتى تمّ «احتقارهم» لمّا توجّهوا إلى المحكمة ليتحصلوا على الوثيقة المطلوبة ورجعوا دون أن يتحصلوا عليها. وأغرقت الإدارات بما لا طاقة لها على تحمّله من موظفين لا عمل لهم سوى المجيء والذّهاب.

أمّا وزارة العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان فلا نعرف لماذا وجدت؟ ولماذا وقع التخلي عنها ؟ وماذا فعلت بالضبط طيلة حوالي ثلاث سنوات؟ وما نعرفه عنها ولا يمكن أن ننساه أنّ جرحى الثورة وعائلات الشهداء تمت إهانتهم والاعتداء عليهم على أبوابها وفي ساحتها بالذات.

واليوم ماانفك الخناق يضيق على العدالة الانتقالية التي أصبحت ملفا ثقيلا على أطراف عدة وخاصة بعد أن أقر قانونها شمولها لفترة طويلة تمتد من سنة 1955 إلى نهاية سنة 2013.

الأكيد أنّ الثورة اندلعت وأنّ الدكتاتور فرّ هاربا ليحتمي بأسياده وأولياء نعمته ولكن من خلفه على رأس السلطة إلى حدّ الآن لم تكن له الإرادة السياسية ولا الجرأة على فتح ملف العدالة الانتقالية أو على الأقل كان مرتبكا ومتردّدا ومرتعشا ربما خوفا من أن يحترق بنارها ممّا فتح الباب على مصراعيه للتلاعب بها والالتفاف عليها وإجهاضها.

إنّ شعبنا يريد أن يطوي صفحة سوداء من تاريخه ولكن عليه أن يقرأ هذه الصفحة جيّدا حتى يتخلّص من الاستبداد والظلم والقهر دون رجعة. هو لا يريد التشفّي ولا الانتقام ولا حرق الأخضر واليابس ولكن لا شيء يشفي غليله حتى يعرف الحقيقة كاملة دون زيادة أو نقصان ليفرّق بين الغث والسمين، بين الزبد وما ينفع الناس، بين من يخدم بلاده ومستقبله ومن يريد أن يعود به إلى الوراء.

إنّ أوضاع شعبنا صعبة وخاصة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة وما يحاك في العلن وفي الخفاء للالتفاف بصفة نهائية على الثورة التونسية وعلى أهدافها النبيلة ولكن لا شيء مستحيل وثقتنا في شعبنا وفي قواه الثورية كبيرة. والحقيقة وحدها ثورية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×