الرئيسية / الافتتاحية / ترامب والكيان وحكّام الخليج: تحالف ثالوث الفاشيّة والإرهاب والعمالة
ترامب والكيان وحكّام الخليج: تحالف ثالوث الفاشيّة والإرهاب والعمالة

ترامب والكيان وحكّام الخليج: تحالف ثالوث الفاشيّة والإرهاب والعمالة

نظّم ترامب زيارته الأولى، بعد زيارة تشييع بابا الفاتيكان، إلى منطقة الخليج بدْءا بالسّعودية ثم قطر فالإمارات وهي العواصم الثلاث للاحتطاب بلغة الإرهابيين أي جمع المال وتكديس الرشاوي وإتمام الصفقات والاستثمارات المشتركة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، التي تصل قيمتها، حسب وزارة الخارجية الأمريكية، لـ600 مليار دولار من بينها 45 عقدا أغلبها في المجال العسكري وشراء الطائرات. وهذه الصّفقة أدهشت ترامب نفسه وجعلته لا يتأخّر لحظة في دعوة حاكم سوريا الجديد لمقابلته وإصدار عفو لصالح نظامه بإسقاط العقوبات الاقتصادية دون العودة للكنغرس وذلك بضمانة صديقه ابن سلمان وبتعهّد الجولاني بتمكين الشركات الأمريكية من امتياز صفقات النفط والغاز، وبالانخراط في المقاربة الترامبية حول “الشرق الأوسط الجديد” ضمن التحالف الأبراهيمي الذي يضمّ كيان الاحتلال وأنظمة المنطقة. وبطبيعة الحال تمّت هذه الصّفقة بمباركة أردوغان الذي واكب إلكترونيا لقاء الوحشين الإرهابيّين، الأكبر والأصغر أو بالأحرى “الصّانع”.
ولم تقف حصيلة الزيارة عند هذا الحدّ، بل اجتمع مجلس التعاون الخليجي بكافة أعضائه مع ترامب لتنشيط “التعاون” وإبرام صفقات فاضت بها خزائن ترامب. فقطر التي كانت سخية كالعادة مع وليّ نعمتها أبرمت عقودا لشراء طائرات من شركة بوينغ بقيمة 200 مليار دولار وهي أكبر طلبيّة طائرات في تاريخ الشركة. ولم ينس “أمير البلاد” إهداء ترامب طائرة رئاسية تتجاوز قيمتها 400 مليون دولار. أمّا الإمارات فهي تعتزم من جهتها استثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال العشر سنوات القادمة. وفي هذا السّياق أكّد عديد المتابعين لشؤون المنطقة أنّ زيارة ترامب كانت أساسا اقتصادية وتجارية، كانت زيارة التاجر والمرابي والامبريالي المبتزّ لحفنة من عملائه الذّليلين، التّافهين الذين يتنافسون على طلب رضاه وحمايته. ولم يحضر الجانب السياسي في هذه الزيارة إلّا لماما رغم الظروف المتفجّرة التي تمرّ بها المنطقة ويعزى ذلك أوّلا إلى كون ترامب جاء إلى المنطقة أساسا للنّهب لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي المتأزّم ولتثبيت موقع بلادها الهيمني، وليس لوقف حرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني بدعم مباشر منه، وثانيا لأنّ الحكام الذين قابلهم وهم من أكثر حكام العالم تبعية وعمالة وفسادا واستبدادا وصفاقة، فإن شاغلهم الأساسي هو الحفاظ على كراسيهم. ومن أجل ذلك يعقدون كل الصفقات ويقدّمون كل الرشاوي ويدوسون كل القيم ولا يثيرون الموضوع الفلسطيني كأنه يجري في مكان آخر من العالم وليس على حدودهم وحتّى إذا أثاروه فمن زاوية الإصرار على التطبيع والتآمر عل الشعب الفلسطيني من أجل مزيد إراقة دمائه وتدمير مقاومته وعيا منهم بأنّ تناقضهم الرئيسي لا هو مع الكيان ولا هو مع راعيه المجرم وإنما مع هذه المقاومة لأن وجودها وتطوّرها وتمدّدها يهدد بقاءهم على عروشهم. لذلك كان كيان الاحتلال الغائب الحاضر في هذه اللقاءات، مصالحه محفوظة ودعم عدوانه الغاشم على غزّة والضفّة مضمون.
إنّ ما رشح عن زيارة ترامب إلى الخليج لا يؤكّد سوى حقيقة أنّ عدوّ شعوبنا ليس سوى ثلاثي الامبريالية وربيبيها الكيان الصهيوني وأنظمة الخيانة والتواطؤ. هذا الثلاثي الذي يعمل كلّ من موقعه على إعادة هندسة جغرافية المنطقة والحيلولة دون نهوض شعوبها في إطار “سايكس-بيكو” جديد لتأبيد السيطرة عليها وعلى مقدراتها وثرواتها وتفتيت بلدانها على أسس دينية ومذهبية وأثنيّة وقوميّة والتحكم في براغي كراسي حكّامها. وبطبيعة الحال فكل هذا يؤدّي إلى استنتاج واحد وهو ألّا خلاص لشعوبنا إلا بالنّضال الواعي والمنظّم ذي المضمون الطبقي الوطني والديمقراطي والشعبي من أجل إسقاط أنظمة العمالة والخيانة وكنس الوجود الامبريالي وفي مقدمته الوجود الأمريكي وتفكيك الكيان النّازي والقضاء عليه، وهو ما يتطلّب عملا جبارا من القوى الوطنية والشعبيّة لتوعية هذه الشعوب واستنهاضها الآن وهنا للدفاع عن حقوقها وحرّيتها وثرواتها والتصدي من جهة أخرى لحرب الإبادة التي تتعرّض لها غزّة والضفّة والشعب الفلسطيني عامّة والضغط من أجل وقفها في أسرع وقت والعمل بكلّ الوسائل على دعم المقاومة الصّامدة لما يزيد عن العام وسبعة أشهر. وما من شكّ أنّ لحزبنا وللقوى الديمقراطية والتقدمية المناهضة للإمبريالية والصهيونية والرّجعيّة واجبا عليها القيام به في هذا الإطار، فلنكثف الضغط من أجل تجريم التطبيع وطرد السفير الأمريكي من ترابنا وإلغاء كل الاتفاقيات المهينة واللامتكافئة مع الامبريالية الأمريكية/الغربية.

إلى الأعلى
×