الرئيسية / صوت الحزب / حزب العمّال من التّأسيس إلى الثّورة
حزب العمّال من التّأسيس إلى الثّورة

حزب العمّال من التّأسيس إلى الثّورة

الناصر بن رمضان

توطئة:

إنّ التعرض لتاريخ الأحزاب وظروف تأسيسها وتخصيصا حزب العمال يتطلب وجوبا وضع الموضوع في سياقه العام وإلقاء نظرة على العوامل الموضوعية والذاتية التي ساهمت أو عجّلت بهذا الحدث المهم.

فعلى الصعيد العالمي وجب التذكير بأنّ فترة السبعينات وبداية الثمانينات كانت فترة الصراع بين (القطبين أو المعسكرين): الامبريالية السوفياتية من جهة والامبرياليات الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامركية من جهة ثانية: أي الحرب الباردة بين هذين المعسكرين الذين يتقاسمان مناطق النفوذ ويسعران نيران الحرب في كل مكان بهدف تطوير صناعة الأسلحة ولمزيد الهيمنة والسيطرة العالمية واستعباد الشعوب والأمم المضطهدة خدمة لرأس المال العالمي والشركات المتعددة الجنسيات والأليقارشيا العسكرية.

أمّا داخل الحركة الشيوعية العالمية فكان النضال على أشده ضد التحريفية السوفياتية ثم الصينية وكل الأحزاب الدائرة في فلكها خاصية تلك الحقبة. وقد لعب حزب العمل الألباني دورا مهما في تطوير الصراع الفكري والإيديولوجي وساهم في فضح نظرية العوالم الثلاث والأحزاب “الأروشيوعية” وساهم في إثراء التراث الماركسي تنظيرا وممارسة، مما ساعد على إنشاء أحزاب شيوعية جديدة في قطيعة فكرية مع الأحزاب الشيوعية التقليدية، وتسمّى عموما الأحزاب الماركسية اللينينية أو الأحزاب العمالية الشيوعية بهذا القطر أو ذاك في دلالة واضحة على التباين مع التحريفية العالمية.

عربيا كانت البرجوازيات العربية العميلة مقسمة هي أيضا وواقعة تحت النفوذ الإنقلوسكسوني (البريطاني/الأمريكي) مثل دول الخليج ومصر والسودان أو النفوذ الفرنسي (شمال إفريقيا) أو النفوذ السوفياتي الذي كان يدعم ما كان يسمى “جبهة الصمود والتصدي” (العراق- سوريا- الجزائر- ليبيا- اليمن…) مع العلم أنّ التداخل الإمبريالي ليس له حدود فاصلة قطعية. وبقطع النظر عن تموقع هذا البلد رسميا في هذا المعسكر أو ذاك فإنه لا ينفي عنه صفة العمالة والرجعية وتكريس اختيارات سياسية واقتصادية واجتماعية تابعة ومهيمن عليها مع وجود هامش ضئيل في بعض المواقف والسياسات الوطنية إلى هذا الحد أو ذاك.

في تونس- السبعينات وبداية الثمانينات تركت سياسة رأسمالية الدولة أي سياسة التعاضد مع أحمد بن صالح مكانها للليبرالية الاقتصادية ومثلتها البرجوازية الكبيرة التي فتحت الباب على مصراعيه للرأسمال الخاص المحلي والامبريالي وربطت البلاد بالسوق العالمية والنهب الاستعماري الجديد (قانون أفريل 72 وجويلية 76). إذ توسعت شريحة البرجوازية الخاصة التي غنمت من تشجيع الدولة وانتعشت بصورة خاصة في قطاعات الصناعات التصديرية والبناء والمضاربات العقارية والتصدير والتوريد والسياحة. وهي كما نعرف شريحة طفيلية جشعة تلهث وراء الربح السريع وبأيسر الطرق.

هذا على المستوى الاقتصادي، أما على الصعيد السياسي فقد تميزت السياسة الليبرالية للبرجوازية الكبيرة باحتكار الحياة السياسية بصفة موازية مع تشديد القمع الفضيع على الحركة الطلابية (انقلاب قربة 71) ووضع اليد على الاتحاد العام التونسي للشغل حيث سيلعب الحبيب عاشور إلى حدود 26جانفي رجل المطافئ للنضالات العمالية عبر سياسة التعاقد وسيضرب الحزب الحاكم عبر محكمة أمن الدولة التنظيمات اليسارية (العامل التونسي/ الشعلة/ حزب الشعب الثوري… في 73، 74، 76، 78… جماعة أحمد بن صالح) والبيروقراطية النقابية نفسها عند تنظيم الهجوم السافر على الحركة النقابية: مجزرة 26 جانفي 78. كما سيصبح التعذيب ممارسة ثابتة وواسعة النطاق وستفتح أبواب الثكنات أمام تجنيد نشطاء الهياكل النقابية المؤقتة علاوة على سياسة الانتقاء والطرد من الكليات والمعاهد.
لكن أمام الصمود الطلابي (فيفري 72) وأمام خوض الاتحاد العام التونسي للشغل معركة الاستقلالية بكل شراسة وأمام مقاومة التنظيمات اليسارية والقومية (عملية قفصة 1980) أجبرت البورجوازية العميلة على التراجع النسبي والظرفي وسلكت “سياسة التفتح” التي دشنها محمد مزالي في 1981. وبمقتضى هذه السياسة تم إطلاق سراح المساجين السياسيين وغض الطرف عن التحركات القوى السياسية، إذ رفع الحظر عن الحزب الشيوعي التونسي (محمد حرمل) وتم الاعتراف ببعض الأحزاب الإصلاحية (حزب الوحدة الشعبية وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين) وإصدار بعض الصحف الليبرالية وحل أزمة الاتحاد العام في إطار “المصالحة النقابية”.

تمّت هذه الإجراءات دون أن تتخلى البرجوازية الكبيرة العميلة عن شكل سلطتها الدكتاتورية. وهنا وجب التفريق بين طبيعة الدولة التي هي طبقية بالأساس وشكل السلطة (ليبرالية- ديكتاتورية- فاشية…) ولم تنطل بالتالي “سياسة التفتح” على الشعب التونسي الذي ما إن أطلت انتفاضة الخبز 3 جانفي 1984 التي استشهد فيها عشرات الأبرياء، حتى افتضح جوهر الطبيعة الديكتاتورية والحكم الفردي المطلق لسياسة بورقيبة التي شقها احتداد الصراعات الداخلية بين مختلف الكتل واشتدت الهجمة على الحركة الديمقراطية والعمالية من جديد في أواخر 1985 وبداية 1986 فتم التضييق على الأحزاب الإصلاحية وصودرت الدوريات وتعددت المحاكمات السياسية والإيقافات ومحلات الرافل. وتم تنصيب “الشرفاء” في دور الاتحاد العام التونسي للشغل بالقوة. وحقق هذا الهجوم أهدافه إذ طوع أحزاب المعارضة وفكك الحركة النقابية وضرب بقوة حركة الشباب الطلابي وأعاد الحزب الحاكم احتكاره المطلق للحياة السياسية.

المعارضة السياسية في فترة التأسيس:
تنقسم المعارضة السياسية في تلك الفترة إلى معارضة قانونية تشمل كل من الحزب الشيوعي الذي عاد ليدعم سياسة التفتح ويمارس سياسة الوفاق الطبقي والمساندة المشروطة – حركة الديمقراطيين الاشتراكيين (78) بقيادة أحمد المستيري والتي سجلت حضورا مهما في انتخابات1981. كما ساهمت في تكوين رابطة حقوق الإنسان وطبعتها بخطها وهيمنت على هياكلها – حزب الوحدة الشعبية (محمد بلحاج عمر)- التجمع الاشتراكي بقيادة نجيب الشابي المنشق عن العامل التونسي.
أما المعارضة اللاقانونية فقد كانت تضم تيارات اليسار الاشتراكي وأساسا “العامل التونسي “و”الشعلة” وكذلك التيارات القومية (البعثيين والناصريين) وهي تنظيمات برجوازية صغيرة أنهكتها المحاكمات السياسية والصراعات الداخلية والانشقاقات وظلت متواجدة أساسا في صفوف الشباب الطلابي مع بداية تواجد محتشم في صفوف بعض القطاعات العمالية. ورغم تشرذمها ونخبويتها فقد أثرت بصورة مهمة في تواصل جذوة المقاومة للسياسة البورقيبية وطبعت فترة السبعينات بأفكارها التقدمية والثورية عموما ويرجع لها الفضل في المساهمة في تكوين الأحزاب السياسية الموجودة اليوم على الساحة.

أمّا الطرف الجديد في أواخر السبعينات فقد كان الحركة الإسلامية وأساسا الاتجاه الإسلامي الذي ظهر في 1975 والذي يعبّر عن مصالح غلاة الرجعيين من البرجوازية والملاكين العقاريين رغم أنّ أتباعه في معظمهم من العناصر البرجوازية الصغيرة التي تهددها الأزمة الاجتماعية في مصيرها وتحوّلها إلى وكر للمحافظة والشوفينية والتي استعملها حزب الدستور في تخريب الحركة الطلابية وضرب الحركة العمالية ومعاداة الفكر الاشتراكي، حيث صرّح عبد الفتاح مورو في محاكمة 1981 “إنّ الإسلاميين انتظموا في 1975 لمواجهة اليسار الماركسي”. وقد سهّل تردّد القوى الإصلاحية والمخزون الديني للجماهير على تطور هذا التيار بسرعة. وتمكن من تبوّأ مكانة مهمة في الصراع السياسي. هذا علاوة على أنّ رأس المال المالي والبورجوازية الكبيرة العميلة يعوّلان على مثل هذه القوى لتخريب الحركة الشعبية من الداخل و تلهيتها عن النضال في سبيل تحررها وانعتاقها. كما أنّ الأزمة العامة التي هزت النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفراغ الايديولوجي الذي عليه المجتمع ساعد على ظهور وانتشار هذا التيار وبروزه كقوة جماهرية تلقى الدعم المباشر المادي والسياسي من الحزب الحاكم نفسه (فتح المساجد لدعاة الصحوة الإسلامية- السماح ببعض الدوريات “المعرفة/المجتمع”- تشجيع جمعية المحافظة على القرآن الكريم- استعمال السلطة للجماعات الدينية للتهجم على العمال وإضراب الأساتذة في 1975- السماح لهم بالنشاط بصورة غير رسمية في حكومة مزالي…)

أي بإيجاز: لقد تربى الاتجاه الإسلامي وترعرع في أحضان حزب الدستور وسلطته ولا تتعدى التناقضات الثانوية بينهما أحيانا مستوى سعي كليهما للتفرد بالسلطة.
نعود الآن إلى الحركة اليسارية الجديدة للوقوف على خصائصها قبل التأسيس، فنقول إنّ منظمة “العامل التونسي” وهي المنظمة الأم التي تفرع عنها تيار “الشعلة ” 1975 و”لجان المبادرة”، هي منظمة بورجوازية صغيرة ساهمت في نشر الفكر التقدمي وقاومت الديكتاتورية منذ تأسيسها في أواخر الستينات وظلت منظمة إصلاحية منقادة بخليط من الأفكار التروتسكوماوية والقيفارية والتيارموندية، تعرضت إلى عديد المحاكمات السياسية الجائرة والصورية (72-73-74-75-78…) تمرست على العمل السري لكنها في المقابل لم تتحول إلى منظمة ثورية إلاّ في تصحيح 74. وظلت فكرة تأسيس حزب الطبقة العاملة تطرح عندها بصورة مجردة شأنها في ذلك شأن تنظيم “الشعلة” الذي يدين بالماوية ويرى أنّ الحزب لا يتأسس من فوق ولكن ستفرزه الحركة الجماهيرية والأكثر من ذلك لا توكل مهمة تأسيس الحزب للماركسين اللينينيين بل للوطنيين الديمقراطيين الذين يتم توحيدهم. وبناء على الماوية تعتبر الشعلة أنّ الطبقة الثورية الرئيسية هي طبقة الفلاحين. ويعوزون ذلك إلى عدم التطور الرأسمالي علاوة على تتفيههم للإصلاحات في مجال التكتيك ورفعهم لشعار التنظيم الثوري العربي الموحد في المسألة القومية غير مبالين لخصائص كل البلدان العربية ولتطورها اللامتكافئ وهم بذلك يلتقون مع البعثيين والناصريين.

ورغم أنها ستراجع سنة 73 -74 الإنحرفات الخطية ذات الطبيعة التروتسكية لتتبنى شعار الثورة الوطنية الديمقراطية وتتحول الى منظمة ثورية، وعلى الرغم من أنها ستظل الحركة الوحيدة أو تكاد على الساحة التي تساند بصورة نشيطة النضالات الجماهيرية وتسهم فيها وتقودها (خصوصا في الحقل الطلابي) فإنها ستظل عاجزة عن تشكيل البديل الذي يتطلبه الواقع أي بناء حزب الطبقة العاملة، ذلك أنّ مراجعة الانحرافات التروتسكية ستتم من مواقع الإيديولوجيا الماوية البرجوازية الصغيرة بالنظر إلى تقديس هذه الإيديولوجيا للعفوية ونفيها لدور الوعي وبالتالي دور الحزب الماركسي اللينيني في قيادة الثورة وتحقيقها الذي يرتبط بنفيها لدور الطبقة العاملة القيادي وإعطاء ذلك الدور للعنصر البرجوازي الصغير (الفلاحون خاصة). إنّ هذه المنظمة ظلت حبيسة محيطها الطبقي الطبيعي (الشباب الطلابي والعناصر البرجوازية الصغيرة المدينية) عاجزة عن أن تطرح مهمة تأسيس حزب الطبقة العاملة وظلت الماركسية اللينينية مجهولة لديها وبقيت منقادة بالماوية إلى مطلع الثمانينات عند اندثارها.

لقد كانت مزية “العامل التونسي” أنها فتحت الطريق أمام الشعب التونسي لمواجهة الديكتاتورية البورقيبية لكن لما ظهرت الطبقة العاملة على مسرح الحياة السياسية في 26 جانفي، لم تقدر” العامل التونسي” على مواكبة التطورات وأجبرت على التهميش والتآكل ثم الاندثار، أي أنها لم تتمكن من تخطي حدود مناصرة الطبقة العاملة والشيوعية.

وكذلك ظلت “الشعلة” تنظيما ماويا تنخره الأمراض الدغمائية والتعصب والسكتارية مرجعيتها الإيديولوجية البورجوازية الصغيرة الفلاحية تفرعت عنها شيع متعددة “الوطد” بمختلف تلويناته و”لجان المبادرة”: الأول ركز نشاطه على النشاط الطلابي واكتفى بالمزايدة بالخط الوطني الديمقراطي والنضال ضد الإصلاحية والأرض لمن يفلحها والثاني تحوّل إلى فرقة نقابية تعمل على افتكاك مواقع في الاتحاد العام التونسي للشغل تحت شعار الانصهار.

في هذا الإطار ظهرت حلقة “الشيوعي” وطرحت على نفسها دفع الصراع الفكري والسياسي ضد التحريفية عامة والصينية خاصة والمتمثلة في انحرافات الحزب الشيوعي الصيني وتمّ التوصل إلى “اكتشاف” مواقف نظرية وسياسية للماوية مناقضة للماركسية اللينينية مثل “الصراع بين الخطّين” والموقف من البورجوازية في البناء الاشتراكي والموقف من ستالين، ووقع الاستئناس بما قام به حزب العمل الألباني في نضاله ضد التحريفية وخصوصا كتاب أنور خوجا “الإمبريالية والثورة”. وقد عمّق حزب العمال الشيوعي التونسي في ما بعد “المؤتمر الأول 91” تقييمه العام للتجربة الاشتراكية في كتيّب “اشتراكية أم بربرية” في 89 و”ثورة مضادة داخل الثورة المضادة (البرسترويكا)”، كما أعدّت حلقة الشيوعي جملة من الأعمال السياسية والنظرية على امتداد سنتين من الأعمال الداخلية: (14 عدد من مجلة الشيوعي- مؤلفات: تاريخ الحركة الشيوعية في تونس- طبيعة المجتمع- ضد الظلامية – التروتسكية والتروتسكيين في تونس- ضد الماوية – تاريخ الحركة النقابية في تونس…) وهي مجموعة من المؤلفات نحتت الإسمنت المسلح الفكري والوحدة الإيديولوجية التي تربط بين الشيوعيين الحقيقيين. كما خاضت “الشيوعي” نضالا ضد العفوية في التنظيم وكيفية بعث حزب الطبقة العاملة وخلصت إلى التمييز بين التأسيس والبناء. فالتأسيس هو تأسيس فكري أي وحدة إيديولوجية وهي عملية تسبق البناء الحزبي الذي هو بالضرورة تنظيمي وبذلك تمّ الفصل بين الماركسية والانتهازية في السياسة والتنظيم كما خلصت إلى الخصائص اللينينية في تأسيس الحزب الطليعي العمالي والتي وردت في “مسائل اللينينية” لستالين مؤكدة على:

* تبنّي المادية الجدلية والمادية التاريخية كأساس فلسفي لفهم الكون والطبيعة والمجتمع.
* تبنّي نظرية الصراع الطبقي كمحرك للتطور التاريخي واعتبار الطبقة العاملة هي محررة المجتمع المعاصر.
* اعتبار الدولة جهازا طبقيّا يكرّس سيطرة الطليعة المهيمنة وما على الطبقة العاملة إلاّ أن تقيم دولتها الخاصة على أنقاض الدولة البورجوازية.
* تبنّي الأممية البروليتارية في العلاقات الخارجية.
* النظرية الخصوصية للثورة أي الخصائص الوطنية لكل بلد.

واعتبارا لأوضاع القمع السافرة ضبطت ثلة من المناضلين الذين تجمّعوا حول حلقة “الشيوعي” الخطة العملية لإنجاز المؤتمر التأسيسي لحزب العمال الشيوعي التونسي الذي انعقد في السرية المطلقة ابتداء من 9 ديسمبر 1985 وتمّ الإعلان عن التأسيس في 3 جانفي 1986 وهي مناسبة ذات دلالة واضحة وغنية بالمعاني والدروس.

حزب العمّال من التّأسيس إلى المؤتمر الأوّل:

جاء ميلاد الحزب تتويجا لنضالات ونقاشات وصراعات فكرية وسياسية معمّقة انعكست بصورة مكثفة في البرنامج العام للحزب الذي تضمن في ذلك الوقت إلى جانب تحليل المسار التاريخي لتطور المجتمع التونسي وتشكيلاته الطبقية البرنامج العام للثورة في تونس، الذي حدد المهام الكبرى المرحلية والمباشرة التي يتعين على الشعب التونسي تحقيقها من أجل التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي، كما حدد طبيعة الدولة البورجوازية وطبيعة المجتمع بوصفه مجتمعا رأسماليا تابعا وطبيعة الثورة بوصفها ثورة وطنية ديمقراطية معادية للاستعمار من شأن تحقيقها أن يفتح آفاقا على الثورة الاشتراكية.

لقد أحدث ميلاد الحزب نقلة نوعية في الحياة السياسية في تونس ووضع حدا لليتم السياسي للطبقة العاملة التي سلحها بأداة نضالها الطبقي وهيئة أركانها ضد أعدائها. ورسم الخط الفاصل بين أحزابها وأحزاب البورجوازية المختلفة وأنهى عقودا من التبعية السياسية والتنظيمية لطبقة المستقبل القادرة وحدها على تحرير الشعب التونسي من الاستغلال.
ومنذ الإعلان عن تأسيسه انطلق الحزب في عملية البناء أي إيجاد الهياكل والخلايا والتنظيمات الجماهيرية التي ستساعد على انتشاره وانغراسه في صفوف الجماهير كما وجد نفسه في معمعان الأحداث اليومية والأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية المختلفة فحدد موقفا صائبا من انقلاب 7/11 معتبرا ذلك انقلابا أبيضا. ونبّه من خطورة صعود الجنرال إلى السلطة. ولم يغترّ بإجراءات التفتح التي اعتبرها تدخل في باب إعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب الحاكم. ورفَض المشاركة في الميثاق الوطني في 1988 في حين انخرطت كل الأحزاب دون استثناء في ذلك، كما حدد موقفا متماسكا من الفاشية الظلامية التي دخلت مرحلة متقدمة من السعي إلى أسلحة المجتمع بالقوة. ولم يسلم من أهدافها حتى الاتحاد العام التونسي للشغل حيث كوّن الإسلاميون كتلة نيابية مهمة في مؤتمر سوسة 1989.

لقد نزل الحزب في هذه الفترة بكل قوة في عديد الميادين وخصوصا في الواجهة الشبابية التي سلحها بتأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي في 1987 الذي أثر تأثيرا منقطع النظير في مؤتمر 18 الخارق للعادة للاتحاد العام لطلبة تونس والذي بان حدثا وطنيا بامتياز انتظرته أجيال متعاقبة، وحلما راود الجميع منذ انقلاب قربة 1971.
كما نشط اليسار النقابي الديمقراطي داخل الاتحاد العام التونسي للشغل وهو الفصيل النقابي المعادي لا للسلطة والبيروقراطية النقابية فقط، بل المتصدي لرغبة الإسلاميين في السيطرة عليه والذائد عن استقلالية وديمقراطية العمل النقابي والمنحاز إلى الشغالين في دفاعهم عن مقدرتهم الشرائية وكذلك تسوية الملف النقابي في أزمة 1985.

كما لم يبخل الحزب في تنشيط الساحة الفكرية من خلال حركة النشر والتأليف التي أثراها الفقيد المناضل الطاهر الهمامي بوضع اللبنات الأولى لمدرسة الواقعية الاشتراكية (انظر كتاب: مع الواقعية في الأدب والفن) وأبدعت الفرق الفنية الموسيقية الملتزمة في إعطاء وجه جديد للفن السياسي المناضل فسطع نجم “مجموعة البحث الموسيقي” في جل المدن والقرى وانتشرت نوادي السينما الملتزمة في العديد من دور الثقافة وشهدت الساحة الثقافية عموما انتعاشة غير مسبوقة ساعدت الحزب على الانتشار والتوسع خصوصا أثناء فترة الترخيص لجريدة “البديل” سنة 89-90، وهو ما ترك انطباعا عاما جيدا حول أداء الحزب ونضاليته ومبدئيته وملاءمته بين العمل السري والعلني.

لقد كان تكتيك الحزب يقوم على المزج بين العمل السري والعلني واستغلال كل المساحات القانونية في فترة “الفجوة ” وهو ما ساعد على توسيع صفوفه وتحقيق قدر مهم من الانغراس في صفوف الطبقة العاملة والشعب: التواجد في عديد النقابات العمالية (النقل – السكك – المناجم – الرفاهة – البريد…) والوظيفة العمومية (تعليم – صحة). تواجد أغلبي في هياكل وقيادة الاتحاد العام لطلبة تونس وفي الساحة الفنية والإعلامية والحقوقية وبعض مواطئ القدم في الفلاحين (الوطن القبلي)… يأتي ذلك في ظل مناخ غير ملائم من جانب الحركة السياسية التي وقفت عموما موقف المناوئ والحذر من بروز الحزب واكتساحه عديد المجالات، إذ ردّت جلّ التيارات اليسارية بالعرقلة والتشويه ووقفت كل الأحزاب القانونية موقف العداء أحيانا وهو ما كان يؤشر على أنّ الساحة السياسية لم تكن ناضجة بعد لا للعمل الجبهوي بل حتى للعمل المشترك والتقاطعات.

أمّا الموقف من حركة الاتجاه الإسلامي فقد كرّسه الحزب في شعار “حريات سياسية لا دساترة لا خوانجية” لا لشيء إلاّ لأّن “الإسلاميين” كانوا فعلا يهدّدون الأخضر واليابس من خلال أسلمة المجتمع، والصراع معهم كان إذا مفتوحا حول جل المواقف السياسية من انقلاب 7/11 إلى الميثاق الوطني إلى الحركة الطلابية والنقابية وصولا إلى الساحة الفنية والحقوقية. وفي حين كانت الأطراف اليسارية تصرّح أنها غير معنية بالصراع الدستوري الإخواني، كان الحزب يوزّع البيانات في الغرض وأهمها التي استشهد أثناءها الرفيق نبيل البركاتي “الصراع الدستوري الإخواني صراع في غير صالح الشعب”.
مع تطور هذا الصراع ونزوع “الإخوان” نحو الاستيلاء على السلطة وحشد أنصارهم في كل الجهات أخذت الأحداث مأخذا جديدا تمثل في سعي السلطة بعد انتخابات 89/90 لتنظيم حملة قمع واسعة النطاق لا على الأحزاب السياسية الإصلاحية فقط (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين – حركة الوحدة الشعبية شق جلول عزونة – البشير الصيد – التروتسكيين…) بل على كل مكونات المجتمع المدني وأساسا على حزب العمال (محاكمات سيدي بوزيد – الفياضانات89 – قفصة89 – تونس90 – باجة91 – المنستير…) وعلى قيادة حركة النهضة: محاكمات 91-92.

الحزب في فترة التسعينات: العشرية السوداء: 1992—–2002:

أدّى التغيير الحاصل في الوضع الدولي منذ أواخر الثمانينات وسقوط “المعسكر الشرقي” إلى انتهاء الاستقطاب الامبريالي الثنائي وظهر النظام العالمي الجديد حيث انفردت الامبريالية الأمريكية بالهيمنة المطلقة على العالم وشهدت حركات التحرر الوطني انتكاسة. كما شهدت الحركة العمالية الاشتراكية ردّة غير مسبوقة أثّرت على الأحزاب الشيوعية القديمة. بل وكذلك على مجمل الحركة الشيوعية والحركات الثورية، وقادت الإمبريالية العالمية حملة إيديولوجية واسعة النطاق ضد الشيوعية والحركات الثورية واليسار عموما مستغلة مصاعبها وأخطاءها ونقائصها، ممّا خلق شعورا باليأس والإحباط وانسداد الأفق.

من ناحية أخرى اختلّت العلاقات الدولية بين كبريات الدول الإمبريالية. إذ غنمت الإمبريالية الأمريكية من هذا الوضع وتراجعت الامبريالية الاشتراكية تحت وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية حيث تفككت ونخرتها الصراعات القومية ووجدت نفسها تحت وطأة الطغم المالية الأمريكية والأوروبية التي عملت على تركيعها، والتحقت ألبانيا بالزريبة الرأسمالية واختفى التناقض بين النظام الاشتراكي والنظام الرأسمالي.

على المستوى العربي أدّى العدوان على العراق إلى مزيد اختلال التوازن الإقليمي وانهيار معنويات القوى السياسية التقدمية والقومية بالخصوص ممّا أثر سلبا على واقع الدول العربية التي وجدت نفسها تحت سيطرة شبه كاملة للنظام العالمي الجديد الذي مثّل الصيغة المتعفنة من صيغ الهيمنة الامبريالية الأكثر بربرية ووحشية وعدوانية.

في تونس دشّنت بداية التسعينات فترة حالكة بالنسبة إلى الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. إذ عرفت بفترة اسماعيل السحباني في الاتحاد العام التونسي للشغل، أي فترة الولاء الكامل لبن علي. فدجنت المنظمة وأُبعد النقابيون الراديكاليون من مواقع نقاباتهم بألف طريقة وطريقة (نقل تعسفية – تدليس مؤتمرات – تصفيات نقابية – وشايات للبوليس – استبعاد شبه مطلق لليسار النقابي الذي كاد أن يندثر- حل نقابة البريد – الإحالة على لجان النظام…) كما ضربت الأحزاب الإصلاحية من داخلها بافتعال المشاكل الداخلية وتخريبها و تقسيمها (محاكمة مواعدة 95 – عبد الرحمان التليلي”القوميين”- كما وقع ضرب وتدجين الرابطة وضرب حرية الإعلام والصحافة والجمعيات (“المجلس الوطني للحريات “).

في ظل هذه الأوضاع المتأزمة والقمع الأسود وجد حزب العمال الشيوعي التونسي نفسه مضطرا إلى تعديل التكتيك السياسي وذلك في مؤتمره الأول 1992 حيث حدّد عدوّه الرئيسي المتمثل في الدكتاتورية الحاكمة التي تسيطر سيطرة مطلقة على كل أوجه الحياة السياسية التي تصحرت بالكامل. أمّا العدو الثانوي – أي حركة النهضة فهو يقبع في السجون ويتعرض بدوره إلى المحاكمات المتتالية والإعدامات – ويقتضي هذا التعديل بتكتيل كل الجهود السياسية وكل القوى المعارضة ضد الدكتاتورية بهدف حملها على التراجع، وهو ما جعل الخلافات تبرز في قياداته وبعض هياكله: خلافات تصدّرتها الكتلة اليمينية التي نظرت لسياسة “الركشة “في المنظمات الجماهيرية وتلطيف المقاومة وتمسكت بمواصلة اعتبار الإخوان فاشية صاعدة وعاتية واعتبار السلطة الفاشية متهرّمة وفي تراجع وأقل خطورة. ومن هنا تجلّى المنحى اليميني الذي انتهى بأصحابه إلى مراجعة أسس الماركسية أصلا في تقييمها للتجربة الاشتراكية (انظر كتاب محمد الكيلاني: في تقييم التجربة الاشتراكية) واعتبار الماركسية في حد ذاتها وليست التجربة هي التي فشلت. وتجمعت هذه الكتلة اليمينية تحت اسم “شيوعيون ديمقراطيون” نشطوا تحت غطاء التجمع الاشتراكي ثم تحت غطاء التجديد وصولا إلى “الحزب الاشتراكي اليساري” الذي توّج وفاقه بمساندة ديكتاتورية بن علي قبيل ثورة 14جانفي2011.

لقد وجد حزب العمال نفسه في وضعية تنظيمية غير مريحة بل معقدة وصعبة للغاية خلال فترة التسعينات السوداء. إذ تتالت المحاكمات والطرد من العمل والتجنيد والفصل من الدراسة علاوة على الهجوم الايديولوجي العام. وتراجعت الواجهة القانونية (اتحاد الطلبة – النقابات…) وانحلت الهياكل الجهوية الحزبية والخلايا ودخلت القيادة في السرية الكاملة (مطلوبة للعدالة) وهجرت عديد الوجوه الساحة السياسية لتلتحق بالأحزاب القانونية أو انسحبت نهائيا من النضال ولم تسلم من هياكل الحزب إلاّ قلة قليلة أخذت على عاتقها مواصلة المقاومة بأقل التكاليف والحفاظ على الجهاز السري للحزب.

لكن الإيجابي في تلك الفترة أنّ جريدة الحزب “صوت الشعب” واصلت صدورها ولم تنقطع بالمرة. كما أنّ القيادة ظلت في مجملها وإن قلّت اجتماعاتها بحكم القمع، سليمة وظل الخط العام للحزب سليما أيضا. وركّزت القيادة على المراسلات الداخلية والحفاظ على المناضلين والاهتمام بالجانب الأمني أكثر من ذي قبل مع مواصلة تنشيط الواجهات القانونية التي ما تزال تقاوم كالنقابات والرابطة واتحاد الطلبة ومنظمة العفو الدولية. وتمحور تكتيك المقاومة تحت شعار الحريات العامة والفردية والعفو التشريعي العام مع مواصلة فضح طابع الدكتاتورية والفردي المطلق لنظام الحكم، مع العلم أنّ الحزب كان يرفع شعار المجلس التأسيسي منذ 1991 في حين كانت الأطراف اليسارية والإصلاحية على السواء تتّهمه بالمثالية والطوباوية وانعدام الواقعية في السياسة.

فترة 2002—الثورة:

هي فترة استنهاض الحركة الديمقراطية إذ سجلت محاكمات 1998 نقطة تحوّل في علاقة الحركة الديمقراطية بنظام الحكم، يليها إضراب الجوع لتوفيق بن بريك فخروج القيادة من السرية وتقديم أنفسهم طوعا للمحاكمة في 2002. وهي المحاكمة التي أربكت النظام ومثلت منعرجا إضافيا في تطوير ميزان القوى بين السلطة والمعارضة. وبات واضحا أنّ الحركة الديمقراطية بدأت تستعيد عافيتها (مؤتمر جربة 2002 – مؤتمر التصحيح – محاولات فك العزلة عن اتحاد الطلبة وتوحيد قواه في مؤتمر توحيدي – تواتر اضرابات الجوع – وعي أفضل للعمل المشترك سوف يهيّئ لإضراب الجوع 2005 – نشاط قناة المستقلة – مزيد عزلة النظام بعد استفتاء 2002 وانتخابات 2004…

كان واضحا لدى الحزب أن صورة الحزب الحاكم باتت مهترئة أكثر فأكثر وأّن الحراك الإجتماعي من جراء القمع وغلاء المعيشة والاضطهاد والفساد يدفع كل يوم أكثر فأكثر بأعداد جديدة وشرائح تسعى إلى المقاومة، وأنّ الخناق يضيق كل يوم أكثر على سلطة السابع من نوفمبر وأّن المعارضة عموما تسجّل وعيا أفضل بالعمل الجبهوي وتشكيل التحالفات المختلفة. وهو ما دفع إلى إضراب الجوع من قبل مجموعة من الأحزاب اليسارية والقومية والإصلاحية واليمينية وتكوينها لهيئة 18/10 للحريات التي ظلت محطّ أنظار الحركة الديمقراطية لما لا يقل عن 3 سنوات حتى وإن لم تجمع كل المكونات على الالتحاق بها. ومع الاقتراب من موعد انتخابات 2009 ضعفت هيئة 18/10 وتجاذبتها النزاعات الحزبية الضيقة والرهانات الانتخابية.

وفي العموم مثلما تطورت الحركة الديمقراطية في مواجهتها للسلطة أو في علاقة بمكوناتها الخاصة تطور أيضا موقف الحزب من العمل الجبهوي وانعكس بشكل واضح في قبول أطراف المعارضة به وبدوره المهم في التجميع.

داخله عمل الحزب على ضرب العقيلة السكتارية وتخلص من غرور فترة التأسيس والتسعينات وظهر ذلك جليا في مؤلفاته: “الأدنى الديمقراطي في تحالفنا اليوم وغدا” – “في الرد على مواعدة والغنوشي” – “من أجل بديل ديمقراطي وشعبي” – “كيف نحافظ على وحدة العمل و نطورها” وكذلك في سلوكه وخطابه العام.

ثم جاءت انتفاضة الحوض المنجمي 05/01/2008، وهي أوّل محطة أمامية لثورة 14/01 إذ لأوّل مرة منذ 1956 تعرف بلادنا انتفاضة محلية بذاك الاستمرار في الزمن وبتلك الراديكالية والجرأة، حتى وإن اتخذت طابعا محليا أو ظلّت مصحوبة بمظاهر العفوية. فقد ساهمت في تعميق عزلة النظام ولم تقف عند حدود المطالبة بحق الشغل بل فرضت حق الشغل وحق التعبير والتظاهر وفضحت الرشوة والمحسوبية والفساد الإداري والمالي والسياسي.

لقد فتحت الانتفاضة باب الاحتجاجات المحلية اللاحقة في الصخيرة وبن قردان وبوسالم وفريانة. وهي وإن كانت مشتتة ومحلية ومتفرقة فقد هيّأت ومهّدت لثورة 14/01/2011، ثورة شعبية عارمة طرحت الإطاحة بالديكتاتورية وتغيير شكل السلطة.

لقد ساهم حزب العمال في انتفاضة الحوض المنجمي كما ساهم في جلّ الاحتجاجات المحلية الأخرى. ولكن في صمت بهدف عدم تعقيد الوضع على المحتجين وعدم تأليب الرأي العام السياسي المسكون بتهمة التوظيف، بل ساهم في قيادة انتفاضة الحوض المنجمي وعمل على تنظيمها وفتح آفاقها وتوسيعها في حين وقفت عديد الأطراف السياسية موقف اللامبالاة وأحيانا التشكيك في مطالبها وأهدافها ونعتها بالجهوية والعروشية والتسييس.

لقد اتّسمت الفترة الممتدة لربع قرن من تأسيس حزب العمال إلى الثورة (1986 – 2011) بالاستبداد الفاشي البورقيبي والنوفمبري الذي صحّر الحياة السياسية بالكامل وعمّق الفوارق الاجتماعية وضاعف من وتائر الاستغلال والاضطهاد والعمالة من جهة. ولكنه في الجهة المقابلة وسّع من دائرة الاحتجاج والغضب الجماهيري الذي وجد في حزب العمال أفضل بوصلة في سبيل انعتاقه وتحرره من الديكتاتورية الغاشمة.

وما كان الحزب ليلعب هذا الدور البطولي في معارضة أعتى الديكتاتوريات لو لم يكن مسلّحا بالتنظيم الصلب والوعي الثوري الماركسي اللينيني. وما كان له ليتبوّأ هذه المكانة القيادية المرموقة لو لم تكن بوصلته وخطه الفكري والسياسي ووحدته التنظيمية الصخرة التي تكسرت عليها كل مؤامرات الحكم الفاشي وزبانيته، ولو لم يتمكن كذلك من الحد الأدنى من الانغراس وسط الجماهير التي برهنت عليها أفواج المنتسبين الذين انظموا إلى صفوفه مباشرة بعد الثورة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×