بقلم محمود نعمان
رحلت يوم 25 سبتمبر 2025 في هافانا بكوبا “أساتا شكور“ بعد حياة امتدت بين السجن والمطاردة والنفي. “أساتا شكور” ناشطة أمريكية إفريقية وعضو في حزب الفهود السود Black Panther Party الماركسي اللينيني وجيش التحرير الأسود الجناح العسكري المنشق عن ذلك الحزب.
تأسّس “حزب الفهود السود” سنة 1966 ليدعو إلى تسليح جميع الأمريكيين السود، وإعفاء الأمريكيين من أصل أفريقي من التجنيد ومن جميع عقوبات ما يسمى بأمريكا البيضاء، وإطلاق سراح جميع الأمريكيين الأفارقة من السجن، ودفع تعويضات للأمريكيين من أصل أفريقي عن قرون من الاستغلال من قبل الأمريكيين البيض. كما أقام تحالفات مع الراديكاليين البيض التقدميين، معتبرا الاستغلال الرأسمالي أصل كل أشكال الاضطهاد في الولايات المتحدة وخارجها، واعتبار إلغاء الرأسمالية شرطاً لتحقيق العدالة الاجتماعية. لذلك اعتبره مكتب التحقيق الفيدرالي FBI أكبر خطر على الأمن القومي الأمريكي وتمّ إعلانه منظمة شيوعية وعدوًّا للحكومة الأمريكية ينبغي القضاء عليها وإطلاق حملة اعتقالات وقتل ضدّ زعمائه وأعضائه.
ففي ديسمبر من عام 1969 قامت عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بمداهمة شقة “فريد هامبتون” زعيم حزب الفهود السود بمدينة شيكاغو وقتله واعتقال العديد من رفاقه ممّا دفع ببعض قيادييه إلى اللجوء إلى الخارج إذ منحت الجزائر عام 1969 حق اللجوء للناشط والكاتب الأمريكي “إلدريدج كليفر” الذي كان من أوائل قادة حزب الفهود السود في حين اعتقلت المناضلة “أساتا شكور” في 2 ماي 1973 وحوكمت بالسجن المؤبد بعد اتهامها بقتل أحد ضباط الشرطة والسطو المسلح وتمّ سجنها في عدة سجون ذات حراسة مشددة ووضعت في الحبس الانفرادي في سجن للرجال “لخطورتها” وأنجبت طفلتها الوحيدة في السجن، أساتا. أثارت معاملتها انتقادات من بعض جماعات حقوق الإنسان لكنها تمكنت بمساعدة من رفاقها من الهروب في 2 نوفمبر 1979 عبر جزر الباهاماس وحصلت على حق اللجوء في كوبا منذ عام 1984 وقد رصدت أمريكا لمن يحضرها مكافأة بقيمة مليون دولار.
عاشت أسّاتا شاكور طوال حياتها مؤمنة بأن النضال من أجل العدالة واجب تاريخي على كل من يرفض العيش تحت نير الاضطهاد الممنهج. وبرغم أنّها حملت هموم شعبها الأسود، فقد رأت نضالها جزءًا من معركة الشعوب المقهورة كافة، مدركة أن الحرية لا تتجزأ. إن مسيرتها تفضح زيف الخطاب الأمريكي عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد حوصرت وعذبت فقط لأنها قالت “لا“؛ لا للعنصرية، لا للغطرسة الامبريالية الأمريكية، ولا لنظام جعل من السجون مقابر للأحياء من السود. كما غادرت وهي مؤمنة بأن عالمًا أكثر عدلًا قادم لا محالة“.
كتبت سيرتها الذاتية في كتاب “Assata: An Autobiography” روت فيه تفاصيل طفولتها وبداية نشاطها الثوري ونضالها في حركة الفهود السوداء، ووصف للأحداث التي أدّت إلى اعتقالها ومحاكمتها والفرار من السجن إلى كوبا.
صوت الشعب صوت الحقيقة
