بقلم منذر خلفاوي
التأمت الندوة السنوية الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية في دورتها الثلاثين وتناولت عديد القضايا الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية. وقد تطرّق الاجتماع إلى تحليل الوضع الدولي وما يتميز به من احتداد أزمة المنظومة الإمبريالية الرأسمالية على جميع الأصعدة، الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتنامي النزعات الفاشية في عديد بلدان العالم وتفاقم الصراعات بين الأقطاب الامبريالية من أجل النفوذ وإعادة اقتسام العالم، تناقضات وصراعات انعكست على شعوب العالم وعلى حياة الطبقة العاملة وعموم الكادحين وعلى الشباب والنساء (بطالة، فقر، هجرة ، دهورة ظروف العمل ، تراجع ميزانيات الخدمات الاجتماعية ، ترفيع في سن التقاعد الخ…).
كما يشهد العالم عديد الحروب العدوانية وجرائم الإبادة الجماعية والحصار الاقتصادي من طرف الإمبريالية والصهيونية وهو ما يستوجب مزيد النضال المشترك لوقف الحرب وإسناد المقاومة في فلسطين ولبنان والسودان وفنزويلا وغيرها من البلدان المفقرة رغم ما تزخر به من ثروات.
إلى جانب ذلك ناقشت الندوة الإعداد لمخيم الشباب الديمقراطي المعادي للامبريالية والفاشية والمشاركة في الاجتماع السنوي لنساء العالم بالأرجنتين الذي يُتوقّع أن تحضره بضعة آلاف من المناضلات من مختلف القارات.
وقد أصدرت الندوة في خاتمة أشغالها لوائح مساندة للشعب الفلسطيني والشعب السوداني وللشعب الصحراوي في حقّه في تقرير مصيره، وكذلك للشعب الفنزويلي الذي يتعرّض للتحرّش والتهديد من قبل الامبريالية الأمريكية التي تحيك ضدّه المؤامرات من أجل تركيعه واستباحة سيادته على أرضه وثرواته.
وأصدرت الندوة العدد الجديد (51) من مجلتها النظرية “وحدة وصراع” بمختلف اللغات، وهي أداتها للتباين مع مختلف الأفكار والنظريات الانتهازية والتحريفية التي تدّعي زيفا انتسابها للفكر الماركسي اللينيني.
إن ندوة الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية تؤكد تمسكها بالثورة الاشتراكية التي تعمل مختلف مكوناتها على إنجازها في بلدانها وعلى كسب التعاطف من المجموعات والمنظمات الثورية عبر العالم.
وفي الإعلان الختامي، نقرأ ما يلي:
“انطلاقًا من المسؤولية السياسية التي نتحملها كطليعة ثورية للطبقة العاملة والشعوب، والتزامًا منا بتعزيز النضال من أجل القضاء على الرأسمالية والنضال من أجل الاشتراكية، اختتمت المنظمات والأحزاب التي تُشكل الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية (CIPOML) بنجاح أعمال دورتها الكاملة الثلاثين.
لقد قادنا التحليل الموضوعي للواقع العالمي إلى ملاحظة تفاقم التناقضات الأساسية في عصرنا، وتفاقم الأزمة العامة للنظام الرأسمالي الإمبريالي، وما يترتب على ذلك من عواقب سلبية متعددة على حياة الشعوب.
نص الإعلان الختامي
نعيش في عالم لا يقدم أي خير للعمال والشباب والنساء من الطبقة العاملة؛ عالم يتمسك فيه النظام القديم بشدة بسلطته، على الرغم من أنه فاسد من الداخل.
تُحدد المواجهة بين الإمبرياليات مسار الأحداث الكبرى على الساحة الدولية. وتصاعدها لا يُنذر بأي خير للشعوب؛ بل على العكس، فهو يُسبّب تباطؤ الاقتصاد العالمي، والاستغلال المفرط للطبقة العاملة، وتزايد النهب الإمبريالي، وتكثيف العنف ضد الدول المُضطهدة والبلدان التابعة، وتطور حروب محلية قد تتكرر، وخطر حقيقي لاندلاع صراع عام.
إن النظام الرأسمالي الإمبريالي، الساعي إلى جني أقصى الأرباح وتقاسم السيطرة على الكوكب، يُهدد بشكل مباشر ظروف معيشة وعمل الجماهير الكادحة والشعوب، كما يُلحق ضررًا لا يُمكن إصلاحه بالبيئة.
إن التراجع الذي تشهده الإمبريالية الأميركية منذ سنوات، ورغبتها اليائسة في الحفاظ على مناطق نفوذها وحماية مصالح المجموعات الاحتكارية التي تدعم قوتها، قد أدى إلى تكثيف عدوانيتها بشكل وحشي. وتتجلى هذه النزعة بوضوح في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والعسكرية، كما شهدنا مؤخرًا في الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
تُعدّ الصين حاليًا القوة الإمبريالية الوحيدة القادرة والعازمة على تحدي هيمنة الإمبريالية الأمريكية. ومع ذلك، فإن الاعتراف المتبادل بينهما كقوى متنافسة على الهيمنة العالمية لا يُلغي التناقضات التي تُحافظ عليها كل منهما مع القوى الإمبريالية الأخرى والدول الرأسمالية المتقدمة، ولا يُلغي صراعهما للحفاظ على مناطق نفوذهما.
إننا ننظر بقلق ونُدين تنامي عسكرة المجتمع، التي تتغلغل في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وتُخضع حكومات القوى الكبرى والعديد من الدول التابعة ميزانياتها وسياساتها العامة وممارساتها الإدارية للتحضير للمواجهة، وتعزيز الأجهزة القمعية، وتجريم الاحتجاج، وتطبيع الوجود العسكري في مناطق كانت تُعتبر في السابق مناطق مدنية.
في هذا السياق، نلاحظ تقدمًا للقوى اليمينية والفاشية المُعلنة، التي تستغل الأزمة لترويج خطاب الكراهية، وتقييد الحقوق، وتقسيم العمال والشعوب، ودعم المشاريع الاستبدادية في خدمة رأس المال الكبير.
ولكن في هذا العالم، لا يقتصر الدور القيادي على أصحاب رؤوس الأموال. فالطبقة العاملة والشعوب تُنظم احتجاجاتٍ حاشدة، تُمثل دليلًا واضحًا على تقدم النضال الطبقي. في مواجهة الإبادة الجماعية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، ارتفعت ملايين الأصوات في كل قارة، مُنددةً بالوحشية ومطالبةً بإنهاء العلاقات مع إسرائيل والاحتلال الصهيوني. وبالمثل، لاقت سياسات التقشف، والتبعية للقوى الأجنبية، وانتهاك الحقوق الديمقراطية، وغيرها من مظاهر العدوان الرجعي، ردًا حازمًا في الشوارع. وتتحرك الطبقة العاملة والشباب والنساء وقطاعات واسعة من الشعب رفضا لهذه الهجمات، مؤكدين عزمهم على تحقيق تغييرات عميقة من شأنها تحسين ظروفهم المعيشية وتمهيد الطريق لمستقبل مختلف.
يتجلى انبعاث نضال الحركة الجماهيرية في جميع أنحاء العالم، كما يتضح تنامي حضور الشباب في مختلف البلدان. فعندما تجد الجماهير في النضال سبيلاً لنيل الحقوق ومواجهة أعدائها الطبقيين، فإنها تتقدم بعزيمة أكبر، وترفع من مستوى تنظيمها، وتحوّل سخطها إلى قوة قادرة على معارضة مسار المجتمع.
إننا نعيش في عالم مليء بالصراعات، لكنه يُوفّر أيضًا فرصا أفضل للعمل الذي تقوم به أحزابنا ومنظماتنا، ساعيةً إلى تنظيم الثورة البروليتارية والاشتراكية وتحقيق انتصارها. من الضروري العمل على تطوير وتعزيز حركة عالمية واسعة النطاق مناهضة للإمبريالية والفاشية؛ للحفاظ على الرايات عاليةً ضد الحرب، ومن أجل السلام والتضامن الدولي بين الشعوب، وضد العنف الذي يولده النظام السائد. هدفنا الأسمى هو تحقيق التحرر الاجتماعي والوطني للعمال والشعب، وهو هدف لا يتحقق إلا بوجود الطبقة العاملة في السلطة.
لكي تُنجز أحزابنا مهمتها في أن تصبح طليعة ثورية للعمال، عليها أن تُعزز نفسها في جميع المجالات: أيديولوجيًا وسياسيًا وتنظيميًا، وأن تُشارك بفعالية في النضالات السياسية والاجتماعية. تُؤكد الجلسة العامة الثلاثون للندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية (CIPOML) التزام أعضائها تجاه الطبقة العاملة وشعوب وأمم العالم المُضطهدة. إننا نتقدم بعزم نحو الوفاء بالمسؤوليات التي فرضها علينا التاريخ.
الجلسة العامة الثلاثون
للندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية CIPOML
نوفمبر 2025
صوت الشعب صوت الحقيقة
