هابيتوس!

هابيتوس!

شعر عادل المعيزي

إلى روح نبيل بركاتي

كما ينبغي لثعلب الغابةِ أن يفعل
كانَ يَرْفَعُني بِيَدَيْهِ الهَمَجِيّتَيْنِ مِنْ صَدري
في موكبِ التكريمِ كانَ الجمهورُ يصَفّقُ بلسَعَاتِهِ
تَصْفِيقًا حاَرًّا
والغَريبُ الذي يَزْرَعُنِي في الجدار
ولمْ أكنْ أفهَمُهُ كانَ يَصْرُخُ في وجهي:
هابيتوس!

صارَ يتلألأُ كضفدَعَةٍ تشتمُ ثلجَ الشمال
بينما كنتُ -من فرط العذاب-أتَقَيَّأُ الليلَةَ الفاصلةَ
بين الينابيعِ وأهازيجِ الرعاة
ولسانُ الغريبِ مازالَ يتلعثَمُ فوقَ نَظّاراتي
ويَسْعُلُ: هابيتوس!

ينامُ كخوفٍ داخلَ حالات الإغماء وهو يُمسِكُ بي
تَحْتَ شَمْسِ مايو
كُلَّمَا عَنَّ لهُ يقتلع أظافر القرنفل
ويُدخِلُ في استي قَضيبًا معدنيًّا
ويُخْرِجُ ذقنَهُ غارقًا في الدماء وهو يَتَلَمَّظُ
ويُعَلّقُني فوقَ رؤوسِ الزوارِقِ المُتَورّمَة
وبين الشهيقِ والحشرَجَةِ يَخرُجُ دُخَانٌ كثيفٌ
في شكل أصواتٍ مَطحونَةٍ: هابيتوس!
في ظلام المرحاضِ الدامسِ أُلْقِيَ بي فلمْ تَظهرْ
إلاَّ بُقَعِ الشرِّ الزرْقَاء على وَجْهي وزنودي وأفخاذي وظهري
بهُدُوءٍ أملسَ تَرَكْتُهُ يَرْكُلُ الكلِمَات: هابيتوس! هابيتوس! هابيتوس…
وحلّقتُ بروحي خارجَ ظلال الموت الذي أكتب الآن كلماته

إلى الأعلى
×