كانت المرأة ولازالت ضحية للعنف بكل أنواعه والدونية داخل الأسرة والمجتمع.
فمنذ أن ظهرت في المجتمعات القديمة من العبودية إلى هيمنة الرأسمالية الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، تمركزت في يد أقلية مالكة مقابل أغلبية واسعة منتجة ومستغَلّة نساء ورجالا في الحقل والمصنع وكل مؤسسات الإنتاج.
لقد أخرج النظام الرأسمالي المرأة من منظومة الاستعباد والتخلف إلى منظومة أكثر قهرا واستعبادا واستغلالا للطاقات الإنتاجية لدى المرأة.
إنّ التطور الحاصل في واقع المرأة في تونس وفي مجال الأحوال الشخصية والحريات العامة والنشاط في الفضاء العام الجمعياتي والسياسي ودخولها سوق الشغل لم يُحررها كليا من القيود المتوارثة. والمُكبلة لها سواء في الفضاء الخاص أو في الفضاء العام.
وقناعة من مناضلات منظمة مساواة بأن كل مظاهر التمييز والدونية والحيف والعنف المسلطة على النساء تعود حتما إلى النظام الاقتصادي الرأسمالي الاستغلالي ورؤيته الاجتماعية والثقافية لأدوار المرأة داخل الأسرة والمجتمع.
فإننا في منظمة مساواة اخترنا أن نركّز حملتنا هذه السنة بمناسبة إحياء “16 يوما ضدّ العنف المسلط على النساء” على العنف الاقتصادي والاجتماعي وسيكون تنشيط حملتنا ضدّ مظاهر تأنيث الفقر والبطالة والأميّة والتّهميش وعلى ما تُعانيه النّساء العاملات بالفكر والساعد من عنف متعدّد المظاهر نتيجة تردّي وتخلف الخدمات العمومية خاصّة النقل والصحة.
لقد شهدت منظومة النّقل في تونس مثلها مثل منظومة الصّحة وسائر المنظومات الأخرى تردّيا وتفكيكا كبيرا خاصة بعد الثورة فاهترأت شبكات وأساطيل النقل في المدن وبين الجهات بما يُعسّر عملية وصول العمال والعاملات إلى مواقع عملهم ممّا يؤثر على مناخ العمل ويزيد في الضغط على العاملات سواء في العمل أو في الأسرة إذ تصل العاملة مستنزفة ومُرهقة لتؤدي التزاماتها المهنية أو الأسرية. هذا إضافة إلى مظاهر العنف الاقتصادي الأخرى في الانتداب والتمييز في الأجر بينها وبين الرجل خاصة في القطاع الفلاحي وعطل الأمومة وغياب إجراءات الصحة والسلامة المهنية والطرد التعسفي والتسريح من العمل.
وليست خدمات الصحة عامة بأحسن حال ونخص منها المتعلقة بالصحة الإنجابية من متابعة الحمل والولادة ورعاية الأمومة ومراكز التنظيم العائلي ومستشفيات الولادة. فقد تخلى القطاع العام عن دوره الاجتماعي وساءت خدماته وهجرته النساء لتكتوي بنار أسعار الخدمات الخاصة في المصحات وعيادات الطب الخاص.
إنّ مواجهة المأساة التي تُعاني منها المرأة في تونس كما في كل البلدان تبدأ بالنضال ضدّ العنف المادي والاقتصادي والاجتماعي المسلط عليها والذي يُشكل واحدة من أعمدة منظومة الاستغلال الرأسمالي الوحشي التي تستهدف الإنسان بشكل عام والنساء بشكل خاص..
منظمة مساواة
تونس في 25 نوفمبر 2025
صوت الشعب صوت الحقيقة
