تتأكد يوميا الأدلة القاطعة حول نوايا الحلف الصهيو أمريكي في المنطقة من خلال تسريع الخطة نحو تثبيت أسس “الشرق الأوسط الجديد ” الذي ظل يعمل من أجل تكريسه وتثبيته منذ سنوات، وها هي “الفرصة التاريخية” كما تؤكد الأدبيات الصهيونية تتحقق.
لقد عمل كيان الاحتلال مدعوما من الإمبريالية الامريكية على تعزيز كل الشروط والعوامل من أجل تحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”، لا بالعمل على القضاء على المقاومة الفلسطينية الباسلة والصامدة في غزة وفي الضفة والقدس، بل أيضا إسكات البندقية اللبنانية المقاومة التي ظلت لعقود عنصرا أساسيا في الإسناد، وها هو لبنان الرسمي يدخل بيت الطاعة بدور خليجي فاعل وقد تزامن ذلك مع وضع اليد على سوريا بعد إسقاط نظام الأسد. ويعتبر نظام العمالة والإرهاب المنصّب من قبل مطابخ القرار الصهيو أمريكية والتركية والخليجية احدى أهمّ وسائل تنفيذ مخطط تفتيت المنطقة وتكريس الخرائط الجديدة التي تعدّها دوائر القرار ومخابراتها. لقد خطى نظام الجولاني خطوات حاسمة في ضرب وحدة سوريا ووحدة شعبها من خلال النفخ في النزعات الطائفية والعرقية، فبعد الاعتداءات الفاشية على مناطق في الساحل السوري وعلى الطائفة العلوية وعلى اتباع الديانة المسيحية، بدأ منذ مدة اللعب بالورقة الدرزية بما في ذلك الدفع نحو إعلان بعض مشايخها الارتماء في أحضان كيان الاحتلال الذي أصبح يرتع دون حسيب ولا رقيب على طول سوريا وعرضها وخاصة في جنوبها. يحصل ذلك بعد تدمير الكيان المقدرات العسكرية والعلمية والاقتصادية، وهو يقدم نفسه حامي الدروز. وها هي العصابات الإرهابية تتحرك في السويداء، المحافظة الجنوبية التي يتركز فيها الدروز، لتنظيم حرب أهلية عنوانها صراع عشائر البدو مع الدروز، لكن حقيقتها هي توسبع منظومة التفتيت والتدمير كما هو مبرمج ومقرر ويجب أن ينفّذ. في أثناء الاقتتال المفتعل كانت آلة الحرب الصهيونية ترتع وتضرب في السويداء وغيرها ليخرج المبعوث الأمريكي ليعلن اتفاق الجولاني ونتنياهو على وقف إطلاق النار وهو ما لا يفيد به إلا تثبيت التطبيع بين الحاكمين لأن سلاح الجولاني لم يطلق رصاصة واحدة لا أمس ولا اليوم ضدّ كيان الاحتلال.
إنّ برنامج إعادة تشكيل المنطقة بالتلاعب بالورقة الطائفية والعرقية وهي ورقة إقليمية تمسّ عديد الأقطار مثل الورقة الدرزية والكردية ما انفك يكرس على قدم وساق وهو برنامج تنفذه أنظمة العمالة بكل تفان، وهي التي ظل وجودها مرتبطا عضويا بمصالح الامبريالية التي تدفع في اتجاه سايكس بيكو جديد يكرّس سيطرة كيان الاحتلال وقيادته المنطقة.
إنّ إجهاض هذا البرنامج هو مسؤولية الشعوب والمقاومة والقوى التقدمية التي عليها لعب دور هام وكامل في هذه اللحظة الدقيقة والصعبة. إنّ برنامج الشرق الأوسط الجديد يمتدّ على طول الوطن العربي وتخومه الإقليمية. إنّ تنفيذ الخطة يتسارع لمزيد إذلال المنطقة وشعوبها، ولا خيار إلا تصعيد المقاومة بكل أشكالها حتى يكون للشعوب دور في صياغة حاضرها ومستقبلها.
صوت الشعب صوت الحقيقة
