بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الرابع لاتحاد الشباب الشيوعي التونسي
أسامة الشعبوني المنسّق الوطني لاتّحاد الشباب الشيوعي التونسي لـ”صوت الشعب”:
- رهاننا الأساسي هو كسر حالة الخوف والصمت التي يُراد فرضها خاصة على الشباب
- وإعادة الاعتبار للنضال وبناء جبهة شبابية تقدّمية وثورية تواجه الفاشية الزاحفة
تحت شعار “شباب لا يساوم… شباب يناضل… شباب ينتصر…” عقد اتحاد الشباب الشيوعي التونسي، الفصيل الشبابي لحزب العمّال، مؤتمره الوطني الرابع منتصف شهر نوفمبر 2025، وخصّصت أشغاله لمناقشة ودراسة الأوضاع السائدة على الصعيد المحلّي والدولي والعربي وانعكاساتها على الشباب بكل فصائله التلمذية والطلابية والعاملة والمعطّلة عن العمل.
توّجت أشغال المؤتمر بالمصادقة على عدد من الوثائق واللوائح تتضمن خيارات اتحاد الشباب وأهدافه وخططه للمرحلة القادمة، كما تمّ انتخاب قيادة وطنية جديدة.
وفي هذا السياق، أجرت “صوت الشعب” حوارا مع الرفيق أسامة الشعبوني المنسّق الوطني الجديد لاتّحاد الشباب الشيوعي التونسي.
بداية، لو تحدّثنا عن أجواء انعقاد المؤتمر
في البداية، لا بدّ أن أتوجّه بالشكر إلى كلّ مناضلات ومناضلي اتّحاد الشباب الشيوعي التونسي على المجهودات المبذولة طيلة فترة الإعداد للمؤتمر الوطني الرابع. فقد ساهمت كلّ رفيقاتنا ورفاقنا في الوصول إلى هذه المحطة المهمة التي انتظرناها جميعاً، بدءاً من الندوات الجهوية التي اتّسمت بدرجة عالية من الالتزام والوعي، سواء عبر النقاشات التي دارت أو خلال الجلسات الانتخابية لانتخاب المؤتمِرات والمؤتمَرين، وصولاً إلى الافتتاح وأشغال المؤتمر.
أمّا المؤتمر الوطني فقد انعقد في أجواء نضالية حقيقية اتّسمت بالجرأة والصراحة والوضوح السياسي والوعي التنظيمي، إلى جانب الحرص التّام على إنجاح المؤتمر حتّى يشكّل نقلة مهمّة في تطوير اتّحاد الشباب ونضالاته نحو الأفضل.
ومنذ اللحظة الأولى للحفل الافتتاحي الذي واكبته مختلف الأجيال التي مرّت باتّحاد الشباب الشيوعي التونسي، بدا واضحاً مدى جدّية رفيقاتنا ورفاقنا وانضباطهم.
هل تعتبرون انعقاد المؤتمر فرصة حقيقية لتطوير أداء المنظّمة الشبابية للحزب وكيف ذلك؟
لم يكن المؤتمر مجرّد “فرصة”، بل محطة ضرورية لنقاش أوضاع اتّحاد الشباب التنظيمية وتقييمها تقييماً موضوعياً وجماعياً، بما يمكّننا من فهم أوضاعنا وتطويرها في سبيل أن نصبح قوة قادرة على المواجهة في الشارع والجامعة والمصانع. وهو أيضاً محطّة مهمّة لتطوير أدوات التنظيم والعمل.
ونحن اليوم، ومن خلال هذا المؤتمر، نعيد تثبيت اتّحاد الشباب كطليعة شبابية يسارية وثورية، لا كجماعة ثورجية مناسباتية كما يريد البعض. وسيكون لهذا المؤتمر أثر مهمّ في مستقبل اتّحاد الشباب وفي العمل السياسي الشبابي المنظّم بشكل عام.
لو تشرح لنا أهمّ مخرجات المؤتمر، وأبرز خططه في المرحلة القادمة؟
كانت مخرجات المؤتمر في مستوى تطلّعات جميع المؤتمِرات والمؤتمَرين، وأعتقد أنها ستكون كذلك في مستوى تطلّعات كلّ رفيقاتنا ورفاقنا. فقد شهدت أيّام المؤتمر نقاشات وجدلاً حول مختلف الجوانب، بدءاً بتقييم الفترة السابقة وأبرز النقائص التي يجب تداركها مستقبلاً وتجنّب الوقوع فيها مجدداً، إضافة إلى نقاش معمّق للوضعين السياسي المحلي والإقليمي والدولي، مع العمل على تفكيكه وتوحيد الرؤية والقراءة، وكذلك ضبط خطط العمل المستقبلية، خاصة على مستوى التنفيذ.
ويمكن تلخيص أهم المخرجات فيما يلي: تجديد القيادة، وهي قيادة مناضلة وعملية، أكثر من ثلثها رفيقات مناضلات وثوريات، وضع خطة عمل ستجعل من اتّحاد الشباب قوّة تعبئة وضغط وتوعية، لا تُساوم لا في المبدأ ولا في الميدان، وتعزيز الوجود في الفضاءات الطلابية والتلمذية والعمالية وفي صفوف الشباب المعطَّل، مع التركيز على توعية أكبر عدد ممكن من الشباب إضافة إلى التصدّي لمحاولات تصحير الحياة السياسية، وإعادة إحياء العمل السياسي في مختلف الفضاءات والمحافظة على اتّحاد الشباب كمنظّمة شبابية حاملة وحامية للفكر الماركسي–اللينيني، ضدّ كلّ محاولات التشويه أو التحريف.
ماهي أهمّ رهانات اتّحاد الشباب الشيوعي التونسي اليوم؟
رهاننا الأساسي هو كسر حالة الخوف والصمت التي يُراد فرضها على الشعب التونسي، وخاصة على الشباب. نراهن على إعادة الاعتبار للنضال وبناء جبهة شبابية تقدمية وثورية تواجه الفاشية الزاحفة، وتظلّ بمنأى عن داعمي الانقلاب ومن تورّطوا في الحكم سابقاً وساهموا في وصول البلاد إلى هذا الوضع، إلى جانب فضح السياسات الرسمية للدولة التي لا تختلف عن سياسات من سبق وحكموا تونس: فهي سياسات غير شعبية ولا وطنية، بل تساهم في تكديس الثروة للأثرياء وزيادة فقر غالبية الشعب.
نعيش اليوم وضعاً اجتماعياً واقتصادياً صعباً للغاية، تضررت منه غالبية الشعب وخاصة الشباب، وهو ما يدعونا إلى التفكير في بديل حقيقي يخرجنا من ثنائية الشعبوية والرجعية، وسيكون لاتحاد الشباب دور هام في الوصول إلى هذه الغاية.
بالعودة إلى الوضع المحلي والدولي والعربي، ماهي أبرز الانعكاسات على الشباب بجميع فصائله؟
الوضع المحلي ليس بمعزل عن الأوضاع الإقليمية والدولية، فغالبية الأنظمة الحاكمة اليوم هي أنظمة يمينية رجعية في خدمة مصالح الأقلية الرأسمالية المتوحشة وأسيادهم في أوروبا وأمريكا. ويتميّز هذا الوضع بتراكم الأزمات: بطالة متفاقمة، غياب سياسات عمومية عادلة، تراجع خطير في مستوى الحريات، إلى جانب استبداد الأنظمة العميلة القائمة، والحروب، وتدمير مقوّمات الحياة، فضلاً عن الإملاءات الخارجية التي تستهدف مقدّرات الشعوب وتنهب ثرواتها.
هذه الانعكاسات جعلت الشباب يشعر بأنّه مستهدف بشكل مباشر، وأنّ مصيره معلّق بين الهجرة أو اليأس والانحراف في الداخل. ومن هنا تأتي ضرورة النضال الجماعي الواعي والمنظم.
كيف تقيّمون واقع الشباب اليوم؟ وما هو المطلوب اليوم منهم حقيقة للنهوض بوضع البلاد والتصدّي للديكتاتورية وضرب الحريات؟
واقع الشباب اليوم هو نتيجة مباشرة لخيارات السلطة القائمة، أو بالأحرى خيارات قيس سعيد، التي اختارت قمع الحريات بدل خلق الفرص، وتكميم الأفواه بدل الاستثمار في العلم والعمل، والتوجّه بالبلاد نحو الديكتاتورية بدل ترسيخ الديمقراطية.
إنّ يد الظلم المسلطة على الشعب تشمل جميع فئاته، مع تلفيق التهم وقمع الحريات، ولم تستثن أحداً من السياسيين والصحفيين والإعلاميين، وتمتد أكثر نحو العمل المدني والتضييق عليه وعلى المنظمات والجمعيات.
في ظلّ هذه الظروف، لابدّ من الوعي بخطورة الوضع الحالي، وإيجاد الحل لإنقاذ بلادنا من الانهيار، وهو ما يعني بالضرورة التصدّي بشكل جماعي لهذا التوجّه الاستبدادي والعمل على إسقاطه، وخلق بديل شعبي ثوري جديد. قد تبدو هذه المهمة صعبة، لكنّها ممكنة ومقدور عليها، فالشعب الذي ثار ضدّ بن علي وغطرسته، وواجه اليمين الإخواني، لن توقفه الرجعية الشعبوية.
تلقّى اتّحاد الشباب الشيوعي التونسي رسائل تهنئة من أحزاب تقدّمية، ماهي رسالتكم لهم؟
بدايةً، نودّ أن نشكر كلّ رفاق ورفيقات النضال في المنظّمات الشبابية الصديقة التي راسلتنا، ونشدّ على أياديهم لمواصلة النضال جنباً إلى جنب مع شعوبنا. وعلى الرغم من تباعدنا الجغرافي، فقد قربتنا مسؤوليتنا المشتركة تجاه شعوبنا ووحدتنا النضالية ضدّ العدو المشترك – الرأسمالية –، التي سنكون جميعاً بديلاً حقيقياً لها وسنساهم في زوالها وخلاص شعوبنا.
كما يجب أن نعرب عن شكرنا لكلّ من اتّصل أو راسل من داخل تونس وخارجها من شباب من جميع الفئات، والذين تقدّموا بأحر التهاني وأبدوا سعادتهم بنجاح المؤتمر وإيمانهم بأنّ اتّحاد الشباب من أبرز أسس ومدارس النضال في تونس وخارجها.
ماهي رسالتكم للشباب والطيف الديمقراطي التونسي؟
باختصار شديد رسالتنا هي أنّ المتضرّر الوحيد ممّا تعيشه تونس اليوم هو غالبية الشعب وخاصة الطبقات والفئات الكادحة وبشكل أخصّ فئة الشباب، ويجب علينا اليوم أن نتخلّى عن أنصاف المواقف وأن نتحمّل مسؤوليتنا في إنقاذ تونس وشعبنا وأنّ المستقبل لن يمنح لنا هدية بل يجب أن نفتكّه بالنضال وبمزيد من الجرأة والنضال. لقد انتهى زمن المواقف الرمادية وإمّا أن نقف في وجه هذا المشروع الاستبدادي ونواجه ونكون إلى جانب الشعب أو سندفع ثمن ترددنا غاليا.
إنّنا في اتحاد الشباب الشيوعي التونسي وكما عهدتمونا لن نساوم وسنواصل النضال والأكيد سننتصر، وهذا هو ما نؤمن به وما دعانا لأن يكون هذا شعار مؤتمرنا الوطني الرابع “شباب لا يساوم، شباب يناضل، شباب ينتصر”.
صوت الشعب صوت الحقيقة
