الرئيسية / عربي / في ذكرى 29 نوفمبر 1947: غزة ومقاومتها تقاوم الاحتلال وكل مؤامرات التقسيم
في ذكرى 29 نوفمبر 1947: غزة ومقاومتها تقاوم الاحتلال وكل مؤامرات التقسيم

في ذكرى 29 نوفمبر 1947: غزة ومقاومتها تقاوم الاحتلال وكل مؤامرات التقسيم

بقلم وليد المرداسي

في مثل هذا اليوم 29 نوفمبر سنة 1947 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين فيما بات يعرف باسم خطة تقسيم فلسطين أو بقرار رقم 181 (د_2) ويقضي بإنشاء دولتين على أرض فلسطين، دولة عربية وأخرى يهودية، ومنذ عام 1979 أصبح هذا التاريخ ذكرى لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني لما له من دلالات ومعاني خاصة بالنسبة للفلسطينيين، وها نحن اليوم نحيي هذه الذكرى وكل الأعين متجهة إلى قطاع غزة خاصة في ظل اتفاق وقف الحرب.

فماذا كسبت غزة من هذا الاتفاق؟ وما هو الوضع عليه اليوم بالقطاع؟

كما هو معلوم أعلن الرئيس الأمريكي عن “خطة السلام” في 29 سبتمبر 2025 وتتألف من 20 بندا تضمن الافراج عن المحتجزين الاسرائليين في غزة ووقف إطلاق النار ونزع سلاح حركة حماس، وبعدها انطلقت مفاوضات غير مباشرة بين وفدي حماس والكيان المحتل برعاية أمريكية مصرية وقطرية، وفي يوم 9 أكتوبر 2025 أعلن في مدينة شرم الشيخ المصرية عن التوصل إلى الاتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في قطاع غزة. وأكدت حركة حماس التوصّل إلى اتفاق ينهي الحرب ويتضمن انسحابا اسرائيليا من غزة وتبادل الأسرى، داعية ترامب والدول الوسيطة إلى ضمان تنفيذ اسرائيل لقرار وقف إطلاق النار بالكامل.

من أجل إنهاء حرب الإبادة الجماعية، اتفاق وقف الحرب خطوة ضرورية

إنَ حرب الإبادة التي استمرت لأكثر من عامين وأسفرت عن استشهاد أو إصابة ما يقارب ربع مليون فلسطيني بالقطاع تُعدّ من أكبر نسب ضحايا بين المدنيين شهدتها حروب التاريخ المعاصر علاوة عن الدمار الشامل في القطاع والحصار المتواصل مع الوضع الانساني والصحي الغير المحتمل ومع الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ضدّ كل مؤامرات التهجير بالإضافة إلى اعتماد المقاومة المسلحة على أرض الميدان تكتيك استنزاف العدو وتكبده لخسائر عديدة وموجعة ،

وعليه فإن هذا الاتفاق لوقف الحرب أصبح خطوة ضرورية، أولا لإنهاء هذه الابادة في حق المدنيين أو على الأقل التقليل من معاناتهم وثانيا تثبيت وجود المقاومة وجدانيا في روح سكان القطاع أو على مستوى السياسي كطرف مفاوض للعدو، فما دام هناك مفاوضات فإن المقاومة موجودة رغم كل تهديدات العدو بالقضاء عليها.

المقاومة تقلب الطاولة ضدّ كل محاولات عزلها أو تحجيم دورها

لا أحد يمكنه أن ينكر بأنَ حرب الإبادة شكلت كابوسا متواصلا لناتنياهو وإدارته من ناحية تعميق عزلة الكيان دوليا، وكما أحدثت تحولات عميقة في توجهات الرأي العام العالمي نحوها بما في ذلك داخل الولايات المتحدة الأمريكية وكما شهدنا تصاعدا للاحتجاجات في عديد مدن العالم وعواصمه مطالبة بوقف حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل وإنهاء تجويع الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية، وانعكست هذه الضغوط الشعبية في تغيير مواقف عدد من الدول الغربية المعروفة تاريخيا بدعمها الكامل للكيان مثل بريطانيا وكندا واستراليا وفرنسا والتي اتجهت إلى الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر 2025 على الرغم من المعارضة الشديدة من واشنطن و”تل أبيب” مقابل نفاذ صبر الرئيس ترامب والذي يعدّ من أكثر الرؤساء الأمريكيين دعما للكيان إزاء جنون ناتنياهو في الاستمرار في حرب دون أفق واضحة لإنهائها. ومع تزايد هذه العزلة الدولية للكيان وللموقف الأمريكي مع التحولات العميقة في توجهات الرأي العام العالمي اضطر الرئيس ترامب إلى إعلان وقف اطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، وقد مثل صياغة الاتفاق واضحا من الوهلة الأولى وهدفه تحويل عزلة الكيان الى عزلة للمقاومة وبالأخص عزلة حركة حماس و في خطوة ثانية نزع سلاح الحركة.

أمّا في الجهة المقابلة فقد كان تعامل المقاومة وحركة حماس مع هذا الاتفاق تعاملا ذكياً للغاية، فمن الناحية السياسية فقد أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية أنَ التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في قطاع غزة يتضمن انسحابا “اسرائيليا” تدريجيا و تبادلا للأسرى بين الطرفين، وأن الحركة قد تلقت ضمانات من الولايات المتحدة وعدد من الوسطاء الإقليميين تقضي بإنهاء العمليات العسكرية وبتنفيذ بنود ذلك الاتفاق، وبهذا التعامل جعلت للمقاومة نفسها محورا أو ركيزة أساسية في العملية السياسية وفي مسارات التفاوض كما ورّطت كل القوى الإقليمية والدولية التي ساهمت في ترسيخ هذا الاتفاق كشهود في العلن عبر الاعتراف بتواجد المقاومة كطرف أساسي في أي عملية سياسية أو تفاوضية .

وأمّا على المستوى الميداني فإن المقاومة فهي كعادتها قد تفننت خاصة من الجانب الدعائي بأنها لازالت موجودة ومتماسكة على أرض المعركة وميدانيا، أولا من خلال عملية تبادل الأسرى منهم الأحياء والأموات مع العدو وثانيا في عملية المسك وبسرعة كل ما هو أمني ولوجيستي داخل القطاع رغم تواصل كل الخروقات اليومية للاتفاق وقف الحرب من جانب العدو “الاسرائيلي”.

الوضع اليوم في غزة

على مستوى السياسي

يمكن القول بأن المقاومة وبالأخص حركة حماس قد تحصلت على ضمانات دولية وإقليمية إثر اتفاق وقف اطلاق النار وسيكون من الصعب على الكيان خرقه بالكامل رغم تواصل بعض الانتهاكات من جانبه، وقد تستمر المفاوضات بشأن المراحل اللاحقة من مقاربة ترامب ومن المتوقع أن تستغرق تلك المفاوضات وقتا طويلا يمكن للمقاومة الاستفادة منه سياسيا وميدانيا، لا سيما بعد الدفع بتشكيل ميلاشوية موالية للكيان المحتل داخل القطاع لمواجهة وجس نبض مدى تواجد المقاومة وأيضا في ظل وجود بقية القضايا العالقة شديدة الخطورة والحساسية مثل نزع سلاح حماس ونشر قوة دولية وتشكيل لجنة تكنوقراط غير سياسية لإدارة قطاع غزة، فتمديد وإطالة المفاوضات بلا شك هو لصالح المقاومة سياسيا وأيضا ميدانيا.

على المستوى الميداني بقطاع غزة

كما هو واضح للعيان، فبعد سنتين من حرب الإبادة والدمار الشامل لكامل القطاع فقد كانت نتيجته فراغ مهول وذلك لغياب كل المؤسسات الحكومية والمجتمعية (غياب الخدمات الأمنية والقضاء والمجالس المحلية والمدارس مع تدهور كامل للمرافق الصحية الخ ..) بالإضافة إلى تواصل تدهور الوضع الانساني مع قلة تدفق الإعانات وتعطيلها المتعمد من جانب قوات الاحتلال، كل هذا يجعل من قطاع غزة منطقة منكوبة ومعاناة سكانها تزاداد يوما بعد يوم، ولكن في المقابل يتواصل صمود سكان غزة وأيضا صمود المقاومة وبالخصوص حركة حماس حيث تعمل على تجديد نفسها ككل مرة بعد أيّ حرب حيث تعيد تنظيم نفسها من كل الجوانب سياسيا وعسكريا ومجتمعيا فمن الواضح أن حماس تستعد للظهور مجددا ككيان الوحيد والقادر على إدارة الحياة بقطاع غزة.

إلى الأعلى
×