الرئيسية / صوت العالم / هل تؤشر تصريحات دونالد ترامب على أزمة قادمة مع الدول الأوروبية؟ // مرتضى العبيدي
هل تؤشر تصريحات دونالد ترامب على أزمة قادمة مع الدول الأوروبية؟ // مرتضى العبيدي

هل تؤشر تصريحات دونالد ترامب على أزمة قادمة مع الدول الأوروبية؟ // مرتضى العبيدي

بضعة أيام فقط قبل اعتلائه سدّة الحكم، وجّه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في تصريحات متوازية لكبرى الصحف البريطانية والألمانية، انتقادات لاذعة لبعض الدول الأوروبية، للاتحاد الأوروبي وللحلف الأطلسي. وفي المقابل ، عبّر عن رغبته في مزيد التقارب مع روسيا وعن إمكانية إمضاء اتفاقية للتخفيض في حجم التسلح النووي ورفع بعض العقوبات التي كانت فرضتها عليها الإدارة الأمريكية السابقة. وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل عنيفة من الجانب الأوروبي. Untitled-2

انتقادات ترامب

وقد استهلّ حديثه بتوجيه انتقادات لاذعة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حول سياسة فتح الأبواب على مصراعيها أمام المهاجرين السوريين، إذ قال: “أعتقد أنها ارتكبت خطأ فادحا بقبول كل هذا العدد من المهاجرين غير الشرعيين. لن نفعل مثل ألمانيا، ولن نقبل المهاجرين السوريين الذين لا نعرف شيئا عنهم” وأضاف “أقول هذا رغم احترامي لأنجيلا ميركل وحبي لألمانيا باعتبار أن والدي من أصل ألماني”. وقال إنه عوض فتح حدود ألمانيا لمئات الآلاف من المهاجرين الفارين من جحيم الحرب، كان عليها إيجاد مناطق آمنة ومنزوعة السلاح على الأرض السورية يمكن أن يلجأ إليها هؤلاء، وأن تفرض على حكام الخليج تحمّل مصاريف إدارة هذه المناطق، باعتبارهم من كبار أثرياء العالم”. وتبعا لذلك، أشار إلى إمكانية فرض ضرائب مرتفعة (35℅) على شركة ((BMW الألمانية التي تعتزم إقامة مصنع عملاق في شمال المكسيك يكون إنتاجه موجها للسوق الأمريكية.
ثمّ توجه بالتحية إلى الشعب البريطاني الذي صوّت لفائدة البريكسيت وغادر الاتحاد الأوروبي الذي تسيطر عليه ألمانيا، وادّعى أن الشعوب تريد الحفاظ على هويتها، وقال إن البريكسيت كان نصرا للشعب البريطاني ولن يكون الوحيد، إذ أن شعوبا أخرى ستفرض على حكوماتها مغادرة هذا الهيكل الهرم وعديم الجدوى. واعتبر أن سياسة الهجرة التي رحبت بها ألمانيا وفرضتها على بقية الدول الأوروبية ستكون لها نتائج وخيمة وستكون حافزا لبقية الشعوب على المطالبة بالمغادرة. وقال إنه يستعجل اللقاء مع الوزيرة الأولى البريطانية لإمضاء اتفاقيات تجارية معها بعدما كان باراك أوباما هدد سابقا بتقليص التعامل التجاري مع بريطانيا في صورة مغادرتها للاتحاد الأوروبي.
وفي حديثه عن الحلف الأطلسي، اعتبر أن هذه المؤسسة أصبحت عاجزة وغير ذات جدوى. ووجه انتقادات لاذعة لأعضائها الذين لا يلتزمون حتى بدفع مساهمتهم في ميزانية الدفاع المشترك بحيث تتحمل الولايات المتحدة وحدها العبء الأكبر حيث تبلغ مساهمتها قرابة 70℅ من ميزانية هذا الجهاز العدواني. وكان ترامب أثار هذا الموضوع خلال حملته الانتخابية وشكك في إمكانية مواصلة تحمل هذا العبء في صورة ما إذا واصلت الدول الأعضاء التفصي من مسؤولياتها. واعتبر ترامب أنه على الحلف الأطلسي الذي أنشأ في زمن غير هذا الزمان أن يطوّر هياكله وأداءه، واعتبر أنه لا يملك مثلا سياسة واضحة في مواجهة التحديات الجديدة مثل الإرهاب.

رد زعماء الاتحاد الأوروبي

وأمام هذه الانتقادات، تولت المستشارة الألمانية الرد على تصريحات ترامب، مؤكدة على أن الاتحاد الأوروبي هو المصير المشترك لكافة الشعوب والدول الأوروبية، وعلى هذه الأخيرة أن تعمل على مزيد رص صفوفها لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. وعرّجت على تصريحات ترامب بخصوص سياسة الهجرة التي اتبعتها قائلة إنها ترفض الخلط المتعمّد بين المهاجرين السوريين والإرهاب، موضحة “أن هؤلاء فرّوا من مواقع القتال ومن القمع والتقتيل الذي كان يمارسه ضدهم نظام الأسد الاستبدادي”، حسب زعمها. ودعت زعماء أوروبا إلى إيجاد حلول سريعة للإشكاليات القائمة لإضفاء أكثر نجاعة على أداء الاتحاد. نفس الموقف عبّر عنه وزراء الخارجية للدول الأوروبية المجتمعين في بروكسيل يوم الاثنين الفارط، باستثناء وزير الخارجية البريطاني الذي تقبل بكل ارتياح تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب. أما “جان مارك أيرو” وزير الخارجية الفرنسي فقد قال إن أفضل رد على تصريحات الرئيس الأمريكي هو مزيد الوحدة والتضامن بين البلدان الأوروبية. أما وزير الخارجية الألماني، فإنه أشار إلى السياسة الحمائية التي يهدد ترامب باستعمالها إزاء المنتوجات الألمانية وخاصة منها مصنع السيارات الألمانية المزمع إنشاؤه سنة 2019 بالمكسيك، فقال إننا سننجزه رغما عنه لأن لنا أصدقاء كثر في الكونغرس صاحب القرار الأخير. كما عبّر قادة الحلف الأطلسي عن ثقتهم في أن تواصل الولايات المتحدة التعهد بالتزاماتها تجاه الحلف.

أوباما على الخط

وقبل مغادرته البيت الأبيض، ولطمأنة حلفائه في أوروبا الشرقية وبحر البلطيق، عجلت إدارة باراك أوباما بإرسال وحدات من الجيش الأمريكي للتمركز في هذه البلدان، حسب اتفاق تم توقيعه في أوت الماضي في قمّة فرصوفيا، وكان من المفروض أن يدخل حيّز التطبيق في الربيع القادم. لكن إزاء تعدد إشارات التقارب مع روسيا التي عبّر عليها ترامب، سارعت الإدارة الأمريكية في الإنجاز. ففي نفس الأسبوع أرسلت 300 جندي للمرابطة بالنورويج، البلد العضو في الحلف الأطلسي وأعداد كبيرة من الجنود للمرابطة في بولونيا مع عتاد حربي ثقيل، وهي المرّة الأولى التي تدخل فيها قوات أمريكية إلى بلدان ما كان يسمى بالمعسكر الشرقي منذ انتهاء الحرب الباردة. ويُنتظر أن تشهد بلدان البلطيق الثلاثة، ليتوانيا واستونيا وليتونيا نفس الحضور العسكري الأمريكي في قادم الأيام، وهي البلدان التي تخشى في كل لحظة “زعزعة استقرارها” من قبل روسيا، خاصة وأنها تضمّ جاليات روسية عديدة.
على ضوء ما ذكرنا، تبدو العلاقات الأمريكية الأوروبية مرشحة لمزيد التشنج، وتبقى مخططات الرئيس الأمريكي المستقبلية يكتنفها بعض الغموض وقد تحوي بعض المفاجآت إزاء حلفاء أمريكا التقليديين أو خصومها التاريخيين.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

أربعة عشر − اثنان =

إلى الأعلى
×