فِي الثَّامِنِ مِنْ آذَار… (اليوم العالمي للنّساء) بقلم: حَمّه الهمّامي

عاد حمه الهمامي، بمناسبة اليوم العالمي للنساء، ليكتب عن رفيقة دربه وحبيبة عمره راضية النصراوي… وقد كان كتب منذ أيام عن حبيبته الأخرى تونس المريضة أيضا… وحين يكتب حمه الهمامي عن هذه أو تلك من حبيبتيه، فإنّ الأمور تلتبس في ذهن القارىء… فهو لا يدري متى يتكلم حمه عن راضية ومتى يتكلم عن تونس الوطن، فالوجع واحد وهو حاضر في كل الحالات والأوقات
————————-

سَيِّدَتِي…
يَغْلِبُنِي الدَّمْعُ حِينَ لَا أَرَاكِ
فِي الثَّامِنِ مِنْ آذارْ…
تَرْكُضِينَ مَعْ رَفِيقَاتِكْ
منْ شَارِعٍ إِلَى شَارِعْ،
وَمِنْ حَيٍّ إِلَى حَيْ،
وَمِنْ دَارٍ إِلَى دَارْ…
تَصْرُخِينَ فِي وَجْهِ العَابِثِينَ
بِالحَيَاهْ،
الكَافِرِينَ بِكِتَابِ الحُرِّيةِ
وَآيَاتِ الإِنْسَانِيَّهْ:
أَلَا إِنَّ المُسَاوَاةَ دِينِي
وَعَقِيدَتِي،
فَهَيَّا بِنَا نَدُكُّ الأَسْوَارْ،
وَنَزْرَعُ فِي دُرُوبِ الوَطَنْ،
قمْحًا،
كُلُّ مَنْ ذَاقَ طَعْمَهْ
شَفَى جِسْمَهْ
مِنْ رِجْسِ الطُّغْيَانْ…
وَزَهْرًا،
كُلُّ مَنْ شَمَّهْ…
طَهَّرَ رُوحَهْ…
وَغَدَا إِنْسَانْ…
———-
سَيِّدتِي…
يَغْلِبُنِي الدَّمْعْ،
حِينَ لَا أَرَاكِ في الثَّاِمِن مِنْ آذارْ
مَعْ رَفِيقَاتِكْ…
تُرَدِّدِينَ أُغْنِيَةَ الحَيَاةِ الجَدِيدَهْ،
وَتُنْشِدِينْ:
فَلَا عَاشَ فِي الأَرْضِ
مَنْ دَنَّسَ الأَرْضَ
بِالخَوْفِ والمَيْزِ ، وَالقُبْحِ والرَّذِيلَهْ…
مَنْ سَرِقَ عَرَقَ “مَبْرُوكَة”،
أَوْ”جَاكْلِينْ”،
العَامِلَة والفَلّاحَهْ،
وعَذّبَ “لويزا”(1)
أَوْ “جَمِيلةَ” الجَمِيلَاتْ…(2)
أَوْ”لَيْلَى”(3) التي تُضِيئُ فِي الظُلُمَاتْ
مَنْ قَتَلَ “سَنَاء”(4)…
وأَحْرَقَ بِالنَّابَالْمْ
جَسَدَ فَاتِنَةِ الفَاِتنَاتْ
“كِيمْ فُوكْ” الفِيتْنَامِيَّة (5)…
وَأَهْدَرَ بِاسْمِ “شَّرْعِ اللَّهْ”،
دَمَ المُكَافِحَاتِ الصَّامِدَاتْ
مِنْ أَجْلِ القَضِيَّهْ…
فِي وَطَنٍ مغْدُورْ…
———
سَيِّدَتِي…
يَغْلِبُنِي الدَّمْعْ،
حِينَ لَا أَرَاكِ فِي الثَّامِنِ مِنْ آذَارْ
فَرَسًا يَصْهَلُ فِي أَرْجَاءِ الأرضْ،
يَمْلَأُهَا حُبًّا وحُرّيهْ…
وَيَرْسُمُ قُبُلًا عَبْرَ أَمْوَاجِ السَّمَاءْ…
عَلَى جَبِينِ أَسِيرَاتِ
فَلَسْطِينِ الأَبِيَّهْ…
وَلكِنْ، سَيِّدَتِي،
وَسَيِّدةَ السَيِّدَاتْ،
فَرغْمَ اللَّيَالِي،
وَرَغْمَ المَوَاجِعْ،
وَرَغْمَ الجِرَاحِ التِي تأْبَى أَنْ تَنْدَمِلْ
“أَرَاكِ فَتَحْلُو لَدَيَّ الحَيَاةْ
وَيَمْلَأُ نَفْسِي ضِيَاءُ الأَمَلْ
وتنْمُو بصَدْري وُرُودٌ عِذَابْ
وَتَحْنُو عَلَى قَلْبِيَ المُشْتَعِلْ”
—–
أَرَاكِ…
فَتَحْلُو…
لَدَيَّ…
الحَيَاةْ…
…….

بقلم: حَمّه الهمّامي
تونس في 8 مارس/آذار 2021

——————————-
(1) لويز ميشال: “الكومونارة” الفرنسية الذائعة الصيت (1830-1905)
(2) جميلة بوحيرد الجزائرية، بطلة المقاومة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي
(3) ليلى خالد، أيقونة حركة التحرر الوطني الفلسطيني والقيادية الحالية بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
(4) الشهيدة سناء يوسف المحيدلي، أول فتاة فدائية قامت بعملية استشهادية ضد جيش الاحتلال الصهيوني بجنوب لبنان (1968-1985)
(5)كيم فوك: أيقونة حرب الفيتنام التحريرية ضد المحتل الأمريكي. صدمت صورتها وهي تركض في الشارع شبه عارية، في التاسعة من عمرها (8 جوان 1972)، ونيران قنبلة النابالم التي ألقت بها طائرة أمريكية على قريتها في جنوب فيتنام، تلفح ظهرها وتلتهم ملابسها وتحرق رقبتها وظهرها وذراعها اليمنى، العالم كله. وفضحت بشاعة العدوان الأمريكي وشكلت منعرجا في هذه الحرب المجرمة.