بقلم نبيل بن علي
الميزانية بالأرقام
1. مداخيل الميزانية 52.560.000.000د تنقسم إلى:
مداخيل جبائية: 47.773.000.000د
مداخيل غير جبائية: 4.437.000.000د
الهبات: 350.000.000د
الاقتراض الخارجي: 6.808.000.000 د
الاقتراض الداخلي: 19.056.000.000د
موارد الخزينة: 1.200.000.000د
جملة القروض وموارد الخزينة: 27.064.000.000د
جملة موارد الميزانية : 79.624.000.000د
2. نفقات الميزانية: 63.575.000.000 د
تمويل الميزانية باعتبار الهبات الخارجية والتخصيص والمصادرة: 11.015.000.000د
تسديد أصل الدين الداخلي: 7.932.000.000د
تسديد أصل الدين الخارجي: 7.917.000.000د
قروض وتسبقات الخزينة: 200.000.000د
الجملة: 27.064.000.000د
قراءة في أرقام الميزانية
في قراءة عامة لميزانية الدولة لسنة 2026 نلاحظ أن هيكلتها لا تختلف عن هيكلة ميزانيات الدولة لسنوات ما بعد انقلاب 25 جويلية 2021 ولا عن هيكلة ميزانيات ما قبل تلك المرحلة، فالطابع المشترك بين مختلف هذه الميزانيات هو اعتمادها بنسبة حوالي 60% على الجباية المباشرة وغير المباشرة و10% على الموارد الذاتية و30% على القروض الداخلية والخارجية، وهذا يعني أنّ كل الحكومات من عهد بن علي مرورا بحكومات النهضة والنداء وصولا لحكومات المرحلة الشعبوية لها نفس التوجهات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية اللاشعبية واللاوطنية ولا تختلف إلّا في الشعارات التي ترفعها وتشترك في فشلها في الخروج من الأزمة الخانقة التي يتحمل نتائجها اليوم الشعب في مجال الصحة والنقل والتعليم والبيئة وخاصة في قفته الباهظة الثمن نتيجة للارتفاع الغير مسبوق للأسعار.
أ- ميزانية جباية
تقدر المداخيل الجبائية المباشرة وغير المباشرة بـ 47.773.000.000د وتمثل حوالي 60% من المبلغ الجملي لميزانية 2026، تتأتى هذه المداخيل بنسبة حوالي 80% من جيب المواطن عبر الأداءات التي تقتطع من أجور العمال والموظفين ومن جرايات المتقاعدين بصفة مباشرة، ومن الأداءات غير المباشرة (الأداء على القيمة المضافة والمعاليم الديوانية والأداء على الاستهلاك… الخ) التي يتحملها في الأخير المواطن كمستهلك.
ولطالما طالب المتقاعدون ولا زالوا يطالبون بإعفاء جراياتهم من هذه الضرائب التي تحمّلوها لمّا كانوا بحالة مباشرة لكن دون جدوى.
في المقابل يساهم أصحاب رؤوس الأموال أو البرجوازية الكمبرادورية التي تملك حوالي 80% من ثروات البلاد بحوالي 20% من جملة المداخيل الجبائية المباشرة وغير المباشرة، وهذا يمثل حيفا كبيرا في حق الأجراء والمتقاعدين حيث تنعدم العدالة الجبائية التي تمثل أحد أسس العدالة الاجتماعية.
ولمزيد نهب جيب المواطن ورد في الفصل 21 من قانون المالية لسنة 2026 إجراءات الابتزاز التالية:
كراس الشروط التي لا تخضع لطابع جبائي خاص تدفع 20 دينارا.
توظيف 100مليم على كل عملية شحن لرصيد الهاتف الجوال تساوي أو تفوق 5 دنانير.
توظيف مبلغ 1,5 دينار على كل فاتورة مسلمة من المساحات التجارية الكبرى إذا كان مبلغها يتراوح بين 50 و100 دينار ودينارين (2) إذا كان مبلغها يفوق الـ100دينار.
تقدر المداخيل الغير جبائية بـ 4.437.000.000د وتمثل نسبة 8,4% من جملة مداخيل الميزانية و5,5% من المبلغ الجملي لميزانية 2026، وهي متأتية من الفسفاط ومن أرباح بعض المنشآت العمومية ومن الإتاوة عن أنبوب الغاز الجزائري الذي يمرّ عبر التراب التونسي… الخ
ب. ميزانية اقتراض
تمثل القروض الداخلية والخارجية المبرمجة في ميزانية 2026 نسبة 32,4%من المبلغ الإجمالي للميزانية. وعوض أن توجه هذه القروض لتمويل مشاريع تنموية كبرى، فإنها تستعمل لخلاص قروض سابقة ولسدّ بعض النقص في الميزانية، هكذا غاب شعار التعويل على الذات وعوّضه التعويل على الاقتراض.
لقد بلغت نسبة مديونية البلاد في ظل حكم الشعبوي سعيد حوالي 80% من الناتج المحلي الخام.
وفيما يخصّ الاقتراض الداخلي والمقدّر في ميزانية 2026 بـ 19.056.000.000د ستكون له انعكاسات سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بالحدّ من السيولة لدى البنوك، وهذا من شأنه أن يضعف إمكانية تمويل البنوك للمشاريع الكبرى للقطاع الخاص إضافة إلى تقليص إمكانية حصول المواطنين على قروض لاقتناء أو بناء مساكن أو لبعث مشاريع صغيرة، وسيساهم تمويل ميزانية الدولة لسنة 2026 مباشرة من البنك المركزي بحوالي 11 مليار دينار في ارتفاع نسب التضخم وذلك بضخّ هذا المبلغ في الدورة الاقتصادية دون مقابل تنموي وخلق للثروة.
قدّرت ميزانية الاستثمار المبرمجة لسنة 2026 بحوالي 5 مليار دينار، وعلى محدوديتها سيعود الجزء الكبير منها لتغطية المشاريع التي هي في طور الإنجاز والمبلغ المتبقي سيستغل لتمويل مشاريع جديدة لكنه غير كاف لإنجاز مشاريع كبيرة في المجالات الحيوية، الصحة والتعليم والنقل التي من شأنها تحسين خدمات المرافق الاجتماعية وخلق مواطن شغل جديدة.
في الخلاصة فإن ميزانية الدولة لسنة 2026 لا رؤية ولا أهداف لها، وهي تفتقد للطابع الاجتماعي الذي يجعل من المواطن هدفا يوفر له الحياة الكريمة.
إنّ بلادنا في حاجة إلى منوال تنموي جديد يقطع مع السياسات اللاشعبية واللاوطنية بصفة نهائية ويبني اقتصادا وطنيا على أساس فلاحة متطورة تعمل على توفير الاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي بدرجة أولى، وعلى أساس صناعة وطنية في خدمة الاقتصاد والفلاحة توفر لها التجهيزات الضرورية التي ترتقي بإنتاجها، وعلى أساس خدمات تلبي احتياجات المواطن.
صوت الشعب صوت الحقيقة
