الرئيسية / منظمات / أخبار / على هامش أزمة فيروس كورونا: من يكفل حقوق رهائن نظام الكفالة في دول الخليج؟
على هامش أزمة فيروس كورونا: من يكفل حقوق رهائن نظام الكفالة في دول الخليج؟

على هامش أزمة فيروس كورونا: من يكفل حقوق رهائن نظام الكفالة في دول الخليج؟

ألقت أزمة فيروس كورونا بظِلالها على كل الشعوب والدول متسبّبة في ضحايا غالبيّتها من الفئات الهشّة، حيث يشير تقرير منظمة العمل الدّولية أن ما بين 70 مليون و100 مليون عاملة وعامل مهدّدون بفقدان مواقع عملهم بسبب تداعيات الأزمة.

إلا أن هذه التّداعيات قد تكون مضاعفة على بعض الفئات التي تعيش بطبيعتها في ربقة الاستعباد والاسترقاق ومهضومة الحقوق في الظّروف الطبيعيّة والعادية.

إطلالة على أشكال العبوديّة الحديثة: نظام الكفالة نموذجا

ظهر نظام الكفالة للعمال الأجانب في دول الخليج العربي مع بدايات ظهور النفط، وهو نظام يضع المكفول تحت مسؤولية الكفيل والغاية منه تأمين استقدام العمالة الأجنبيّة لدول الخليج العربي. وبموجب هذا النظام يتمّ تقييد حرية تنقّل المكفول خارج البلد وداخله، والتّضييق على حرية العمل لدى أيّ جهة أخرى إلّا بموافقة الكفيل.

ويعتبر هذا النظام نوعا من التجارة والتّحكم في البشر باعتبار أن الكفيل هو من يحدّد الأجر وأماكن العمل وعدد ساعات العمل ومحلّات السّكن وإبعاد أيّ مكفول عن بلد الإقامة دون تقديم أي أسباب أو إنهاء عقد الشغل والمنع من العمل ويتمّ ضمان ذلك عبر حجز جواز سفر المكفول. وقد أدّى هذا النظام إلى هروب عديد العمال من كافلهم للالتحاق “بالعمالة السّائبة” التي لا كفلاء لها ولكنها تمثل بيئة خصبة للجريمة.

وفي هذا السياق تقول «بريانكا موتبارتي»، الباحثة في مجال حقوق الإنسان والتي تعمل على تأليف كتاب عن العمالة المهاجرة في الخليج، إنّ «الكفالة نظام سلطوي في سياق الهجرة. يسمح هذا النظام للحكومات بترك مسؤولية المهاجرين في أيدي المواطنين والشركات؛ إذ يعطي الكفلاء صلاحية قانونية للتحكم في مصير العامل؛ فدون إذن الكفيل، لا يستطيع العامل تجديد أوراقه، أو تغيير وظيفته، أو الاستقالة منها، أو ترك البلاد. وحينما يرحل العامل عن وظيفته دون إذن الكفيل، يحق للكفيل إلغاء إقامته، ما يضع العامل في وضع غير قانوني داخل البلاد. وبعدما يقوم الكفيل بإلغاء الإقامة، لا يستطيع العامل الخروج من البلاد سوى عن طريق إجراءات ترحيل تعرضه تلقائيًا للحبس لمدة قد تصل إلى أسابيع أو أشهر أو سنوات».

كما ورد في تقرير لقناة بي بي سي عربي بتاريخ 24 أكتوبر 2019 أن “منظّمات دولية وحقوقية قد وجّهت انتقادات لدول مجلس التعاون الخليجي وخصوصا قطر بشأن وضع العمالة. ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش، الدوحة قبل أيام قلائل إلى التحقيق بدقة وفورا في الأسباب الكامنة وراء وفاة آلاف العمال الوافدين خصوصا من الجنسيّتين الّنيبالية والهنديّة، ما بين عامي 2012 و2017 وإعلان نتائج التحقيق في أسرع وقت.”

ويبلغ عدد العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 17 مليون شخص وهو رقم غير دقيق باعتبار أن حوالي 6 مليون يقيمون بشكل غير قانوني أي ما يعادل حوالي نصف سكان دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة. وهو ما يمثل ثلثي القوى العاملة لتبلغ في بعض الأحيان في بعض الدول حوالي 75٪ أو 85٪.

اليد العاملة التّونسية في دول الخليج: معاناة مضاعفة بين نكران الكفيل وتنكر الدولة التونسية

على خلفية قرار غلق الحدود المتخذ من عديد الدول في نطاق الإجراءات الوقائية لمجابهة انتشار فيروس كورونا، قامت عديد الدول ومن بينها تونس بإجلاء مواطنيها من أغلب دول العالم، وتواصلت عمليات الإجلاء حتى بعد غلق الحدود.

إلّا أنّ اللّافت للنظر أن الحكومة التونسية تبدو كمن تغاضى عن إجلاء عدد كبير من مواطنيها العالقين في دول الخليج، وقد يكون واحد من أهم الأسباب هو اعتماد هذه الدول على نظام الكفيل الذي يرهن العامل.
إن هذا الوضع دفع بمجموعة من التونسيات والتونسيّين العالقين في السعودية لإنشاء مجموعة على الفايسبوك وعلى الواتساب بعنوان “متطوّعون لعملية الإجلاء من دول الخليج”. مجموعات أطلق عبرها العديد من مهاجرينا نداءات استغاثة لِلفْت نظر الحكومة التونسية للأوضاع المأساويّة التي يعيشونها.

زينب أصيلة المهدية، تعمل في صالون حلاقة، والدتها تقيم في قسم الإنعاش وفي وضع حرج أمنيتها الوحيدة أن تلقي نظرة الوداع على والدتها.

وسيم، انتهى عقد عمله ومعلق وكفيله يرفض الإذن له بالعودة إلى تونس نكاية فيه.

نجاة وصفاء (أختان) ممرضتان، تم إيقافهما عن العمل وتمكينهما من نصف راتب.

وضعيات أخرى تمّ إيقافها عن العمل وطردها من محل السّكنى ووجدت نفسها في الشارع، ومن بين العالقات في السّعودية 7 نساء حوامل كنّ على أمل العودة إلى تونس لوضع مواليدهن إلا أنهنّ اليوم محاصَرات دون عمل أو أي إحاطة.

ومن تداعيات نظام الكفالة في دول الخليج أنّه يفرض على الكفيل مغادرة بلد العمل حال انتهاء عقد العمل، إمّا في إطار الخروج النهائي أو خروج وعودة لتجديد عقد العمل وهو ما تسبّب في غموض وضعيّة عشرات التونسيّات والتونسيّين العالقين في دول الخليج والمطالبين بمغادرة بلد العمل.

إن الحكومة التونسية مطالبة بإلحاح بالتدخل لدى دول مجلس التعاون الخليجي لتمكين اليد العاملة التونسية من المغادرة خاصة أن عدد هام منهم اتّصل بالجهات الديبلوماسية المعنيّة في بلدان المهجر وقدّموا لهم قائمات في الرّاغبين في العودة ومن الضّروري وتوفير الآليات اللازمة لإجلائهم، تدخل بات لا مناص منه خاصة في ظل إصدار بعض دول الخليج لتعليمات صارمة بخصوص العمالة الأجنبيّة على غرار السعودية التي أصدرت منشورا يقضي بالتّرخيص بمغادرة عامل واحد كل 14 يوما على مستوى المؤسّسة الواحدة. إلا أن هذا الترخيص بالمغادرة لا معنى لها في ظلّ غلق الحدود. ولا معنى لها في ظلّ قرار الحكومة التونسية بإجلاء المسافرين واستثناء المقيمين في دول أجنبية من عمليّة الإجلاء.

محمد صابر الحجري

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×